العلـَّة والمعلول في اللعبة السياسية اللبنانية
ربما ، ليس قريبا ذلك الزمن الذي سيصل فيه اللبنانيون إلى درجة من الأهلية والكفاءة ، تمكنهم من لعب المباريات السياسية لعبا نظيفا ، خاليا من الخشونة المتعمدة ، وتكون الروح الرياضية الحقيقية هي السائدة ..
وليس قريبا أن نجد في الملعب السياسي اللبناني ، فريقين متباريين ، من ذوي الأداء الماهر والمتميز والفني ، دون أن نجد عند كل واحد منهم ما يشبه " العاهة " في مكان ما من جسده ، تعيقه عن أن يكون لاعبا تنطبق عليه " المواصفات العالمية " وشروط " الإيزو " كعلامة للجودة " الفائقة " ..
وليس قريبا ذلك الزمن الذي سيلعب فيه اللبنانيون مبارياتهم السياسية ، " على الطريقة الليبية القذافية " ، فيختلط الجميع في ساحة الملعب ، الجمهور واللاعبون وآلاف الكرات المتنوعة والأدوات الرياضية " المحضة " ، المناسبة لجميع أنواع الرياضات البدنية منذ الولادة وحتى الممات المؤكد ..
وليس قريبا أن يتمكن اللبنانيون من لعب مبارياتهم السياسية ، بدون حكام دوليين ، ولا مراقبين دوليين ، ولا مشجعين دوليين ، ولا محرضين دوليين ، ولا موجهين دوليين ، ولا أوصياء دوليين ، ولا شركاء دوليين ..
وليس قريبا ذلك الزمن الذي سيكون فيه اللبنانيون قادرين على الاستغناء عن " خدمات الغير " المشكورة جدا ، وعن " نصائح وإرشادات وتمنيات" ، " الدوائر الإقليمية والدولية " الصغرى والكبرى والمتوسطة ، وعن تدخل كل مراكز التدخل السريع والبطيء ، ومراكز الدراسات والاستشارات الاستراتيجية والفهلوية ، التي تصب كلها في خانة احترام " سيادة لبنان وحريته واستقلاله " ..
وليس قريبا ذلك الزمن الذي سيتوقف فيه بعض اللبنانيين عن الارتهان مع أطراف دولية ، ضد مصالحه ، لأن ذلك هو أحد الأسباب الرئيسة في العلل الكثيرة المزمنة ، التي يشكو لبنان منها ..
وليس قريبا أن نجد اللاعبين السياسيين منضبطين مع الإيقاع الموسيقى لمعزوفات النشيد الوطني ، وترانيم الوصلات الغنائية الفردية والأوبرالية ، فيما يتعلق بالشؤون القانونية والدستورية التي كفلتها دساتيرهم ، وتطالبهم بالانصياع لها واحترامها والعمل بموجبها .. كل بمقدار مسؤوليته الوطنية ، وحجمه الوطني ، وأبعاد أطرافه المترامية على بوابات العواصم والقصور وشواطئ العراة ..
فهم الذين توافقوا على دستورهم الأول بعد الاستقلال ، والثاني في " الطائف " ، وهم الذين يختلفون في كل شيء فيهما ..
فيختلفون في قراءتهما ، وفهمهما ، وتعليلهما ، وتفسيرهما ، وتطبيقهما ، وفي كل الأوقات والظروف ..
وهم الذين يبحثون هنا وهناك عن منافذ للهروب من تحت السيطرة القانونية أو الدستورية أو الأخلاقية أحيانا ..
وليس قريبا أبدا .. ذلك الزمن الذي يتلاقى فيه اللبنانيون على موقف سواء ، وكلمة سواء ، ولعبة سياسية سواء ، وعلى " رَواء "..
وليس قريبا ذلك الزمن الذي يكف فيه بعض اللبنانيين عن انتهاج سياسة " الارتزاق " التي تتطلب منهم بيع كل شيء ، حتى الشعب والوطن والأرض ، في سبيل المال القذر ..
لكنه ، وربما ، ليس بعيدا جدا جدا :
أن يتعالى اللبنانيون فوق الجراح ، وينضوون تحت ضغوط معينة ، يحتمها مستقبلهم ووحدة كيانهم ، للسير باللعبة السياسية ، بطريقة آدمية ، حضارية ، تتآلف فيها كل ألوان طيفهم ، ونسيجهم ، وتكوينهم ، ليكون لبنان ، وقتها ، لبنانا حقيقا ، بشرتنا به قبل سنوات طويلة ، السيدة فيروز ..
وأن يتنادى السياسيون ، في الفريق المنتخب من جميع لاعبي نوادي الدرجة الأولى ، ليلعبوا لعبتهم على المكشوف ، ويعيدوا أتمتة نظامهم ، لعل في ذلك خدمة لهم ، ولمحازبيهم ، وللبنانهم ، ولبناننا الذي نهوى ، ونؤمن ، ونتمنى ، وبالتالي لجميع مواطنيهم ..
الأربعاء ـ 26/01/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق