الأحد، 16 يناير 2011

حوارية كتابية بانورامية مع صديقتي ..

كتبت لصديقتي :

تراودني فكرة أن أكتب شيئا عن قصصنا القديمة ..

ما رأيك ؟؟

كتبتْ : ليس هناك مشكلة عندي .. لكن ما الذي يدفعك لاستحضارها بعد كل هذه السنين ؟؟

كتبتُ ـ في ذاكرتي ، أنها شيء يشبه السراب الجميل ،

في طريق صحراوي ..

كتبتْ : كانت ذكرى لطيفة ، فيها شيء من السحر على بساطتها ..

كتبتُ : ساعديني ، بأن تكتبي لي انطباعاتك الداخلية عنها ، وأحاسيسك ومشاعرك التي لم تجودي بها عليَّ وقتذاك ، كي يكون حديثي عنها واقعيا أكثر ..

كتبتْ : ما زلت أحمل كثيرا منها بين ضلوعي وفي وجداني .. لكن ....

كتبتُ : لماذا كانت علاقتنا قوية بهذا الشكل الذي وصفتِه ؟؟

قالت : السبب برأيي أننا كنا ـ نحن الإثنين ـ كأننا في طريق سفر مضن ٍ ، والتقينا ، وجمعتنا محطات لطيفة ..

ما رأيكَ أنتَ ؟؟

قلت : كتبت رأيي آنفا .. لكن ، يا سلام على كلامك المعبر والحلو !!

قالت : أنا ، دائما أعرف متى أقرأك .. وكيف أقرأك صحيحًا ..

قلت : لأني واضح ، ومباشر ..

قالت : لم أقل غير ذلك ..

ـ هل عذبكِ حواري ؟؟

ـ لا ، بالعكس .. لقد ملأ خيالي بتداعيات لطيفة ..

لكني سأذهب لأحضر في دار الأوبرا ، احتفالا لتكريم الفنان وديع الصافي في عيد ميلاده ..

ـ سلميلي عليه .. قوليلو : صباح الخير ..

ـ صار المسا ..

ـ كلو متل بعضو ..

ـ ليش يا ترى ؟؟

ـ المسا متل الصبح ، والصبح متل المسا ..

ـ من ناحيتي : أنا مشتاق لك .. ليش ما بعرف ..

ـ طيب حاضر .. المهم ، إحساسنا نحنا بالوقت والزمان والمكان ..

ـ أنا دايما إحساسي بالصباح أجمل ، لكن ، بالمساء أرْوَق ..

ـ أنا بشوف الإثنين حلوين ..

ـ عندما يكون شعورنا بالحياة حلوا ، يصير كل شيء حلوا .. والعكس صحيح ..

ـ طبعا .. وبرأيي : المحبة هي عنوان الجمال والحلاوة ..

ـ المحبة سيدة الكون كله ..

ـ والمحبة ليست هي العشق والغرام فقط .. المحبة هي : محبة كل شيء في الحياة ..

ـ وبدونها ، صورة الحياة بالأبيض والأسود ..

ـ فعلا ..

ـ أنا أحب المحبة أكثر من الحب .. فالحب جزء هام من المحبة .. لكنه أضيق بكثير ..

ـ أنا متفقة معك ..

ـ ولولاها ، ما أرسِلَ الأنبياء .. ولا كانت الأديان على اختلافها .. ولما عاش الأزواج وأنجبوا ..

ـ نعم .. نعم ..

ـ بالحب لا يتعايش الأزواج .. يتعايشون بالسكينة والانسجام ..

ـ كلام جميل ..

ـ وبالحب ، لا يكون الإنسان مسؤولا عن أسرة وعيال .. وحدها المحبة خيط نظام الكون .. إذا انقطع تنقطع معه وشائج الحياة الإنسانية ..

ـ كلامك اليوم فلسفي ، ورائع ..

ـ مو قلت لك أنا هلأ جاييني التجلـّي ؟؟ ووقت اللي بحتاج لهادا لكلام ما بلاقيه لأكتبه ..

ـ اتجلـّى على كيفك .. لأني هلأ أنا ملهمتك ..

ـ يا ملهمتي بكرامة خنجركِ العربي .. هكذا قال مظفر النواب .. ونسيت الباقي ..

أوووووه .. آسف : قال : يا قاتلتي بكرامة خنجركِ العربي ..

ـ على فكرة .. حتى مظفر النواب أو أبو عادل ، حالتو الصحية كتير تعبانة وتعيسة ..

ـ السن له حقه ع اللي ما بحس كتير .. كيف لو كان شاعر ؟؟!! وشاعر متل مظفر النواب ؟؟!!

فإذا كان كل الشعراء في التاريخ ، أجسادا لها أحاسيسها المتميزة ، فإن مظفر النواب عبارة عن كتلة من الأحاسيس المرهفة جدا ، تحتوي جسده النحيل جدا ..

مو قال المتنبي :

ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ... وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم ؟؟!!

ـ مرة حكى لي عن قصة هروبه من سجنه في العراق في السبعينيات ..

ـ هاتيها باختصار من فضلك ..

ـ هو ورفقاتو حفروا نفق في السجن ، بأدوات بسيطة جدا .. وهرب حوالي 120 سجين .. بعضهم قبضوا عليهم وأعدموهم ..

ـ أعرف أنه هرب من سجنه في العراق سنة 1972 ، لسوريا وأقام أول أمسية شعرية في مدينة السلمية .. وألقى قصيدته الشهيرة " وتريات ليلية " وبعض أزجاله باللهجة العراقية .. وكانت هذه القصيدة بلسمي في أوقات الشدة في أواخر السبعينيات وحتى منتصف الثمانينيات .. وربما يأتي يوم أروي فيه حكايتي مع هذه القصيدة ..

ـ سأعتذر منك .. فقد جاءت صديقتي لتصطحبني إلى دار الأوبرا .. نلتقي فيما بعد .. إلى اللقاء الآن ..

ـ مع السلامة ..

من الرائع أن تكون ضيفا ومُضيفا في وقت واحد .. ومثلك ، على الطرف الآخر ، يكون ضيفكَ ومُضيفكَ أيضا ..

يبدأ الحديث بلا مقدمات ولا مجاملات .. يتشعب .. يصعد .. يهبط .. يتنوع .. يوغل في الماضي ، والأحاسيس .. فتتخلص فيه من حرج العينين ، وعناء الكلمة المباشرة ..

وحين يُدَقُّ جرسُ الانشغال ، أو الانصراف ، لا يحتاج التنفيذ كثيرا من البروتوكول ..

فينتهي الحديث ـ كما بدأ ـ بلا مقدمات .. ولا مجاملات ..

الأحد ـ 16/01/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق