الأربعاء، 5 يناير 2011

ماذا يعني أن تكون ...... في بلاد .....

ماذا يعني أن تكون ...... في بلاد .....

قرأت عنوانا استفزازيا لمقال في إحدى المدونات ، وهو قابل للعكس ، لكني لا أريد أن أصوغ ما يتعاكس ويتقاطع مع ذلك العنوان الذي اختاره الأخ المدون ..

وإن كنت أتفهم القليل مما جاء في مقاله الذي يحمل في طياته شعورا ممضا من الألم والمعاناة التي يلاقيها ـ ربما ـ المدون المهاجر المذكور وغيره .. إلا أنه يوجه اتهامات ظالمة وباطلة للعرب " عامة " ، ( بتحقير قوميات أخرى ـ حسب قوله ـ " كالأتراك والكرد والبربر والأمازيق وكل الأعاجم والهنود " ) ..

وقد ظهر من مقاله مقدار تلك المعاناة التي يعيشها في بلد المهجر (( وأظنه متشاطئا مع بلده )) ، متحدثا عن اتهامات متنوعة تـُوَجَّه " للفرس " ، لا أعرف من قِبل منْ ..

فقد وقع المدون في " التعميم " من خلال سوقه التهم التي ذكرها ووجهها للعرب عموما ، وهذا ما لا يمكن أن يكون صحيحا أبدا ..

فإذا كان ما ذكره " صحيحا " ، ويحدث في مكان ما ، وعلى نطاق ضيق جدا جدا ، فإن ذلك ليس موجودا في سائر البلدان العربية الأخرى ..

فلو " هاجرتَ " ، أخي المهاجر ، إلى أي بلد عربي آخر بعيد عن الذي أنت فيه الآن ، لتأكدتَ من وجود واقع آخر مغاير تماما ، ولتغير رأيك الظالم القاسي هذا .. ويمكنك أن تسأل غيرك ممن هاجروا إلى أماكن عربية أخرى أو زاروها لمدة طويلة : هل يعانون شيئا مما ذكرته ؟؟ ..

فأنا لا أنفي وقوع ذلك بالمطلق ، وهي أقوال وممارسات مرفوضة أساسا وجملة وتفصيلا ، وإن تكن نتجت عن طول الاحتكاك والتأثيرات الإعلامية السياسية والدينية التحريضية المغرضة التي تستهدف زرع الفتنة في صدور جميع المسلمين ..

ومن الخطأ الجسيم ، أن تحكم على العرب جميعا من خلال حفنة صغيرة منهم أو ممن التحقوا بهم ، يمارسون شيئا من تعاليهم الأجوف ، وتفاخرهم الأخرق ، وربما يكون كثير من هؤلاء " مجنسين " من أصول مختلفة متنوعة ، وربما من أصول فارسية أيضا ، ففرحوا بلون جواز السفر ، ولو كان يحمل صفتهم الواقعية الحقيقية ، من خلال الإشارة إلى طريقة اكتساب الجنسية " بالتجنيس " ، فتراهم يتبخترون كالطواويس ليغطوا علة دفينة في نفوسهم المريضة أصلا ..

وليس جميع المجنسين كهؤلاء القلة ، بكل تأكيد ، ونحن نحمل للكثرة الكثيرة منهم كل الاحترام والتقدير ، لأنهم امتازوا بكل الصفات الخلقية والإنسانية ، وساهموا بشكل حضاري في إغناء وتمتين عرى التواصل والإخاء ..

وهذه التصرفات الحمقاء ليست موجهة ضد الفرس فحسب .. بل هي تطال العرب الآخرين أيضا ، ممن لا يحملون نفس جنسية هؤلاء الطواويس ، كما تطال جنسيات أخرى بنفس المقدار والرعونة ..

فالعيب متعلق بهؤلاء وبنفوسهم المتعجرفة التي لم يهذبها سلوك الكثرة الكثيرة من سواهم ، وليس العيب بالجنسيات التي يمارسون فوقياتهم المريضة العفنة عليها ..

وهنا يتولد العنوان المتعاكس مع عنوان مقالك ، لكني لن أكتبه ، بل سأسألك :

هل سألتَ نفسكَ ذاتَ سؤالك معكوسًا ؟؟

هل تعرف إجابته ؟؟

سأفترض فيك حسن النية ، وأقول :

أنا أعرفها تماما ، وأعرف أن هناك ممارسات تشبه إلى حد كبير ما تحدثت عنه في مقالك ، ولو كانت أقل ممارسة وشيوعا ووضوحا ، وأكثر هدوءا ، لكنها موجودة بكل تأكيد ..

ولو كان الوافدون العرب عمالا في إيران كما هو حال أكثر الإيرانيين في الدول العربية المجاورة ، لكان في الأمر قول آخر لا يطرب له الأخ المدون العزيز ..

فكم هي نسبة الإيرانيين العاملين في الدول العربية المجاورة مقارنة بعدد سكانها ؟؟

وكم هي نسبة العرب العاملين في إيران مقارنة بعدد سكانها ؟

لا بأس ..

إن الخلل السكاني القائم له تأثيرات سلبية كثيرة ، ليس ههنا مجال بحثها .. لكن لا بد من الإشارة إليها على أنها أحد الأسباب التي يستند إليها بعض المتعجرفين لإظهار تذمرهم من الوافدين المنتمين لهذه الجنسية أو تلك ، والتي أيضا ، لا يسلم منها العرب عمومًا ، من بعض العرب ، حتى صارت كلمة " وافد " سُبَّة يستوي فيها العربي والهندي والفارسي والبلوشي ... إلخ .. باستثناء أبناء العم سام ، ـ"" تغمده الله بواسع رحمته "" ـ وكأن المهاجرين الوافدين يعيشون في قمة الهناءة والسرور على حساب المواطنين .. إلا أن الوقائع الحقيقية تنفي ذلك نفيا مطلقا ..

ولا أريد الدخول في مماحكات لا يستفيد منها سوى المتربصين شرًّا ، بنا جميعا ..

وإن كنت أستهجن كل ما يصدر عن الطرفين من إساءات تجاه الآخر ، وألفظه وآمل عدم وجوده ، وأدعوهم إلى التزام مبادئ الإسلام السمحة التي لا ترى فرقا بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى .. وأن يتواضع لله أولئك الذين يمارسون عنصرية مقيتة على العمالة الوافدة ، والتي لولاها لماتوا جوعا وعطشا ..

بقي أن أذكرك بأنك وقعت بشيء مما تشتكي منه : فأخذت تعيب أو تستهجن أو تستنكر على العرب حمل رسالة الإسلام وكأنك تجهل أو تتجاهل أن الله سبحانه وتعالى هو الذي اختار حَمَلة رسالته العظيمة ومكانها ولغتها ، وهو العليم الأعلم بما ستؤول إليه تلك الدعوة .. أليس كذلك أخي العزيز ؟؟!! وعليه ، فلا يستوي كلامك مع هذا الاختيار الإلهي ..

ثم إن الإسلام دين للعالمين وليس للعرب وحدهم .. والجميع مأمور بتمثل مبادئ الرسالة وحملها والدفاع عنها .. فإذا قصّر البعض في ذلك ، كان على الآخرين أن يملؤوا الفراغ ..

وأيضا ، هل يجوز أن نحرق البيدر كله لنتخلص من عقرب تسلل إلى أحشائه ؟؟!!

الأربعاء ـ 05/01/2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق