المنظر الأول : لبنان :
إن القرار المتخذ أمريكيا ، والذي تجري فصوله التنفيذية ، يقوم على فرضية أنه :
1 ـ من غير المسموح للبنان أن يستقر أو يهدأ أبدا ، ما دام حزب الله قويا ، ويشكل تهديدا حقيقيا للمشاريع الأمريكية ، وبالتالي للصهاينة ..
وأي استقرار ، ولو كان مؤقتا ، يشكل انفراجًا داخليا كبيرا ، " لا يستحقه حزب الله ، ولا يجوز له أن ينعم به ، بل يجب أن يبقى محاصرا ، مضغوطا " ..
وكلما اشتد الخناق على حزب الله ، ازداد اطمئنان الكيان الصهيوني على نفسه ـ حسب رأيهم ـ ..
2 ـ يجب أن يكون في لبنان حكومة تؤيد ذلك المشروع ، وتكون عونا لأصحابه على تسويقه داخليا وطائفيا ، والعمل على تنفيذه بالدقة المطلوبة ، وحسب التسلسل الزمني المناسب ..
وهم مستعدون لإراقة ماء الوجه على أبواب النواب وسياسيي الصف الأول والثاني والعاشر ، وتسويق مواقفهم سياسيا وإعلاميا ، ودفع الفواتير المستحقة لهم .. حتى والقيام بدور كلاب الحراسة إذا اقتضى الأمر ..
3 ـ يجب أن يبقى لبنان منقسما أفقيا وعموديا ، ومعطلا على الدوام ، وأن تتتالى الأزمات فيه توالي موج البحر الهائج .. على أن تتراكم كلها ، لتزيد الانقسام انقساما ، والاحتقان احتقانا ، والبؤس بؤسا ..
4 ـ يجب أن تبقى الحكومة مشلولة الأداء على كافة الصعد ، وأن تبقى خلافاتها عِصيًّا في عجلاتها ، وأن يبقى التناكف السياسي والطائفي والمذهبي ، عنوانا لكل مناقشاتها وقراراتها ..
ويجب أن يبقى الوزراء اللبنانيون منشغلين بكل شيء ، إلا :
ـ بوزاراتهم وشؤونها التنموية والتطويرية ..
ـ وبواجباتهم في خدمة المواطنين وتسيير مصالحهم ..
أي : أن يكون هناك حكومة ، وفقط ..
لكن ، يجب ألا تحكم ، وألا تملك أي سلطة حقيقية ..
فالحكومة كرتونية ، والوزراء بلا سلطات ..
فهي غير قادرة على معالجة تنامي مبلغ الدين العام الهائل .. ولا هي قادرة على توفير الأمن والهدوء ، لتأمين مناخ سياحي يرفد الخزينة ، ويحرك النمو الاقتصادي على صعيد المواطنين ..
5 ـ المطلوب من لبنان ، وحزب الله تحديدا ، أن يستسلما كما استسلم بشير السودان ..
بذلك ينجو حزب الله ، كما ستنجو رقبة البشير من أحكام محكمة العدل الدولية التي اتهمته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية .. " يا لطيف " ..
وقد ألمحت أمريكا إلى البدء باتخاذ إجراءات إلغاء محكمة البشير وإسقاط التهم عنه ، وإلغاء العقوبات عنه وعن بلاده بعد أن رضخ لتجزئتها ..
6 ـ جنبلاط بيضة القبّان " الفاسدة المفسِدة ، المقيولة ، المهزوزة ، المتأرحجة ، المتذبذبة " ذو المواقف الملتبسة دائما ، كي يميز نفسه عن ملامح الآخرين ، ودروبهم ، إمعانا في جشع يتملـّكه عند المقايضة ..
فهو :
خلال وجوده في الموالاة ، كان يقاتل بأحد عشر نائبا ..
أما في ردته الأخيرة المُمَوَّهة ، فهو يُمَنـِّي المعارضة بأربعة نواب فقط !! ..
وقد بدأت عليه ملامح التبرؤ النهائي من المعارضة ، بعد أن قال :
" الجو عاطل جدا .. ولا يحملنني أحدٌ أيَّ مسؤولية .. لأن الرئيس السوري أعطاني حرية التحرك ، لكن حصلت أمور سلبية جدا " ..
" وهذه هي كلمة الحق التي يُراد بها باطل " ..
7 ـ إن عدم انقسام الشعب والمحافظة على الوحدة الوطنية ، كالاستقلال تماما .. يؤخذ ولا يعطى ، ولا يُنتظر الاستقلال من أمريكا ولا من فرنسا ولا من غيرهما ، لأن لجميع هؤلاء مصلحة كبرى بالبقاء تحت هذا السقف ..
ـ ينحقن بعض اللبنانيين ، بحقنات أمريكية ، في العضل والعروق ، فيتعاركون كالديكة ، ولصالح الآخرين ، ويطلون على مواطنيهم بمؤتمرات صحفية ، ينفثون فيها " أريجهم " تباعا في جوقة متسلسلة ، وبث متواصل ..
8 ـ أمريكا هي من ستبيع كل ما يُباع ، كي تشتري كل ما يُشترى ، وتفاوض ، وتساوم لتقبض ثمن أي مبادرة أو حل ، وتجيره فورا لصالح الصهاينة ..
المنظر الثاني : سوريا :
1 ـ لأمريكا ـ الآن ـ مصالح متعددة في سوريا ، وهي مطالب أشبه ما تكون بمطالب " كولن باول " سفاح العراق وأفغانستان .. وجاء تهريب السفير الأمريكي إلى دمشق في هذا الإطار ، كفاتحة للبدء بهذا العمل ..
2 ـ فلحلحلة أي قضية على الصعيد الفلسطيني ، لا بد من سوريا .. سواء على صعيد حماس ، أو السلطة الفلسطينية ، أو مفاوضات الحل النهائي وقضاياه المعلقة ، كعودة اللاجئين وتعويضاتهم ، والقدس ، والمستوطنات ، والدولة الفلسطينية ..
3 ـ للوجود الأمريكي في العراق ، وللانسحاب المقرر منه هذا العام ، لا بد من دور سوري أيضا ، يوفر لها هدوءًا تحتاجه ، وطمأنينة تسمح لها بالانسحاب بأقل الخسائر ..
4 ـ ولتحفظ أمريكا ماء وجهها ، على صعيد مفاوضات السلام التي وعدت بها إدارة أوباما ، ولكن بحدها الأدنى الراهن ، وبما لا يؤدي إلى سلام على مدى العقود القادمة ، فلا بد من مشاركة سوريا في حال قررت أمريكا تفعيل المباحثات ، مع توفر الشريك المفاوض من الطرف الآخر ..
5 ـ على ضوء التفاهمات الأمريكية غير المعلنة مع إيران فيما يخص كلا من العراق وأفغانستان وباكستان ، فلا بد من دور سوري على خط تبريد التوتر في العلاقات الأمريكية الإيرانية للوصول إلى نقطة ضوء في نفق المباحثات الخاصة بالبرنامج النووي الإيراني السلمي ..
6 ـ بقي الأهم جدا جدا .. وهي الغايات " النبيلة " التي تريدها أمريكا من لبنان ، وفيه ..
وهذه لا يمكن أن تكون بعيدة عن التماس الحقيقي والمباشر مع سوريا ، في كل صغيرة أو كبيرة ، يستوي في ذلك حالات الهدوء والتوتر ، والانسجام والانقسام ، والسلم والحرب ، والليل والنهار ، وفي كل الفصول ، وعلى مدار الساعة ..
لماذا ؟؟
لأنه قـَدَرٌ من أقدار التاريخ والجغرافية والديموغرافية والسيسيولوجية والبيولوجية والإيديولوجية والفونولوجية والمونولوجية ....إلخ ..
وما يزال في المشهد الثاني للمسرحية الأوبامية منظران آخران ، من المملكة العربية السعودية ، ومصر العربية ..
ودمتم بخير مع إقفال الستارة بعدها ، على المسرحية الجديدة الأوبامية ، من المسرح العالمي ـ العربي ، ذي المضمون المعقول واللامعقول ..
الخميس ـ 20/01/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق