المشهد الثالث ـ وجنبلاط والمسرحية الأوبامية
ومع إعلان جنبلاط الآن ، وقوفه مع المقاومة وسوريا في الاستشارات النيابية ، ستتغير كثير من الموازين النيابية والحكومية في لبنان .. وسيكون هناك حديث آخر .. (( آملا ألا تتغير مواقفه ثانية وثالثة ورابعة حتى موعد الاستشارات )) ..
وكما كان ما بعد صدور القرار الظني مختلفا عما قبله ، ـ حسب المعارضة اللبنانية ـ كذلك سيكون ما بعد اصطفاف جنبلاط مع سوريا والمقاومة ، مختلفا عما قبله .. ((( حتى الآن على الأقل ))) ..
لكني ملتزم بإكمال المشهد الثاني من المسرحية الأوبامية ، وإن كان موقف جنبلاط الحالي ، يغير كثيرا من حيثيات وحوار المنظر الأول من هذا المشهد ..
ألم أقل : إن ما بعد إعلانه سيخالف ما قبله ؟؟!!
وهذه هي البداية ..
المنظر الثالث : السعودية :
حالها اليوم كحال القارة العجوز الهرمة ، بالنسبة لأمريكا ..
عليها كل الواجبات ، وليس لها أي حق ، أو قوة ، أو قرار ..
بدلائل :
1 ـ منذ أن طرحت مبادرتها في قمة بيروت 2002 ، ورغم أن أمريكا كانت تصوِّب باتجاه العراق ، وهي محتاجة للسعودية ودعمها المباشر والكامل وعلى كل صعيد ، فلم يكن الرد الصهيوني عليها سوى مقولة شارون : " إنها لا تساوي الحبر الذي كتبت فيه " ، تلاها فجر اليوم التالي الاجتياح الهمجي المدمر لمخيم جنين ، وكله ، تحت أنظار بوش وبدعمه ..
2 ـ لم تستطع تثبيت الحل على الساحة الفلسطينية ، رغم الأيمان المغلظة التي أداها الطرفان الفلسطينيان المنقسمان في مكة المكرمة وتي تي تي ..
3 ـ في كل البلدان الواقعة شرقها ، والتي لأمريكا ملفات ساخنة فيها ومعها ، لا يوجد للسعودية موطئ قدم فيها ، لا في أفغانستان ولا في باكستان ولا في إيران ولا في ملفها النووي ، رغم سعيها الذي استمر لسنوات ما بعد 2005 ..
4 ـ في علاقاتها مع الشقيقة الكبرى مصر ، هناك مواقف غير منسجمة أو غير واضحة المعالم ، أو : هي علاقات فاترة في أحسن حالاتها ..
فهل هي انعكاس الإخفاقات التي منيت بها في ملفات العراق واليمن وفلسطين ؟؟ ..
5 ـ في اليمن ، تدخلت وجعجعت ، ثم انسحبت بخسائر فادحة لا تليق بجيش مسلح بما قيمته كذا من مليارات الدولارات ، وبهزيمة مجلجلة ، جعلتها تركض ولا تنظر خلفها كي لا ترى ما الذي يجري وراء جبال عسير ..
6 ـ في العراق ، ضُربَتْ على يدها ، وقيل لها : ابتعدي .. هذا ليس من شأنك .. وذلك منذ أن دعا جلالة الملك السعودي زعماء العراق للاجتماع تحت عباءته ، فأبوا وتمنعوا وتطاولوا أحيانا .. تحت سمع الأمريكيين وبصرهم " على الرغم من أنه لولا السعودية ـ وباعتراف بوش ـ وما قدمته من دعم مادي وسياسي ولوجستي وغذائي ومائي وبترولي ، لما استطاعت أمريكا أن ترتكب كل هذه الجرائم والفظائع منذ عام 1990 حتى ما قبل تشكيل الحكومة العراقية الأخيرة " ..
7 ـ فهمت السعودية الرسالة الأمريكية بالنسبة للملف اللبناني ، لكن أشقاءنا اللبنانيين ظلوا متمسكين بأهداب الحل السعودي ، وتأخروا في التقاط الرسالة وحل شفراتها الأمريكية .. أو إنهم فهموها ، لكنهم لا يريدون تصديقها ..
حتى أعلن وزير الخارجية مؤخرا انسحابها رسميا من أي مبادرة تجاه لبنان ، كي ترفع الحرج عن نفسها ، وكي لا يطلب منها أحدٌ من اللبنانيين القيام بما لا تستطيعه ..
على قاعدة : إذا أردتَ أن تـُطاع ...
وهذه حالة انكفائية غير مسبوقة في السياسة الخارجية السعودية .. فهل لكل ذلك علاقة بالاصطفافات الداخلية مثلا ؟؟
فعلاوة على الموقف الأمريكي ، زادها الطنبوري نغما ، بدخول قطر على الخط اللبناني ، الأمر الذي ـ ربما ـ لا تحبذه السعودية ، ولا تقبل أن تكون موجودة في نفس المكان معها ، وربما يكون هذا هو سبب غير مباشر لإعلان الفيصل رفع المملكة يدها عن الملف اللبناني ..
8 ـ قبول السعودية لجوء " ابن علي " إليها ، بدا كأنه نكاية بالموقف الأمريكي الذي وأد فجأة ، مساعيها المشتركة مع سوريا ، وإن كنت أرى في موقفها نبلا وكرما وشهامة لا يستحقها الرئيس المخلوع ..
المنظر الرابع : مصر :
بالتأكيد ، ليس لترتيب مناظر المشهد المسرحي الأوبامي ميزة أو أفضلية ، إذ جاء المنظر الأول لبنانيا ، وأنا سوري !! ..
لكن الذي فرض الترتيب ، هو سخونة الملف اللبناني ، ثم العوامل ـ الدول ، المؤثرة فيه ..
ولو سئلت عن مصر ، لعبرت عن أسفي الشديد عن ترتيبها الحالي ، وهو ليس تعبيرا سوى عن ترتيب سياسي ليس إلا ..
وتبقى مصر ، مصر الكبرى في قلوبنا وعقولنا ووجداننا ..
تبقى مصر أختنا وأمنا وحبنا وعشقنا ..
وهي أم الدنيا ، الطاهرة الحرة المناضلة المعطاءة ، الجوادة بكل غال ونفيس علينا جميعا ..
ولولا شيءٌ من وَجَع ٍ ، يُلمُّ بها الآن ، لوَجَب علينا أن نقدمها على أنفسنا وأولادنا وأهلينا جميعا ..
فلها علينا حقوق الأم والأب والأخ الأخت ..
فقط ، لولا ذاك الوجع الذي قضّ علينا كل مضاجعنا وهدوءَنا وسكينتنا وأمننا الوطني والقومي ، وهدّدنا في حياتنا وأمننا وسلامنا ومقدساتنا وأرضنا وبحرنا وجوّنا ..
مصر .. وآآآآآآآآآآآه يا مصر ..
لكن ... هو الواقع مع شديد الأسف ..
وكأنها إحدى جمهوريات الموز النائية عن كل ما حولها .. وليس قليلا ما حولها ..
ـ فليس أهونه تقسيم السودان وتقطيع أوصاله ، والتفظيع الحاصل بجثته ، وقيام كيان يهدد أمنها المائي " نيليا " ، لأن مصر هي مصر بشعبها ونيلها ..
ـ وليس أهونه ، انكشاف أمنها القومي أمام كيان صهيوني مدجج بكل أنواع الترسانات النووية ..
ـ وليس أهونه ، العبث بأمنها الداخلي والقومي والاجتماعي والسياسي ، وانتشار شبكات التجسس الصهيونية التي تعيث فسادا وإفسادا ، باعتراف رئيس جهاز الموساد الصهيوني المنتهية ولايته ..
ـ وليس أهونه ، وإن شاء الله يكون آخره ، تفجير الإسكندرية وتفاعلاته ..
ـ وليس أهونه ، تسعير قيام المستوطنات الصهيونية ، ووقوفها ناطورا أمينا في حصار غزة..
" أسدا عليّ وفي الحروب نعامة ؟؟!! " ..
آخر الكلام : حسبنا الله ونعم الوكيل ..
الجمعة ـ 21/01/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق