قناة فضائية حكومية عربية ، تكتب في شريطها الإخباري ، وتذيع مايلي :
الزعيم الدرزي فلان الفلاني ...
الزعيم الشيعي علان العلاني .....
والزعيم البطيخي ما بعرف مين ...
ما الغاية من هذا التشريح ، في الوقت الذي يتجاهلون ، ويتسترون فيه عن ذكر صفات الأسماء التي ارتكبت بحقنا أفظع الجرائم ، ولا يصفونها بأوصافها الإجرامية الحقيقية ؟؟!!
فيكتبون أيضا : بايدن يشعر " بأمل كبير " حيال العراق لكنه نادم لغزوه عام 2003 ..
ما هذا الإعلام " الرائع " الذي يمجّد العدو ، ويهين الأخ أو الصديق ؟؟!!
ويا ألله !! .. ما هذه الصحوة الضميرية ؟؟!!
فقط .. وبعد أكثر من مليون شهيد .. وبعد التي واللتيا ، يشعرون بالندم !!..
وهل ندمهم صادق وحقيقي ؟؟ فأين هم الآن ؟؟
وكأن جيشا آخر ارتكب كل تلك الفظائع والجرائم ..
وكأن جيشا آخر ما يزال يحتل العراق وأفغانستان ..
وكأن أشخاصًا غيرهم يتدخلون بصفاقة في الشؤون الداخلية العربية من المحيط إلى الخليج !! ..
لماذا لا يصف ذاك الإعلام " الرائع " ، " شارون أو نتنياهو أو بوش أو وزير الخارجية الصهيوني أو رابين أو شامير " بما فيهم وبما يستحقونه من أوصاف ، مثلا ، حين يذكرونهم على شاشاتهم ؟؟
لماذا الحرص على أن ينهشَ كلٌّ منا لحمَ أخيه حيًّا ، وعن سابق إصرار وتصميم بغيض ؟؟!! هذا إذا لم نفتح لهم أوطاننا وعيون أطفالنا ليعيثوا فيها فسادا ..
بينما نغض الطرف ، أو نتجاهل ، أو نتناسى ـ في أحسن الأحوال ـ جرائم الأعداء بحقنا مجتمعين ؟؟ نعم .. مجتمعين ..
إن الشيء الوحيد الذي يرانا فيه عدونا مجتمِعين ، هو أننا جميعا ، جميعا ، جميعا أعداؤهم ، بكل تفاصيل أحزابنا وحركاتنا وإثنياتنا وأدياننا وطوائفنا ومذاهبنا وقومياتنا وعروقنا ..
أم إن مقياس العداوة معكوسٌ عند ذاك الإعلام الوضيع المتصيد بالماء القذر ؟؟!!
أليس التشريح والتشنيع في جسد النسيج الطائفي والعرقي المتنوِّع في بلداننا ، سيؤدي إلى مزيد من العداوة والبغضاء والانقسامات ، وستنعكس سلبا علينا جميعا ، لأننا في مركب واحد ؟؟
من المستفيد ؟؟
هل يستفيد منها سوى الأعداء الموَحَّدين ـ مع الأسف ـ في مواجهتنا رغم تشرذمهم إلى ألف ملة وملة ، وألف قومية وقومية ؟؟!!
إن أعداءنا حريصون على استمرار تناحرنا وشرذمتنا ، بل ، ويساعدوننا " مشكورين " ، " رأفة ورحمة " بنا ..
لكننا ، وجميعًا ، في مرمى طائراتهم وصواريخهم وقنابلهم الذكية والغبية ، لا فرق بيننا أبدا أبدا في ذلك ..
لماذا نتقبَّل " مبتهجين " توحُّدَهم وتجرُّؤَهم علينا ، ونرفض أي ملمح من ملامح التوحُّد بين أطراف نسيجنا العربي الفسيفسائي ؟؟!!
لماذا لا يشرِّحون هم نسيجَهم المختلف وغير المتآلف ، وهم الأخلاط الدخلاء المعتدون ؟؟
بل ، لماذا لا نعاملهم بالمثل على الأقل ؟؟!!
أي : لماذا لا نشرِّح نحن ، نسيجَهم ونفضحه ونعرّيه بما فيهم من حقائق إجرامية فظيعة وشنيعة وفاضحة ، ردا على ما يفعلونه بنا ، بدل أن نساعدهم على أنفسنا ؟؟!!
لماذا نجد ـ ولغايات سياسية واضحة ـ كثيرا من مقولاتنا ، التي تنال من هذا النسيج أو ذاك ، وتتهمه بشتى التهم الباطلة حينا ، أو المزوَّرة أو المقطوعة ، أحيانا أخرى ، من سياقها بهدف التشويه والتلفيق والتشنيع المُبيَّت ، وعن سوء نية بالتأكيد ، فقط ، لأننا متخاصمون سياسيا ..
أنا لا أدافع عن أحد ..
لكن التنابذ بهذه الطريقة يضع علاماتِ استفهام كثيرة حول المصداقية والغاية من كل ذلك ..
إننا لسنا بحاجة إلى مزيد من التمزيق والتشويه ..
فوجود النسيج العربي " القومي والديني " أمر واقع في بلداننا العربية ، ولا يمكن تجاوزه أو إلغاؤه بتعريض من هنا وتلطيش من هناك ..
إن ما يفعله عدوُّنا بنا كافٍ ، ولسنا محتاجين إلى مزيد من التجاذبات التي لا تخدم أحدا ، سوى أعدائنا ، فيصبح الضرر بنا مضاعفا ، أرضا وشعبا ..
إن كل النسيج العربي ، بكل ما فيه ، أعداء لعدونا حتى العظم .. ولن يوفر أحدا في معرض هجومه وجرائمه ..
وما يبثه الأعداء من حملات تشويهٍ وقذفٍ ، تستهدف هذا الدين أو ذاك ، أو هذه القومية أو تلك ، أو هذا المذهب أو ذاك ، إنما لتأجيج الخلافات والصراعات بيننا ..
ولا يهمّه بالتالي ، كلُّ ما فينا ، ولا يعتني بشيء منه ..
وذلك من شأن العدو وطبيعته ..
إن كلَّ ما يهمُّ أعداءَنا أن نبقى شراذمَ متناحرين متهافتين على نهش لحوم بعضنا ، ليبقى متفرجا شامتا ، مسترخيا ، متأكدا أنه سيبقى آمنا منا ، مطمئنا على مصالحه العدوانية ما دمنا على حال تشرذمنا والنيل الذاتي من معتقداتنا ..
وبالتالي ، لن يصل أحد منا إلى بر الأمان ، ولن يغيِّر أحد منا رأيَه أو معتقدَه أو تموضعَه مهما كان ..
فلماذا نكون عونا لعدونا على بعضنا وأنفسنا ؟؟!!
سواء كان ذلك بحسن نية أو بسوئها ..
لماذا نستسهل ذاك الغمز واللمز ، ونعطي عدونا تأشيرة الدخول إلى نسيجنا ، بدل أن يظل متسللا متجسسا لاهثا وراء ثغرة يدخل منها ليدس سمومه ونجاساته ؟؟
حتى إذا ما ظفرنا به متلبسًا بجريمته ، كنا جميعا له ، لردعه والدفاع عن أرضنا ومقدساتنا ومعتقداتنا ودفعه عن مصالحنا وحقوقنا ..
السبت ـ 22/01/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق