السبت، 26 فبراير 2011

يوم الشعب العربي العظيم

يوم الشعب العربي العظيم

هل يمكننا أن نقول : إن كل ما نشاهده في المدن العربية من انتفاضات شعبية وثورات واحتجاجات ، مردّه إلى فتيل انتفاضة محمد البوعزيزي في تونس ؟؟

هل يمكن تبسيط الأمر إلى هذه الدرجة ؟؟

هل كانت ثورة مصر ترجيعًا لصدى ثورة تونس ؟؟ أم إن الظروف الموضوعية كانت ناضجة ومتأزمة إلى حد الانفجار في كلا البلدين ، ولم يكن ينقصها إلا صاعق التفجير ؟؟

وما الذي جرى حتى ضغطت الثورتان التونسية والمصرية على خاصرتي ليبيا ، ليثور شعبها ضد حاكمه المهلوس المجنون المهووس ؟؟

ويوم أمس ، الجمعة ، هتف المتظاهرون في المنامة ، فتردد الصدى في بغداد والبصرة والموصل وصنعاء وعدن وعمّان ، لتلتقي أصواتهم فوق القاهرة وبنغازي وطرابلس وطبرق والبيضا وتاجوراء ، مع الصدى القادم من نواكشوط وتونس ..

يوم أمس ، كان يوم الشعب العربي الغاضب من الظلم والطغيان ..

سقط فيه عشرات الشهداء ومئات الجرحى في العراق وليبيا .. وكأن المطلوب من الشعبين أن يدفعا ثمن حريتهما مرات ومرات ..

وكما في مصر وتونس ، فإن الشعب لم يهدأ ولم يستكن لمن تعلقوا بالعربة الأخيرة من قطار الثورة ، ثم تسللوا إلى المقدمة ، وتقلدوا المناصب الأولى فيها ..

فما فعلته الثورتان أنهما بترتا رأس النظام ـ وهو إنجاز ضخم وهائل وعظيم بكل المقاييس ـ لكن بقاء الجسد العفن النخر الملوث بكل الآثام والدنس ، وتسلقه ، والقبول به لقيادة مرحلة ما بعد الثورة ، لا يمكن أن يكون في صالح الثورة أبدا ..

لأن مَن كان في صفّ الطغاة والخونة وجزءا من النظام البائد ، لا يمكن أن يكون مؤهلا لقيادة ما بعد الثورة ..

فقد رضع هؤلاء حليب التسلط والتحكم والخيانة والبغي طيلة سنوات الانتفاع من رأس النظام المقطوع ..

وهم ليسوا الآن النخبة المؤتمنة الصالحة لقيادة هذه الثورة الشعبية ، بعد أن دفعت دما غزيرا طاهرا لتحقيق هدفها الأكبر بإسقاط رأس النظام ..

وربما من الضرورة بمكان ، أن يعيد الثوار النظر فيما آلت إليه نتائج الثورة ، لتصحيح المسار ، وبتر الأيدي المتسلقة ، فليس من المقبول أبدا أن يضيع دم الثوار الشهداء ، وأن يقتلوا مرتين ، الأولى برصاص النظام المخلوع ، والثانية بحكومة من بقايا العهد البائد ، تغتال الثورة كلها وإنجازاتها الكبرى ..

وقد ضاقت السلطة الحاكمة بمصر من ثوار ميدان التحرير أمس ، ففرقوهم بالقوة ، في إشارة على إمكانية اللجوء لمزيد من العنف في تفريقهم ، لو أعاد الثوار تجمعهم للمطالبة بتحقيق بقية أهداف ثورتهم ومطالبها المحقة ، التي وضعتها السلطة على نار هادئة جدا ، هي أقرب للتسويف والمماطلة منها إلى وعود حقيقية بالتغيير المطلوب ..

وهذا سلوك طبيعي من سلطة هي " خريجة رحِم " النظام المخلوع ..

وكذلك الأمر مع ثوار تونس .. فقد خرجوا أمس مطالبين بإقالة الوزارة التي سيطر عليها رجال العهد البائد ، رغم أن الحكومة قدمت بعض " التنازلات " على طريق تحقيق مطالب الثورة ..

أما " الأخ العقيد التاريخي وولده النجيب " ، فقد خيّرا الليبيين بين أمرين أحلاهما مر :

" إما أن يكونوا مع النظام ، وإما الإبادة .. "

كما قال مندوب ليبيا في الأمم المتحدة ..

فإذا كان قصف النظام للمحتجين بالطيران الحربي سابقة أولى لم يفعلها حاكم قبله ، وتجنيده المرتزقة ضد شعبه يمثل سابقة ثانية ، فإن هذا التخيير سابقة أخرى تدلل على مدى الجنون والحماقة التي يرتكبها النظام ضد شعبه الثائر ضده ، كما تدلل على أن ليبيا ليست لشعبها وأهليها ، إنما هي لحاكمها وجلادها وأولاده " النجباء " فقط .. وفقط لا غير ..

ويجب أن نتوقع من " زعيم ليبيا الأوحد ، ملك ملوك إفريقية " مزيدا من السوابق الجنونية التي يفاجئ بها شعبه الأعزل ، وربما ليس آخرها تهديده أمس بفتح مخازن السلاح لمناصريه ، ليقوموا بمزيد من القتل والإجرام ..

فهل ينتظر الشعبَ العربيَ الليبيَ الأعزلَ ، مزيدٌ من تلك السوابق ؟؟!!

إن جنون هذا " الأخ العقيد " سابقة مفجِعة في التاريخ الحديث ، ربما يتلاقى مع هتلر وموسوليني وستالين وغيرهم ، ممن اعتقدوا أن الكون سينتهي لو لم يكونوا حكاما لشعوبهم ..

إنه الحساب العسير في يوم الشعب العربي العظيم ..

السبت ـ 26/02/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق