الخميس، 3 فبراير 2011

حان وقت الفيلة يا ملك الزمان .. سبحان الدايم

حان وقت الفيلة يا ملك الزمان .. سبحان الدايم

ملاحظات متفككة :


جدَّدَ الشعب المصري قوّته ، في ظل غياب قيادة حقيقية ناضجة ، وواعية لآفاق العمل الوطني لهذه الثورة ، مما يؤكد أن الشعب تجاوز كل قياداته السياسية وسبقهم لتحقيق الثورة على الطاغية ونظامه ، بعدما طفح بهم الكيل ، وتناثرت الإشارات من غربهم ، فتلقفوها في أوانها وفي مكانها الصحيح ، كما تلقفتها جماهير عربية أخرى ، في اليمن والجزائر والأردن والسودان ..

ولأول مرة ، ربما ، لا يكون للثورة رأس ، إنما ولدت في رحم الشعب ، وتمشي على أقدام الثائرين ، وهم أبطالها ، وهم أصحاب القرار فيها ، وما زالوا مستمرين ، ينتظرون أن توافيهم قيادة ، يسلمونها الزمام ..

2 ـ احتقان المشاعر الوطنية في الشارع المصري ، وتأزمها والتهابها إلى درجة الإهانة ، بعد فقدان كثير منها على يد النظام وأعوانه ، في تعاونه وتكامله مع عدوهم على حساب أشقائهم .. " فتضاءل الحجم الوطني والدولي " لمصر ، وتراجع كثيرا مداه وتأثيره ، حتى برزت دول صغيرة ، بحجم يفوق الكتلة الوزنية المصرية الفاعلة على الساحتين العربية والدولية ، مما أهان الشعب المصري في الصميم ..

3 ـ ثمة انفصام شخصاني في مشاريع الحركات السياسية المصرية ، فظهرت للعلن ، واهية ، ضعيفة ، مكشوفة الظهر ، تحمل في أحشائها بذور تناقض رهيب ، ما لبث أن بدأت ألسنة القيادات تتناوش على " الهبش " من الكعكة ، دون أن يقدم أحد منهم شيئا ، يساعد في الحصول الحقيقي على تلك " الكعكة " لاقتسام غنائمها ..

(( ويبدو أن هذا الأمر ينطبق على كثير من أحزاب المعارضة في البلدان العربية ، وبدا ذلك واضحا في ثورة ياسمين تونس ، مما اضطر الشعب التونسي إلى أن يجدد ثورته بعد أن أطاح بجلاده ، ليطيح بمن تسلقوا الحكم من رجال النظام البائد ، حينما لم يجدوا أحدا غيرهم في الساحة لاستلام السلطة منهم ، لضعف المعارضة ، وتشرذمها ، ومفاجأتها بما حدث ، في وقت لم تكن مستعدة فيه لاستلام السلطة بين يوم وليلة ، ظنا منها ـ في سوء تقدير ـ أن " النظام باق طويلا طويلا " .. ))

4 ـ المأساة الحقيقية ، أنه في بلد تعداده 80 مليونا ، لا يوجد فيه زخم سياسي ، يأخذ بيد هؤلاء المنتفضين ، ويسعى بهم في طريق إسقاط النظام ، وإبراز الهوية الوطنية المعادية للصهيونية وأتباعها ..

(( رغم أن كثيرا من القنوات الفضائية العربية التي تناصر الشعب المصري وعلى رأسها قناة الجزيرة (( وهذه تحسب لها )) ، تحاول تلميع واستنهاض همم رجال وقادة المعارضة ، وأن تضخ فيهم دماء وقوة ، و" تركب لهم أرجلا من قصب " كما يقال ، لكن ... مع الأسف الشديد .. لم تظهر نتائج إيجابية لكل ذلك حتى الآن .. بل ، بالعكس .. ))

فحتى الآن لم نجد ولم نسمع ، بمواقف محددة للمعارضة ، حول موقفهم من الصهاينة ، والاتفاقيات المعقودة معهم ، رغم أن الصهاينة استبقوا بالإعلان عن قلقهم على مستقبل العلاقات مع مصر ، في حال سقط النظام الحالي ..

وكل ما سمعناه ممن " يسمون أنفسهم " قيادات ، لم يحدد موقفه بعد من ذلك ، وكأن القضية لم يمض عليها أكثر من ثلاثين عاما ، وكأن .. كأن هذا الهمَّ وهذا المشروع لا وجود له في الأدبيات السياسية للمعارضة ..

وهذا يمكن أن يكون سببا رئيسيا في عدم الاستجابة المطلوبة للتظاهر المستمر والدائم ، حتى إسقاط النظام ..

وزاد الطينَ بلـَّة ، أمس ، الخطاب الثاني للا مبارك ، ودعوته للتفاوض ، فازدادت تنظيمات المعارضة انقساما على انقسام ، وقبل بعضهم دعوته المشبوهة وانخدع بها ، ربما ، عن حسن نية أو سوء نية ، ورفضها آخرون ..

لكن الشرخ الكبير وقع ..

5 ـ قدّم النظام المصري كل المصالح الخارجية على المصلحة الوطنية ، على أساس أن المزيد من الضغط على الشعب المصري لن يفت في عضده ، " كون خدّه معتادا على اللطم " ، ولن يصل به الأمر إلى ما وصل إليه ، وهو الذي احتمل كل ذلك ، قادر أن يحتمل أكثر ، لكن : شاء ذلك ، أو أبى ..

6 ـ إن النظام المدعوم من أمريكا والصهاينة ، الذين ساعدوه في ضلاله وجبروته بما يخدم مصالحهم ، بقي هو في موقع مَنْ يلحس قفاه ويتلمظ كالكلب الأمين ، يقود ما يسمى " جبهة الاعتدال العربية " ، التي أيدت المصالح الخارجية على حساب مصالحنا الوطنية والقومية ..

7 ـ وبالتالي لم يسمح النظام المصري بوجود حياة سياسية فعّالة ، ولا أحزاب سياسية ذات حضور حقيقي ، ولا مناخ سياسي وفكري وثقافي يساعد على وجود أو بروز أي معارضة تذكر لنظامه ..

وهذا هو الذي أضفى على ثورة الشعب المصري عفوية صادقة تنضح من قلب مكسور ، وعقل فجّره الظلم والفقر السائدان على مساحة أرض الكنانة ..

8 ـ إن نظاما متجذرا بالعمالة والخيانة والطغيان ، لا يمكن أن يُقضى عليه بمظاهرات لا تعكس في حجمها وتعدادها الملايين التي يتشكل منها الشعب المصري ..

فالقاهرة وحدها تضم أكثر من 15 مليونا ، وكان يجب أن يخرج في مسيراتها ما لا يقل عن خمسة ملايين متظاهر ، حتى يكون في ذلك رسالة قوية للنظام وللعالم ، بأن الشعب قرر إنهاء النظام ، بالضربة القاضية التي لا ترد ، ويستحيل الوقوف بوجهها ..

9 ـ إن خيبة الأمل في النخب الثقافية والسياسية المتفرجة أو السلبية ، جعل الانقضاض على الانتفاضة أمرا ميسرا للفئات المنتفعة من النظام ، كما حدث مساء أمس ، تحت سنابك الخيل ، وأخفاف البعير ..

وأتوقع ، أن الفيلة ستكون سيدة الموقف اليوم ، في ميدان التحرير ..

10 ـ الجماهير التي خرجت ، أدت واجبها بكل صدق وأمانة ، لكني سأبقى قلقا على إنجازاتها ، حتى نرى مصر الجديدة العزيزة الأبية في مكانها ومكانتها من قلوبنا جميعا ..

تحيا مصر ..

تحيا الأمة العربية ..

الخميس ـ 02/02/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق