الجمعة، 4 فبراير 2011

مصر نموذجا للعفوية الصادقة

مصر نموذجا للعفوية الصادقة

قبل كل شيء ، لا بد من توجيه أعظم تحية إكبار وإجلال للشعب العربي في مصر ولشهداء انتفاضته ، لوقوفه صفا واحدا ضد نظام العمالة وأزلامه ، كما لا بد من أن نؤكد على ضرورة الاستمرار في حشد كل الطاقات البشرية المتاحة ، حتى إسقاط هذا النظام .. والتوجه إلى العلي القدير أن يحفظ مصر وشعبها من كيد " بلطجية النظام " ومن الأعداء المتربصين ، ومن العملاء الخونة للشعب والوطن والأمة ..

ملاحظات على هامش الثورة الجديدة المتجددة :

من خلال متابعة متقصية لشاشات التلفزة التي تبث أخبار الثائرين المصريين ، طازجة ، وعلى مدار الساعة ، يمكن للمتابع أن يسجل عددا من الملاحظات السريعة التي تتصف بها تلك المسيرات الانتفاضية التي تعم مدن مصر العربية ، لإسقاط نظام العميل المتآمر ..

أولا : سلمية هذه التظاهرات التي لم نلحظ فيها ما يمكن أن يحدث في مثل هذه الحشود .. ولولا أزلام النظام وزبانيته ، ما فقد الشعب المصري بعضا من فلذات الأكباد ..

ثانيا : خلو المسيرات من الرايات واللافتات والشعارات الحزبية التي يتجمع حولها مناصروها أو محازبوها .. إلا في حالات ضيقة جدا لا تعكس أعداد المتظاهرين الحقيقية ..

ثالثا : إن المواطنين الذين نشاهدهم في ساحة التحرير ، مثلا ، يفترض أن غالبيتهم العظمى من البيئة المدنية القاهرية ، ويفترض أيضا ، أن تبدو عليهم ملامح النعمة المدنية القاهرية .. بينما نشاهد العكس ..

رابعا : إن المتظاهرين في المدن المصرية الأخرى لا يختلف وضعهم عن متظاهري القاهرة ..

خامسا : اشتراك " الخيالة والهجانة " قبل يومين ، في ترويع المتظاهرين ، مشهد غير مألوف في مثل وقتنا الحاضر ، الذي تتسلح فيه الشرطة ورجال التدخل السريع بأحدث المعدات التي تساعدهم على تنفيذ مهامهم ضد الشعب ..

سادسا : تكررت كثير من المواقف الرسمية المصرية المتخبِّطة والمْباغـَتة ، بما يجعلها شبه متطابقة مع السيناريو الذي جرى تنفيذه في تونس الشهر الماضي ..

سابعا : لقي المتظاهرون دعما شعبيا عربيا وعالميا كبيرين ، وخرج كثير من المناصرين ، في عواصم العالم تأييدا لهم ..

ثامنا : تأخر الموقفان الأمريكي والأوربي حتى عبّرا عن انحيازهما للجموع الثائرة ضد فرعون مصر ، بعدما تيقنوا أن الشعب المصري قال كلمته ، وانتهى الأمر ..

تاسعا : خسر الصهاينة صديقا عزيزا لهم ، برحيل " بن علي " عن تونس ، لكنهم ، أعلنوا " الحداد الرسمي لأجل غير مسمى " حزنا على " اللا مبارك " .. ولم يكتفوا بذلك ، فاستنجدوا بمن يساعده ويساعدهم على إنقاذه من براثن " الرعاع والغوغاء " ..

عاشرا : موقف الجيش المصري كان سلبيا جدا إزاء المتهجمين على ميدان التحرير ، وليست الحيادية أن يقف متفرجا على الدماء المصرية يهدرها أنفار مأجورون مرتزقة ..

أحد عشر : كان السيد عمر سليمان في مقابلته التلفزيونية أمس ، كمن يجلس أمام قاضي التحقيق ليدلي باعترافاته الإجرامية ، فبدا مهيض الجناح ، مستسلما ، تعروه ذلة النظام وانكساره وانتهاؤه وتلاشيه ، كونه أحد أهم أركانه ..

اثنا عشر : بسرعة غير متوقعة ، وصل صدى صوت المتظاهرين لعدة عواصم عربية ، منها الحليف للموقف الأمريكي ، كما في الجزائر واليمن ، ومنها الأردن ، الذي وقع اتفاقية " سلام " مع الصهاينة .. فلجأت إلى المساحيق التجميلية الاستباقية ، تحسبا ليوم آتٍ ، لا ينفع الظالمين ظلمُهم ..

بعض الدلالات :

الأولى : دلالة واضحة وأكيدة على أن هذا التظاهر سلمي وعفوي مئة بالمئة ، ويشارك فيه خليط من المواطنين ، غير متجانسي العقيدة السياسية أو الدينية ..

الثانية : إن في هذا الخليط غير المتجانس ، تكذيب مباشر لادعاءات ومزاعم البعض ، بأن الإخوان المسلمين يسيطرون عليها ..

الثالثة : إن المتظاهرين ينتمون إلى الطبقة الساحقة المسحوقة من أبناء الشعب ، الذين تبدو عليهم بشكل واضح ، علائم سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها غالبية أبناء الشعب المصري جراء السياسات الخرقاء للنظام الفاسد ..

الرابعة : ليس للأحزاب المصرية الرئيسية وجود حقيقي في ميادين التظاهر ، وكأنها ، ليست أقل مباغتة بها من النظام نفسه .. وإن كانت استدركت هذا الأمر بعد وقت ..

الخامسة : التفَّ الهلع الصهيوني مما ستخبئه لهم أيام المستقبل القريبة ، كالأنشوطة حول رقابهم ، فغامت الرؤيا عن بصيرتهم وبصرهم ، وهم يتخبطون في حيص بيص ..

السادسة : حين يصبح النظام على كف عفريت ، يلجأ إلى إحراق مراكب العودة ، فيستوحش ، ولو أحرق الأخضر واليابس ، ويستأسد ، ولو كان متأكدا أنه نمر ورقي وليس كرتونيا ، حتى ..

السابعة : وهي الحقيقة الوحيدة الأكيدة ، التي لا تقبل جدالا ولا نقاشا ، ولا مناورة ولا مداورة ، ولا تجميلا ولا تسويفا ، بأن إرادة الشعب لا تقهر ..

ولن أزيد ..

جمعة الرحيل ـ 04/02/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق