السبت، 12 فبراير 2011

أوباما والفرعون المدحور والحرية

أوباما والفرعون المدحور والحرية

1 ـ في الفعل :


مساء أمس ، كانت الولادة الجديدة الحقيقية للثورة العربية ، الولادة التي ناضلت من أجلها ، مصر كلها ، وكان أن تحققت إرادتها العظيمة ، فاقتلعت فرعونها من جذوره ، بمدّ طوفانها البشري العظيم ..

مساء أمس ، تغير لون الحياة ، فصار أزهى وأبهى بعدما أطل " النائب " إطلالته الأخيرة ، ليعلن للملأ " تكرم وتفضل " سيده بالتنحي عن منصب رئيس الجمهورية ، في إشارة خسيسة ، تنم عن مزيد من الصلف والتعجرف والتكبر ، على إرادة الشعب ، كل الشعب ..

فلم يتنحَّ الفرعون نزولا عند رغبة الشعب العظيم وإرادته .. بل " تكرّم ، وتفضّل " على شعبه بهذا التنحي ، حتى ليظن السامع أن هذا التنحي جاء ، عزوفا من الفرعون عن السلطة التي لا يريد الشعب منه مغادرتها ..

بدا وكأنه يضحي بالرئاسة من أجل شعبه ، وليس مدحورا بقوة الشعب وإرادته ..

هذه هي أفاعيل الفراعنة والأباطرة المتكبرين على شعوبهم ، والمستهينين بقدرتها على صنع التغيير ..

لقد كان وجه الفرعون الثاني "عمر سليمان " ، وهو يعلن قرار رئيسه ، وكأنه ينعى الشعب المصري كله في حادث زلزالي قاهر ، فبدا منهكا ، ممتقعا ، مهزوما ، كسيرا ، ذليلا ..

بينما ، كل ما في الأمر ، أن الشعب العربي في مصر ، فاض به الكيل بأفاعيلهم وظلمهم وجورهم وخستهم وعمالتهم ودناءتهم وكشف عوراتهم للعدو والتحالف معه ضد أشقائه وأهله وإخوته ..

كل ما في الأمر ، أن الشعب العربي في مصر انفجر ، بعد أن ضيّقوا حوله الأرض والبلاد ، وسدوا الآفاق في وجه حريته ومستقبله ، بكثرة ما أذلوه وأهانوه وسرقوه وشوهوا أصالته وانتماءه العربي الأكيد ..

كل ما في الأمر ، أن الشعب العربي في مصر ثار ، بعد طول صبر ، على محاولات تغريبه وصهينته وأمركته ، ليسترد مكانه ومكانته في محيطه العربي الطبيعي ، بعدما استطاع النظام بقوة عملائه وأجرائه ، أن يجيّرَهما لصالح العدو طيلة قرابة الأربعين سنة الماضية ..

2ـ في رد الفعل :

كيف ، ولماذا يريد أوباما تجزئة مفهوم الحرية ؟؟

أعجبني جدا ، ما قاله أمس ، مراسل قناة الجزيرة في واشنطن ، تعليقا على بيان أوباما ، بعد خبر انتصار ثورة الشعب العربي في مصر .. إذ قال ، بما معناه :

" كأننا كنا نستمع لرئيس آخر ، ليس رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية " ..

في إشارة واضحة على ازدواجية المعايير التي يتعامل بها الأمريكيون مع قضايانا ..

فبعد التذبذب الكبير في المواقف الأمريكية من ثورة الشعب المصري طيلة أيام الثورة ، خرج أوباما يمتدح انتصارها ، ويعتبرها فاتحة عصر جديد في الشرق الوسط ..

وإن كنا نؤيده في ذلك ، إلا أننا نود أن نسأله :

لماذا لا تتخذ ، يا سيد البيت الأبيض ، نفس الموقف من قضية الشعب العربي الفلسطيني ؟؟!!

لماذا تؤيد أنت وإداراتكم المتعاقبة ، قتله وتشريده وسحق قضيته وإرادته في حياة حرة يستحقها ، ككل شعوب الأرض ؟؟

لماذا تدعم إدارتك ، والإدارات التي سبقتك ، الكيان الصهيوني في حربه الإبادية ضد الشعب العربي الفلسطيني ؟؟

ألا يستحق الشعب العربي الفلسطيني الحرية التي تراها للشعب المصري ؟؟ " وقد نالها واستحقها رغما عن كل مواقفكم منه " ..

لماذا لا يكون لك ، يا سيد البيت الأبيض ، نفس الموقف من الحكومة الصهيونية التي شنت حروبا واعتداءات على الشعب الفلسطيني واللبناني في عهدك الميمون ، فقط لأنهما يريدان حريتهما من صهاينتك ؟؟!!

لماذا لا تدعم الشعب اللبناني ضد الصهاينة محتلي أرضه ؟؟

لماذا لا تدعم الشعب السوري ضد الصهاينة محتلي أرضه ؟؟

لماذا لا تدعم الشعب العراقي ضد نظامك الذي دمر أرضهم ، ونهب خيراتهم ، واستحل دماء أكثر من مليون شهيد قضوا بسبب سياستكم الرعناء الإجرامية ؟؟

لماذا لا تدعم الشعب الأفغاني ، وتتركونه له شأنه ، ليقرر مصيره بنفسه ؟؟

لماذا ترزحون بقواتكم على أرض العراق وأفغانستان كالقضاء الذي لا يُرَدّ ؟؟

أليست قضية الحرية واحدة ؟؟

لماذا تكيلون بألف مكيال ومكيال ؟؟

لماذا تعادون كل من يعادي الصهاينة القتلة المحتلين الغاصبين ، وتؤازرون كل من يؤازرهم ؟؟

أليس الصهاينة هم من يحتلون الأراضي العربية ، ويشردون شعبها ، ويرفضون عودته إلى دياره وأرض آبائه وأجداده ؟؟

لماذا تظهرون وتؤيدون " قضايا الحرية " حين تكون بعيدة عن المصالح الصهيونية ، وتتنكرون لها حين يكون ذلك ماسّا بمصالح أولئك الأوغاد الدخلاء ؟؟

هل تتجزأ قضايا الحرية في العالم كما يحلو لكم ؟؟

أهذه هي المبادئ " الإنسانية " التي تنادون بها ؟؟

هل يجب أن ننتظر حتى تخرج من البيت الأبيض ، لتعترف بحقوق الشعب العربي الفلسطيني ، كما فعل غيرك ؟؟

هل للبيت الأبيض سحره الذي لا يسمح لسيده بقول الحق والانصياع له ؟؟

لماذا خرجتَ من جلد الرئاسة الأمريكية ، تؤيد الحرية للشعب المصري مثلا ، ولا تريدها للشعب الفلسطيني ؟؟

على كل : لا يُلام " أبو حسين أوباما " وبين الحكام العرب مَن هو مثل الفرعون وعباس وبن علي ... الذين هم معادون لشعوبهم ، وأقرب إلى أعدائها منها ..

ختاما ..

بوركت ثورة الشعب العربي في مصر ..

لكنه لم تنته مهمتكم أيها الشعب العظيم ..

فما يزال درب الحرية الحقيقية أطول من المرحلة الراهنة ..

الآن بداية الطريق الصحيح ، وقد بدأ بالخطوة الأولى : دحر الفرعون ونظامه ..

لكن المعركة مع الحرس القديم ، ستكون شرسة ، ولن تحسم لصالحكم إلا بمزيد من الصبر والعناد والتأكيد على الثوابت الثورية التي خرجتم من أجلها ..

عشتم ، وعاشت ثورتكم المجيدة ..

السبت ـ صباح اليوم الأول من حرية الشعب العربي في مصر ـ 12/02/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق