الثلاثاء، 22 فبراير 2011

القذافي : أنا لست مبارك ولا ابن علي

القذافي : أنا لست مبارك ولا ابن علي

في المقالات التي نشرَتْ تزامنا مع ثورتي : تونس ومصر ، لو استبدلنا اسميهما ، بأسماء دول الشعوب الثائرة اليوم ، في كل من : " ليبيا أو اليمن أو البحرين " ، فهل تختلف الصورة كثيرا عن سابقاتها ؟؟

ألا نجد أن السيناريوهات المنفذة حتى الآن ، هي عبارة عن نسخ شبه متطابقة مع بعضها ، في الظروف ، والأسباب ، والتسلسل الزمني ، والتتابع المكاني ؟؟

إلا أن الثوار ضد " القذافية الدموية " ـ ولسوء الحظ ـ نالهم النصيب الأوفر " والمتميز " من " جنون قائد بلادهم السابق " ..

وهذا ليس جديدا عليه .. إنه سلوك شنيع " تمتع " به طيلة سنوات حكمه ، وعلى كافة الأصعدة ، حتى لم يسلم منه ديننا الإسلامي ، وفكرنا وترائنا وعقائدنا ..

إن إمعان النظام الليبي في حجب جرائمه عن كاميرات التلفزة والصحافة ، وقطع الاتصالات ، يجعل من القليل الذي نشاهده ، عن تلك الجرائم ، جزءا يسيرا جدا من الفظائع التي يرتكبها المرتزقة وبعض أفراد الجيش المنتفعين ، بحق الشعب العربي الليبي ، وهو يدافع عن حقوقه وحريته ..

ولم يكن خطاب " السيف الأجرب " قبل ليلتين ، إلا المسمار الأخير في نعش النظام ، إلى جانب كونه وثيقة دموية إجرامية عنجهية ، يمارسها النظام الليبي ضد شعبه ، المحروم الصابر ، الذي يستحق خيرا من جلاديه ومرتزقتهم وجلاوذتهم ..

لقد جاء خطاب " ابن ملك الملوك المتوّج على العرش الإمبراطوري " مشبعا بالتهديد والوعيد ، والتحذير بسبّابة ، هي نفسها التي ضغطت على الزناد ، فسالت أنهار الدم التي تحدث عنها القذافي الابن " مهندس القتل والموت " ، مخيِّرا الشعب والمواطنين في : الطريقة ، والسلاح ، والآلة الحربية التي يفضلون أن يُقتلوا فيها ..

وما أن عَرَف النظام ردّ فعل الشعب الثائر ، حتى استنفر مرتزقته وجيشه وطيرانه " لينثروا ورود نصرهم " على شعبهم الأعزل ، في كل المدن ، والمناطق ، وفوق كل خيام القبائل وأسقف الصفيح ..

تصوروا .. يا عالم .. يا هوووووووووووووووووو

القذافي وابناه " الأشبهان " ، يقصفون الشعب العربي الليبي بالطائرات الحربية !! ..

والذي " يجازف ويتجرأ " على أن يواريَ أجساد الشهداء ، يُدفن حيًّا مع جثثهم ، لذلك امتلأت الشوارع بالضحايا والأشلاء ، كي " يتعظ المواطنون " ويعرفوا جيدا ، قدرة النظام على البغي والقتل والطغيان .. وأن " لحم الطغاة مرّ ، وعسير الهضم " ..

فالقذافي ، ليس " مبارك ، ولا ابن علي " المخلوعين ..

أية همجية هذه التي يُصاب بها من تمَلـًّكهم جنونُ العظمة ، وكبرياءُ السلطة ، وعجرفة التصلب ، وشهوة الحكم والدم ؟؟!!

أية شريعة تجيز لهؤلاء المجرمين أن يُمعِنوا في شعبهم قتلا وإحراقا ، إلى هذه الدرجة غير المسبوقة ـ في حدود ما نعلم ـ على الأقل ؟؟!!

لقد فاقت أفعالُ القذافي وجرائمُه ، كلَّ تصوراتنا وأخيلتنا ، ولم يعد أكثرُ الناس تشاؤما من أفعال هؤلاء الطغاة المجرمين ، يصدق ما يرى ويسمع من تلك الجرائم البشعة ، التي يمكن توصيفها بأنها :

جرائم حقيقية ، ضد الإنسانية ، وضد التحضر ، وضد الأخلاق ، وضد كل الأديان السماوية ..

فلقد سمعنا عن كثير من الجرائم عبر التاريخ القديم والحديث ..

سمعنا عن القتل تحت أرجل الفيلة ، وسمعنا عن المقصلة ، وسمعنا عن التذويب في المحاليل الكيماوية ، وسمعنا عن القصف النووي الأمريكي على هيروشيما وناغازاكي ، وسمعنا عن الصواريخ العابرة والموجهة ، والقذائف والقنابل الذكية والحارقة والخارقة ، وسمعنا عن الإحراق ، وسمعنا عن القصف بالمنجنيقات قديما وحديثا ، وسمعنا عن الدبابات التي تدخل البيوت من أبوابها ، وعن الكيماوي والنابالم ...

وسمعنا عن سَمْل العيون ، والصّلب ، وتقطيع الأوصال ، واستئصال الألسنة من الحلوق ..

وسمعنا عن السَّحْل بالخيل والسيارات والدبابات والمجنزرات ..

سمعنا عن الخوزقة ، وبقر بطون الحوامل ..

سمعنا عن الاغتصاب والتنكيل ..

سمعنا عمن يُجبَرُ على قتل بنيه قبل أن يُقتل ..

سمعنا ، وسمعنا ، وسمعنا ..

لكننا ـ والحمد لله ـ عشنا حتى شاهدنا منذ قريب ، كيف يهجم " الهمجيون الجدد " بالجمال والخيول على المتظاهرين سلميا ، وشاهدنا فوقهم استعراضا جويا تهديديا تحذيريا ، وشاهدنا إطلاق الرصاص الحي والمباشر في الميادين والساحات العربية الثائرة من المحيط إلى الخليج ..

لكننا لم نر طائرات حربية تقصف مواطنينها المتظاهرين بالقنابل والصواريخ ..

إنها سابقة تاريخية ـ كما أظن ـ يجب أن تسَجَّلَ للنظام الليبي القذافي ، بأحرف من " دماء قذافي الدم " ، ويجب أن تضاف إلى السجل " الحافل بالإنجازات " المماثلة له ، عبر أكثر من أربعين عاما من السياسة الرعناء ، والفكر الأخرق ، والمواقف الباهتة المتذبذبة ..

""" فما الذي بعدُ يُضاف ؟؟!!

أكلَ الذئبُ الخِراف """ ..

رحمك الله يا سليمان العيسى قبل أن يواريَك الثرى ..

وسأترحم ـ بالمناسبة ـ على النبّاشيْن المخلوعيْن السابقيْن للقذافي ، اللذين لم " يتكرما بقصف شعبهما بالطائرات " ..

ولا أدري : هل يجب أن نشكرهما على ذلك أيضا ؟؟!!

بالله عليكم ، أفيدونا ..

هل يجب أن نشكرهما ، ونترحم على أيامهما ؟؟!!

إن كثيرا من تلك الجرائم ، قد ارتكبت في حروب عدائية عدوانية ، لكن بعضها الآخر ، ارتكبته أنظمة فاشية مجرمة بحق مواطنيها وشعبها ..

لا لشيء ، سوى أن الطغاة يعادون شعوبهم ، وأوطانهم ، وهم أعداء حرية وإرادة شعبهم ..

قتلوا شعوبهم ، لا لأن مواطنيهم لا يحبون أوطانهم ..

ولا لأنهم يريدون أن يحصلوا على بعض حقوقهم المسلوبة المنتهكة ..

ولا لأنهم يريدون العيش بحرية وكرامة ..

ولا لأن الجوع عضّهم في عصر تخمة الأنظمة ..

قتلوا شعوبهم ، فقط ، لأن الشعب قال لهم :

كفى طغيانا ، فما عاد فينا طاقة على مزيد من الاحتمال والصبر ..

لأن الشعب قال لهم :

كفى هدرا وانتهاكا لكراماتنا .. فقد سحلتم بنا كل الأراضي الوسخة القذرة ..

لأن الشعب قال لهم :

كفى نهبًا وسرقة لخيراتنا .. فقد جعْنا وعرينا وسقطت عنا حتى أوراق التوت المهترئة ..

لأن الشعب قال لهم :

كفاكم تخمة على حساب جوعنا ..

كفاكم عنجهية على حساب إذلالنا ..

كفاكم عربدة وجنونا على حساب حريتنا ..

كفاكم غدرا وهدرا على حساب إنسانيتنا ..

كفاكم نهبا وسرقة على حساب لقمتنا ..

كفاكم خيانة على حساب حقوقنا وإرادتنا ..

لقد مُورست كل أفانين القتل والموت بحق شعبنا العربي من قِبل أعدائه ، وأصدقاء أعدائه ، وسمعنا عن أنواع عديدة من التعذيب ، ذاقها كثيرون ممن سُمِلتْ أعينهم ، أو قطـِّعتْ أعضاؤهم وأوصالهم ، أو انتزعت أكبادُهم ، أو اقتلعت أظافرهم ، أو دُقت وهُرست بالحجارة عظامهم ..

لكننا اليوم ، أمام مفصل تاريخي جديد ..

مفصل إنساني وحياتي كأنه منبتٌّ عن كل ما سبقه ..

وبتنا نتساءل : أهكذا هو الشعب العربي ليتولى هؤلاء الحكمَ عليه ، تنفيذا لمقولة : كيفما تكونوا يُوَلـّى عليكم ؟؟!!

ألا يستحق الشعب العربي حكاما " أرحم من أولئك الطغاة المهووسين المتسلطين ؟؟!!

أعود وأقول :

لقد دفعَنا القذافي " بشهامته المعهودة " أن نترحم على الراحليْن المخلوعيْن قبله ؟؟

فهل سيأتي اليوم الذي سنترحم فيه على " إنسانية وتحضر الطريقة " التي قاوم فيها القذافي ، رحيله وخلعه الحتمي ؟؟!!

" اللهم ، لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا " ..

الثلاثاء ـ 22/02/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق