السبت، 15 مايو 2010

من مواطن عربي سوري إلى الرئيس الأسد

تحية وسلاما يا سيدي الرئيس ، وبعد:

بلا تمهيد ولا مقدمات ولا حيثيات ولا أسباب موجبة ..

أرجوك وأتمنى عليك يا سيدي الرئيس ، أن لا تستقبل هذا الإنسان ..

ولن أقول هذا الرجل ، لأنك يا سيدي الرئيس ، أكثر من يعرفه ، ويعرف أقواله وأفعاله ، بحق نفسه وحزبه وطائفته ووطنه ، وبالتالي ، بحق أمته ، ذلك لأن سوريا هي الجزء الأهم والأشمخ في الأمة كلها ، فحين يرتكب هذا الإنسان جريمة بحق سوريا عامدا متعمدا فكأنما أجرم بحق الأمة كلها ...

أرجوك وأتمنى عليك يا سيدي الرئيس ، أن لا تضع يدك في يده ، ولا تعانقه ، ولا تجالسه ، ولا تسامحه ، ولا تفغر له ، ولا تحدثه ، ولا تطاعمه ، ولا يظلكما سقف واحد على وجه المعمورة ...

أرجوك وأتمنى عليك يا سيدي الرئيس ، أن لا تسمح له بأن تطأ قدمه تراب سورية مرة أخرى ، فهذا الإنسان لا يعاهِد كالرجال ، ولا يحارب كالرجال ، ولا يسالِم كالرجال ، ولا يهادِن كالرجال ، ولا يصادِق كالرجال ، ولا يعادِي كالرجال ..

وهناك ـ من الزعماء اللبنانيين ـ منْ عادانا كالرجال ، وسالمَنا كالرجال ..
ولأنه رجلٌ ، فتحْتَ له قلبك وصدرَك وقصَرك ، وجعلتَه أثيرا على مساحة الوطن كله ..
ومثلك ، فتحنا له قلوبنا وصدورنا ..

فأين ذاك الإنسان من هذا الرجل يا سيدي الرئيس ؟؟

لذا ، أرجوك وأتمنى عليك يا سيدي الرئيس ، أن لا تستقبل هذا الإنسان ..

نحن نعرف ـ يا سيدي الرئيس ـ كم تعاليتَ على جراحك ، حين استقبلتَ السيد سعد الحريري رئيسا لوزراء لبنان ، وكيف أثبت لهم ولغيرهم ، أن سورية هي سورية أبدا :

هي ملاذهم وليسوا ملاذنا ..
هي عمقهم وليسوا عمقنا ..
هي سندهم وليسوا سندنا ..
هي فضاؤهم وليسوا فضاءنا ..
هي نسغهم وليسوا نسغنا ..
هي حضنهم الدافئ وليسوا حضننا ..
هي أوكسجينهم وليسوا أوكسجيننا ..
هي بوابتهم وليسوا بوابتنا ..
وهذا واقع الجغرافية والتاريخ ، لا ينكره إلا جاحد مغرض ..
وأيضا ـ يا سيدي الرئيس ـ فتحت لرئيس وزراء لبنان قلبك وصدرك وعقلك وأعز القصور .. ثم قال في (إيطاليا ما لا يقال)..
ومعك أيضا ، تعالت سورية كلها فوق الجراح الثخينة التي أصيبت بها من هؤلاء الأشقاء ..
***
لكن ، أرجوك وأتمنى عليك ـ يا سيدي الرئيس ـ أن لا تستقبل هذا الإنسان ..
***
لقد قال ما قال ، وارتكب ما ارتكب ، وفعل ما فعل ، واقترف ما اقترف ..

هذا الإنسان ـ يا سيدي الرئيس ـ لم يترك كلاما يشبهه إلا وقاله بحق وطننا كله ، ولم يترك حماقة حمقاء مثله ، إلا وارتكبها بحقنا جميعا ، حتى صار على يمين جميع الألداء ، وأوغل في دمنا كثيرا جدا ، وقبل ذلك أوغل في نفوسنا ولحمنا نهشا وتفظيعا ، حتى ما عاد لجراحنا دواء ولا شفاء ..

لقد عادانا ـ يا سيدي الرئيس ـ واستعدى الخصوم والأعداء علينا ..
وهاجَمَنا ، ودعاهم للهجوم علينا ..
ونعَتـَنا ، واستنعت الأوغاد علينا ..
شتمَنا ، واستشتم من مثله علينا..
هاج وماج ، وهيج الغوغاء والحمقى علينا ..

ثم ، وباسم (السيادة والحرية والاستقلال) كاد أن يضيع لبنان كله فريسة حرب طائفية جديدة لا تبقي ولا تذر، وكأن الحرب السابقة لم ترو غليله .. ولولا تعقلُ العقلاء ، وصبرُ الصابرين المحتسبين في لبنان ، لكانت المنطقة كلها في وضع لا تحسد عليه ..

لقد عادانا باسم دم الشهيد الحريري ، لكنه لم يحترم دم الحريري ولا دم غيره ، حتى ولا دم أبيه ، ولا كل الدماء التي سُفكت في لبنان للدفاع عنه أو لتحريره حتى عام 2006..

وخلع جلده للمرة المليون ، وقلب لنا ظهر المجن ـ كما يُقال ـ وانتهك الأعراف والدساتير والقوانين في بلده ، وتجرأ على المقاومة التي كان يقول فيها شعرا غزليا ..

وليس في لبنان كله من استغل لبنان كله أكثر منه ، وكل ذلك باسم (السيادة والحرية والاستقلال) ..

ألم ينل قبلتين من كونديليزا رايس ، وتأشيرة دخول لواشنطن ؟؟
يكفيه ذلك شرفا يا سيدي الرئيس ..

فأرجوك وأتمنى عليك يا سيدي الرئيس ، أن لا تستقبل هذا الإنسان ..

***

ماذا وماذا أقول يا سيدي الرئيس ؟؟
سأتركها في القلب ....
***
سورية ـ يا سيدي ـ عزنا ، وأنت رئيسها ..
سورية ـ يا سيدي ـ وطننا الحميم ، وأنت قائدها ..
سورية ـ يا سيدي ـ شرفنا ، وأنت رايتها ..
سورية ـ يا سيدي ـ أمنا وأبونا ، أختنا وأخونا ، وأنت رمزها .
أرجوك وأتمنى عليك ـ يا سيدي الرئيس ـ أن لا تستقبل هذا الإنسان ..
ولا أظنك ستسألني عمن أتحدث ـ يا سيدي الرئيس ـ فأنت اللمّاح ، وأنت الفصيح ، لكني أربأ بنفسي أن أقرن اسمه باسمك ، وتأبى يدي وقلمي أن تكتب اسمه في صفحة يرصعها اسمك واسم سوريا الغالييْن علينا ..

أرجوك ثم أرجوك وأتمنى عليك ـ يا سيدي الرئيس ـ أن لا تستقبل هذا الإنسان ..

لا أريد أن أحلف عليك ـ يا سيدي الرئيس ـ أن لا تستقبله ..
ولا أريد أن أستحلفك ، لا بنصب قاسيون الأشم ولا بدماء الشهداء الذين صوّبَ نارَ حقده إلى شواهد قبورهم ..
ولا بدموع اليتامى والثكالى الذين ذُبح آباؤهم وأزواجُهم بدم بارد ..

ولا بصرخات من أُسِروا وعُذبوا ونُكل بهم ..

أرجوك وأتمنى عليك ـ يا سيدي الرئيس ـ أن لا تستقبل هذا الإنسان ..
***
ومرة أخرى يا سيدي الرئيس ، إذا شئت أن تتعالى على جراحاتك وجراحاتنا ـ وهذا نُبْلٌ كبير وتضحية غالية معهودان فيك ، ولا يقدمهما إلاك ، ولا يستحقهما مثله ـ فنحن معك أيضا سنتعالى على الجراح ..
فإذا تناسَيْتَ يا سيدي الرئيس غدرَ هؤلاء ، تناسيناه ..
وإذا نسيتَه ، نسيناه ..
وإذا سامحتَ ، سامحنا ..
وإذا غفرتَ ، غفرنا ..
وإذا صفحتَ ، صفحنا ..

لكن ، ولأننا نحبك ، ونحس تماما بأنك تبادلنا نفس الشعور ، فنحن على يقين بأنك لن تفعل إلا ما فيه المصلحة الوطنية والقومية العليا ، وأنك ستغلّب ذلك على كبائر الصغار ودناءاتهم ولو على حساب جراحاتك التي هي جراحاتنا..
فإن كان ولابد :
فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..

الأحد 07/03/2010
يوسف رشيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق