الأحد، 15 مايو 2011

السياسة : مواصفات ومقاييس

السياسة : مواصفات ومقاييس

مات النحاة وشيخهم ، وسيموتون ، وبقي وسيبقى في نفوسهم شيء من " حتى " ..

ويبدو أن كل السياسيين الذين ماتوا ، والذين سيموتون ، سيبقى في نفوسهم " أشياء " من هذه " اللعينة " .. شأنهم في ذلك ، شأن النحاة ، وإن كان كل منهم يغني على ليلاه ..

وما قيل ، وما سيقال في السياسة ، لا يوازن ذرةً منه كلُّ ما قاله أبو نواس في الخمرة ، مضموما إليه شعر شعراء العالم منذ أول قصيد إلى آخر قافية ..

وربما لا تكون السياسة أكثر المجالات جدلا ، أو إثارة للجدل ، فكرا وممارسة ، لكنها بالتأكيد أحد أكثرها .. وأحد أخطرها نظرا للنتائج التي تترتب على سلوكيات السياسيين وأدوارهم ومعتقداتهم وأفعالهم التنفيذية ..

ثم إن التقنيات الحديثة وانتشارها على كافة الصعد ، وفي معظم أنحاء العالم ، قد سهلت على السياسة والسياسيين لعب أدوار متنوعة ، لتحقيق مصالح ومكتسبات ..

فإذا كانت السياسة " فن الكذب " ، فهل نستطيع أن نفترض بأن كل السياسيين كذابون ؟

ولو كانت السياسة " فن الصدق " ، فهل نستطيع أن نفترض أن كل السياسيين صادقون ؟

وإذا كانت السياسة " حربا تُشَنُّ بلا جيوش ولا أسلحة " ، لكنها هي السبب الأهم لنشوب الحروب التي تستلزم تجييش الجيوش والتسليح والتسلح والتبعات الأخرى المتصلة بذلك ..

ولا بد من نتيجة بعد الحرب : فثمة خاسر ورابح على الأغلب ، وقد تكون الوساطات والمفاوضات وأنصاف الحلول نتيجة أخرى لها ..

ولا بد في كل الأحوال من " عملية سياسية " تؤطر وتقونن نتائج الحرب العسكرية ..

أما الثمن الباهظ الذي يدفعه الطرفان فهو عدد الضحايا التي يحتاجها الانتصار لموقف ، أو الدفاع عن موقف ..

وهذه المواقف ، هي سياسية بالدرجة الأولى ، وكثيرا ما لا يكون لضحاياها ناقة فيها ولا جمل ..

فهذا ينتصر على جثث الضحايا ، والآخر ينهزم على جثث الضحايا ..

توصيفات سياسية :

وتبعا للأهداف المتوخاة من كل سياسة ، يمكن أن نسوق بعض أنواعها التي لا تعد ولا تحصى ، فيقال :

سياسة صادقة وكاذبة وعادلة وجائرة ومستقيمة ومعوجّة ومأجورة وعميلة .

سياسة وطنية ، وسياسة قومية .

سياسة محلية ، وسياسة إقليمية ، وسياسة عالمية .

سياسة نفاق وغش وغدر وخيانة وتخاذل .

سياسة خديعة ومكر ودهاء وانتهاز واستغلال .

سياسة تلفيق وتآمر ومداهنة .

سياسة مسلحة ، وسياسة عزلاء .

سياسة دنيئة وحقيرة ومكشوفة ومفضوحة .

سياسة عليا ، وسياسة دنيا .

سياسة حقوق مشروعة ، وسياسة ذرائع وأباطيل .

سياسة ممانِعة ، وسياسة ممالِئة ..

سياسة سامية ، وسياسة وضيعة .

سياسة هجومية ، وسياسة دفاعية .

سياسة تحررية ، وسياسة تقدمية ، وسياسة رجعية .

سياسة منغلقة ، وسياسة منفتحة .

سياسة نظيفة ، وسياسة قذرة .

سياسة عدوانية ، وسياسة وقائية .

سياسة وصاية ، وسياسة حماية .

سياسة تخريب ، وسياسة إعمار .

سياسة تأييد ، وسياسة رفض .

سياسة داخلية ، وسياسة خارجية ........

سياسة " سياسية " ، وأخريات : اقتصادية وزراعية وتجارية واجتماعية وجغرافية وعسكرية وفنية وثقافية وعلمية وتربوية ........... إلخ ....

أين هي حدود السياسة ؟؟

أهي محدودة بالإنسان وما له ، وما عليه ؟

أم تجاوزته إلى مخلوقات أخرى ؟

ما مدى وجود السياسة في عالم البحار والفضاء والحيوان والفيروسات والتقانة والنوويات ؟؟

وإلى أي مدى يمكن أن تمارس الحيوانات سلوك السياسة بالتطبع لا بالغريزة ؟؟

ولو مارست الحيوانات السياسة ، فهل ستتطابق في ممارساتها مع الأشكال التي يمارس الإنسان سياساته عبرها ؟

وهل السياسة عصا قذرة ، كيفما أمسكت بها تلوثك ؟

أين الخلل ؟ في النظرية أم في التطبيق ؟

أين المصيبة ؟ في الفكر أم في الممارسة ؟

أهي فن الممكن فقط ؟

أم هي فن التحايل على المستحيل وشبهه ، للتمكن من بعضه ؟

أهي فن الوصول إلى أهدافك بأي ثمن ، وبأي طريق ؟

أهي إقدام وقت الحاجة ، وتراجع وقت الضرورة ؟

أليس لها غاية سوى المصالح ولو كانت ضيقة ؟

أهي علم أم فن ؟

أم هي كل ما سبق ؟؟؟؟؟

الأحد ـ 15/05/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق