كتب السيد أسامة سرايا رئيس تحرير جريدة الأهرام المصرية ، مقالا في جريدته ، بعنوان : عفواً.. الرئيس بشار ..
لقد نسختُ هنا مقاله كاملا بالنص وباللون الأسود ، وكتبت ردي في ثنايا النص الأساسي باللون الأحمر ، كي يقرأ السادة القراء كلامه وَرَدّي عليه مباشرة ..
الرئيس بشار الأسد.. مثل كل التصريحات السورية يريد أن يجمع بين متناقضين لا اتفاق بينهما ولن يكون.إيران بسياساتها الراهنة فى المنطقة، والمصالح العربية كما يفهمها أبسط السياسيين، وإذا كان الرئيس السوري مقتنعا بأنه يمكن لسوريا أن تجمع بين هذين المتناقضين, فإن التسويق الإعلامي لتلك القناعات السورية في المحيط العربي أمر لايمكن قبوله أو التغاضي عنه. فقد نقبل الاختلاف في الآراء مهما تكن, ولكن حينما تتحول إلي سلوكيات وتحركات وبرامج, تعمل سوريا مع إيران علي تنفيذها علي حساب مصالح الشعوب وأمن الدول العربية, فهذا واقع جديد, يتطلب تحركات مختلفة لا تتعامل بمثل التسامح في اختلاف الآراء. قبلتَ أم لم تقبل ، تغاضيتَ أم لم تتغاضَ ، هل تستطيع أن تقول لي أستاذ سرايا ، في أي شيء تتناقض المصالح العربية الحقيقية ـ وليس المرتبطة بالمشروع الصهيو أمريكي ـ مع السياسة الإيرانية في المنطقة ؟؟ كأن إيران تحتل فلسطين والجولان ، وتحاصر غزة ، وتعتدي على لبنان .. وهل سوريا وإيران تعملان على تقويض مصالح " الشعوب " في المنطقة ؟؟ إذا كنت تقصد بكلمة " الشعوب " بمعنى أن إسرائيل داخلة ضمنا في كلامك ، فأقول : نعم .. سوريا وإيران تعملان على تقويض سياسة الحكومة التي تحكم " الشعب الصهيوني " وليس تقويض سياسات الشعب العربي ..
وأي أمن للمنطقة المكشوفة للسلاح النووي الصهيوني حتى تهدده السياسة السورية الإيرانية ؟؟!!
أليس السلاح النووي الصهيوني يهددكم ويهددنا ويهدد كل المنطقة العربية وشعبها ؟؟
لست هنا في مجال الرد علي حديث الرئيس بشار الأسد, ولكنه فقط توضيح وبيان أصبح ضرورة من أجل حماية المصالح العربية العليا التي تتعرض للخطر من إيران وسوريا, يا الله .. قبل أن أصفق لك على نبوءتك العظيمة هذه ، سأسألك : مِن إيران وسوريا ، تتعرض المصالح العربية العليا للخطر ، ولا تتعرض هذه المصالح للخطر من إسرائيل وأمريكا ؟؟ ومن محاولة تسويق سياساتهما والعبور فوق التناقضات الحقيقية القائمة. الرئيس بشار يري في زيارة نجاد إلي بيروت تدشينا لولادة الشرق الأوسط الجديد, كما يراه أو يأمله, أو كما عمل من أجله في السنوات الأخيرة, ويريد أن يعطي إيران راية القيادة لشرق أوسط جديد. ونحن نري ما حدث في بيروت محاولة مستميتة من الإيرانيين للوجود في قلب المنطقة العربية باستخدام قضاياها الأصلية بل مصالحها الاستراتيجية وأمنها القومي لمصلحة الملف النووي الإيراني, أو باستخدام عنيف وعابث لورقة المقاومة, أو استخدام حزب الله لقمع شركاء الوطن, أو الاستخدام الأسوأ لملف الأقليات والصراعات الدينية بل الطائفية, وتحديدا السني والشيعي, وهو ملف يخشي منه أن يأتي علي ما تبقي للمنطقة من الاستقرار. ليس دفاعا عن الزيارة ، ولكن هل زيارة قادة الصهاينة إلى مصر مشروعة ومحببة ومطلوبة ؟؟ .. أنا يا سيد سرايا لست مع إعطاء راية قيادة المنطقة لإيران .. ولست ـ أيضا ـ مع إعطاء راية قيادة المنطقة لأمريكا ولا لإسرائيل .. سؤالي : لماذا لم تحافظ مصر على دورها العربي الريادي في قيادة المنطقة ؟؟ من أفقدها دورها ؟؟؟ بل ، لمن تنازلت عنه ؟؟ أليس لصالح إسرائيل ؟؟ هل سوريا من سلبتها هذا الدور ؟؟ هل أخذت مصر راية الريادة في طريق معاداة الصهيونية وأمريكا ومصالحهما العدوانية في المنطقة ، وألغت اتفاقيات الذل معهم ، ثم تباطأت سورية في السير وراء مصر العروبة والقومية والدور الحقيقي في التحرر من أولئك ومن التبعية والخنوع لهما ؟؟
الرئيس الأسد في حديثه المثير للجدل والأقاويل يري أن الدور الإيراني في المنطقة مثل الدور التركي, وليس هناك خلاف بينهما. وهذا حقيقي في جانب, وخطأ في جانب آخر, في الجانب الأول: الأتراك لهم مصالح نعترف بها, ولكن تلك المصالح لاتناقض المصالح العربية, ولاتعرض أمن العرب للخطر والتقسيم الطائفي.. وفي العراق يساعدون علي وحدة الوطن وعدم انقسامه طائفيا, والمشكلة الكردية نموذج. وهل إيران هي مع تقسيم العراق ، ومع قيام دولة كردية ؟؟!! كم مرة تناوشت إيران مع الأكراد في شمال العراق لدعمهم وإيوائهم عناصر معارضين لها ؟؟ فكيف ستدعم انفصالهم الآن ، ولديها ملايين الأكراد الذين سيطالبون بدولة لهم كجيرانهم .. فهل يعقل هذا ؟؟ ما شاء الله عليك من رئيس تحرير يا سيد سرايا ؟؟ إذا كنتَ تجهل فتلك مصيبة ، وإذا كنت تتجاهل ، فالمصيبة أعظم .. إن الدول الأربع المحيطة بإقليم كردستان متفقة على منع قيام دولة كردية مستقلة .. وهذا ما أيده الرئيس العراقي ، وقال : إنه ليس في مصلحة الأكراد قيام دولة كردية ، في محيط لا يقبل بذلك .. فهل ستجبر إيران أكرادَ العراق على الانفصال وإقامة دولة لهم ؟؟
وهم في المشكلة الفلسطينية لم يعملوا علي تجنيد ميليشيات عسكرية يستخدمونها من حين لآخر لتحقيق مصالحهم, كما يحدث من إيران مع حزب الله في لبنان أوحماس في فلسطين. إذن حماس وحزب الله هما الميليشيات التي سلحتهما إيران وتدعمهما .. أحسنت .. هل حماس وحزب الله إيرانيون أم عرب ؟؟ وهل دعمتهما ودخلت على الخط إلا بعد تخاذل النظام المصري في الدفاع عن الفلسطينيين واللبنانيين في وجه عدوان إسرائيل المتكرر ؟؟!! فكيف كان الأمر لو أن إيران هي التي تعتدي على لبنان وعلى فلسطين ؟؟!! ثم : ما هي المصالح التي سيجنيها شعب إيران الذي تعداده أكثر من سبعين مليونا ، من حفنة مقاتلين في لبنان وفي فلسطين ؟؟ وإذا كان الساسة الإيرانيون فعلا يعوّلون على تحقيق مصالحهم من وراء دعمهم لحزب الله وحماس ، فهم ساسة معتوهون حقا ولا يستحقون أن يقودوا شعبهم ..
ثم .. لماذا لم تستخدمهما ( حماس وحزب الله ) مصر العربية لتحقيق مصالحها مثلا ؟؟
أليست حماس مخنوقة في خاصرة مصر ؟؟!! إيران تخنقها ؟
أليست حماس هدّدت الأمن القومي المصري قبل فترة ؟؟!! هل يعقل اتهامكم هذا ؟؟ وما هذه الدولة التي اسمها مصر ، إذا كانت حماس ستهدد أمنها القومي ؟؟
يبقى هنا ، أن الهدف الذي لا تريد أن تقوله يا سيد سرايا : هو : أن إيران تساعدهما على الدفاع عن أنفسهما في وجه شرق أوسط أمريكي صهيوني ، وأنت ترى في هذه المساعدة خطرا على لبنان وعلى فلسطين ؟؟ فإلى أين تنصح هؤلاء باللجوء ، ليجدوا الأمن والأمان للشعب اللبناني والفلسطيني إذن ؟؟ هل يكمن الأمان والأمن في أحضان أمريكا وإسرائيل ؟؟ هل إسرائيل تحمي حماس والفلسطينيين من إيران مثلا ؟؟!!
حقا .. إنك كمن لا يرحم ، ولا يريد لرحمة الله تعالى أن تتنزل على غيره ..
.............................................................
إما إيران فقد استطاعت التمركز في لبنان باستخدام الطائفة الشيعية وحزب الله, أيضا .. الحقيقة التي لا تريد أن تراها يا سيد سرايا ، هي : أن اللبنانيين هم العبء على إيران وليس العكس ... تفضلوا .. لتقم مصر العروبة بدورها في دعم المقاومة في لبنان ضد إسرائيل ، وسنكون معكم ضد إيران إن تدخلت بعدئذ .. وضد كل الآخرين الذين تتعامون عن تدخلهم الآن وفي المستقبل .. وإذا كانت إيران تدعم حزب الله لأنه مجرد حزب شيعي .. فلماذا تدعم حماس ؟؟ هل تشيَّعتْ حماس أيضا ؟؟ أم إنك لا تعرف حقيقة الفكر الديني الحماسي ؟؟ عندها ، ماذا أفعل من أجلك ؟؟
والصوت يعلو الآن بالتهديد للطوائف الأخري, إما أن تكونوا معنا أوالبديل الآخر معلوم ومعروف, وليس7 آيار مايو ببعيد,كما حاول الرئيس السوري تبسيطه بأنه كان تعبيرا عن حقائق علي الأرض ترجمها حزب الله وهددنا بأنه من الممكن أن تتكرر, ويجب علي الجميع أن يعترف بها أو تتم تصفيته.. يا سيد سرايا .. كأنك تهرف بما لا تعرف .. ألم يحاول هؤلاء الذين تتباكى عليهم الآن ، تكسير عظام المقاومة ، من خلال تسليم شبكة اتصالاتها لإسرائيل ؟؟!! هل كان على حزب الله أن يبارك لهم خطوتهم التآمرية عليه ؟؟!! ألم يعترف جنبلاط أنه كان وراء كل ذلك ، خدمة لمشروع أسيادهم ؟؟!!
ومع ذلك فإن إيران لايمكن أن تختزل تاريخ لبنان وشعبه ونضاله في حزب الله مهما يبلغ تسليحه, وتبلغ قدرته علي إرهاب شركاء الوطن. وتعرف إيران قبل غيرها أن أسلحة حزب الله لم تعد موجهة إلي إسرائيل بل هي لتهديد اللبنانيين ووحدة بلادهم. شيء مضحك حقا أن يقول من هو في مركزك الصحفي ، مثل هذا الكلام ..
ولماذا تختزلُ إيرانُ تاريخَ لبنان ؟؟ ولمصلحة من ؟؟ هل ينقصها تاريخ ؟؟ أم حضارة ؟؟ وهل لبنان لقمة سائغة لإيران ؟؟
وهل أسلحتكم هي الموجَّهة ضد إسرائيل حتى تستهجن ـ مخادِعا ـ من حزب الله ألا تكون أسلحته موجهة لإسرائيل ؟؟
وهل أنت متأكد من أن سلاح حزب الله ليس موجها ضد إسرائيل ؟؟ فمن الذي واجه الصهاينة ثلاثة وثلاثين يوما ، عندما "" غامر "" حزب الله بشن الحرب على أحبابك الصهاينة ؟؟
إنه حري بمن بيته من زجاج ألا يرمي المارة بالحجارة .. أليس ذلك يا سيد سرايا ؟؟!!
هذه التناقضات التي جاء بها الرئيس السوري تجعلنا نتوجس خوفا منه, اسمعوا هذه الحماقة أيها السادة .. مصر تتوجس وتخاف من تناقضات سياسية سورية ولا تخاف من سلاح نووي إسرائيلي ولا من أميركا المسكينة التي احتلت أفغانستان ودمرته واحتلت العراق ودمرته وكادت تفعل ذلك بسوريا .. سوريا هي الدولة المخيفة لمصر .. لا بأس .. وليس من إيران وحدها. فلقد أوهمنا الرئيس بشار أنه مع المقاومة, وهذا خط أحمر لا يتخلي عنه في سياسته. ولكننا نعرف جيدا أنه عمليا ليس مع المقاومة, لا أريد أن أكون مثلك ، لأسألك أين أنتم ؟؟ ولكن أنت قبل قليل كنت تتهم سوريا بدعم المقاومة ، والآن تقول إنه ليس مع المقاومة ..
كيف يكون البارد والساخن على سطح واحد ؟؟
وإلا كانت المقاومة في الجولان لاسترداد الأرض وتحرير ما تبقي من التراب السوري أولي بجهوده ومساعيه. إنها كلمة حق ، يُراد منها باطل .. ومن قال لك إن سوريا لن تسترد الجولان ؟؟ أليست المفاوضات هي البدعة التي سنتها مصر ، وألزمنا بها المجتمع الدولي ؟؟!! وها هي سورية تسعى في طريق الديبلوماسية ، لكنك يبدو ، لم تقرأ مقولة الرئيس الأسد بأنه لا يوجد في إسرائيل شريك للسلام ؟؟!! وبقيت سورية التي حاربت مع الجيش المصري ـ عزلاء في مواجهة عدو شرس ، مدعوم من أمريكا العظمى .. لقد دعمت مصرُ عبد الناصر الثوارَ الجزائريين وحركات التحرر في كثير من بلدان العالم ، فهل نعيب ذلك عليها ؟؟ ثم إن العدو محدد ومعروف " إسرائيل " .. فلو قاتلناه على أرضنا أو على أي أرض عربية أخرى .. ما المشكلة في ذلك ؟؟ فرضا : لو كان العدو في مصر .. هل نقول ( كما تفعل السياسة المصرية الآن ) : سوريا ليس لها علاقة بالعدو الذي في مصر ؟؟ ألم يقاتل الجيش السوري مع الجيش المصري في صد عدوان عام 1956 ؟؟ هل ساعدت مصر المقاومة وعاب أحد من العرب عليها ذلك ؟؟
مع الأسف : صار ممنوعا على الشقيق أن يعين شقيقه أو ينجده ، وصار العدو أقرب وألصق لبعض العرب من بعضهم .. هل فهمت كلامي يا سيد سرايا ؟؟
ولكن إذا كانت المقاومة لحساب إيران, فيبدو أنه معها, لمصلحة ألاعيب سياسية إقليمية, تتغذي علي القضايا القومية العربية مثلما يتم استخدام قضايا العرب وهمومهم عبر التاريخ لمصلحة الاستئثار بالسلطة أو لمصلحة أهداف أخري غائبة, بينما تتأخر الحلول وقضايا العرب. عن أي قضايا قومية تتحدث يا سيد سرايا ؟؟ هل بقي للنظام المصري علاقة بما تدّعيه ؟؟ من الذي يذبح الشعب الفلسطيني في غزة ؟؟ وتحت أي مسمى هذا ؟؟ أليس هذا هو لب القضايا القومية التي تتباكى عليها ؟؟ ومن الذي سهّل وصول أمريكا وقدم لها كل عون لاحتلال العراق ؟؟
تركيا يا سيد سرايا ، رفضت مرور قوات أمريكية عبر أراضيها للعراق ، ومصر سمحت لكل الآلة العسكرية الأمريكية التي دمرت العراق ، بالمرور من قناة السويس .. أم تراها كانت إيران تتحكم بقناة السويس ؟؟!!
هل سورية وإيران ساعدتا أمريكا على احتلال وتدمير العراق ؟؟ ما رأيك ؟؟
ذكرنا الرئيس السوري بشار الأسد أن أمريكا هي صانعة التوتر والفوضي في الشرق الأوسط, وهذا صحيح تماما, ولكنه لم يتكلم مثلما شرح وحلل أن إيران هي الأخري كانت شريكا لأمريكا في احتلال العراق. وأنها الأخري صانعة الفوضي وتقود ميليشيات لضرب وقتل العراقيين بلا رحمة أو سند من قانون أو حتي مصلحة, بل للقتل والثأر التاريخي وحده. كيف لإيران أن تشارك أمريكا في احتلال العراق ؟؟ ولو فرضنا ذلك صحيحا ، كيف اشتركت أمريكا مع عدوها الأكبر في المنطقة ( إيران ) لتقاسمه غنيمة احتلال العراق ؟؟ ألم يكن احتلال العراق وأفغانستان خطة أمريكية تستهدف الضغظ على خاصرتي إيران الشرقية والغربية لتقويض النظام فيها ؟؟ ما أسهل تزوير الحقائق عندك يا سيد سرايا !! لكن ، لكل شيء ثمن ..
نحن نعرف الآن تاريخا لخروج القوات الأمريكية من العراق, ولا نعرف تاريخا لخروج القوات الإيرانية من لبنان أو تاريخا لمنع تدخل الميليشيات المسلحة إيرانيا لقتل العراقيين وتدمير عروبتهم. لا بأس .. هل ستخرج جميع القوات الأمريكية من العراق ؟؟ أم سيبقى قرابة 12 قاعدة أمريكية مزروعة ، وفيها أكثر من خمسين ألف جندي أمريكي ؟؟ .. أليس كذلك يا سيد سرايا ؟؟ أي قوات إيرانية في لبنان تريد خروجها ؟؟ هل سمع أحد بوجود جندي إيراني أو سوري في لبنان ؟؟ لو كان ذلك صحيحا لرأيت العالم كله يشير بأصابع الاتهام بدلا منك يا سيد سرايا .. فهل اشتكى اللبنانيون من وجود إيراني مسلح في بلدهم ؟؟
أما في العراق ، أدعوك للاستماع إلى تصريحات الرئيس العراقي جلال الطالباني في مقابلة مع قناة تركية ناطقة بالعربية ، حول وجود ميليشيات تدعمها إيران لقتل الشعب العراقي كما تزعم .. فهل أنت تعرف العراق وما فيه أكثر من رئيسه ؟؟ سأفيدك باختصار لما قال الرئيس العراقي : قال : إن هناك تضخيما لمقولة التدخل الإيراني في الشؤون العراقية .. وقال : إن كل السياسيين العراقيين الذين يهاجمون إيران علنا ، يتفاوضون معها سرا ، ولهم علاقات معها .. بقي أن أتساءل : لو كانت إيران محكومة بالشاه ، ولو دمّر الشاه العراق فعلا .. هل كنتَ ستجرؤ أنت وأمثالك ، على أن تجأر بصوتك كما تفعل الآن ؟؟
أما ما ذكره الرئيس السوري عن علاقات مصر بسوريا بأنه لايريد شيئا من مصر, فإن مصر تريد الكثير من سوريا الأرض والشعب والتاريخ.. سوريا التي كانت دوما سندا لمصر في صد العدوان علي المنطقة عبر التاريخ. لاتريد مصر من الحكومة السورية الآن إلا أن تكف عن لعبة التوفيق بين المتناقضات, وتسويق هذا الوهم في المنطقة. فالمصالح العربية لمصر كما هي لسوريا الشعب والتاريخ, الخط الأحمر الذي لايمكن تجاوزه أو المقامرة به. أما السياسة السورية الراهنة فقد خرجت علي هذه المصالح, وارتضت أن تمارس دورا لحساب قوة إقليمية, لايمكن أن تعمل لحساب أمن المنطقة واستقرارها. فقط سأقول وأردد بأسف : أين مصر ؟؟ وهل نترك من يؤيدنا في قضايانا ضد عدونا ، ونتمسك بمن باع كل قضاياه الوطنية والقومية ، وتنازلَ عن كل شيء للعدو ، حتى عن مظلة الأمن القومي الخاصة بشعبه ؟؟ وهل سورية ( كدولة صغيرة الحجم والإمكانيات بالنسبة لإيران ) مستفيدة أكثر من علاقتها بإيران ، أم العكس ؟؟ فما بالك بعلاقة سوريا ولبنان ، أو لبنان وإيران ( ضمن المعيار السكاني والإمكانات ) .. وهل العلاقات الدولية خالية من المصالح ؟؟ فما مصلحة مصر إذن من تبعيتها لأمريكا ؟؟
لا نريد الحديث كثيرا, فنحن حقيقة نخاف علي الرئيس بشار وعلي سوريا, ولا نريد لهما أن ينجرفا في صراعات لا طائل من ورائها, اطمئن ، ولك البشرى يا سيد سرايا ، فسوريا ورئيسها يعرفان طريقهما وعدوهما وأصدقاءهما جيدا ، ولن ينجرف أحد كانجراف نظامك .. فقد شاهدنا ولمسنا العسل الذي منـَّيتم به الشعب المصري الصابر ..
فاستقرار سوريا بل ازدهارها يهمنا شعبا وحكومة بل وطنا, فسوريا تعني لنا مصر, ومصر لدي المصريين تعني سوريا. وهذا الكلام لا يدركه البعض في سوريا, هذه بضاعتنا تردها إلينا يا سيد سرايا .. ما أنت إلا منافق ومزاود صغير في هذا الكلام ، وتغرد خارج حظيرتك .. خاصة من تستخدمهم إيران ضد مصر بل ضد القضايا العربية في العراق وفلسطين ولبنان, بل في الخليج في البحرين والإمارات وصولا إلي السعودية. هذا تهافت التهافت ، وكلام مجاني تحريضي رخيص .. فلا يمكن لسورية أن تكون ضد مصر ولا ضد أي قطر عربي آخر .. وجميع الأشقاء العرب والشعب العربي كله وفي مصر أولا ، يعرفون أن سورية لا يمكن أن تكون مع أي أحد في العالم ضد أي بلد أو شعب عربي .. سورية لن تكون إلا مع عروبتها ، وقوميتها .. وإيمانها بذلك قوي وراسخ ، لا تزعزعه افتراءاتك ولا تحريضك المكشوف ..
عد يا سيد سرايا إلى أرشيفكم التلفزيوني في فترة التسعينيات ، واستمع لزملائك في الأهرام وغيرها ، وهم يحرّضون دولة الإمارات ، ممثلة بالمرحوم الشيخ زايد رئيس الدولة وقتها خلال مقابلة تلفزيزنية ، خصّصوها لانتزاع موقف إماراتي معاد لإيران ، فردّ عليهم المرحوم الشيخ زايد بحسه القومي ، وبحكمته ، مفندا مزاعمهم ، ورافضا تحريضهم ، ومدركا مغزى التحريض الذي مارسه زملاؤك ونظامك ، خدمة للمصالح المعادية لمصالح الأمة العربية ..
نريد من سوريا أن تتدخل وتستخدم علاقاتها مع إيران لتلجيم دورها التخريبي في منطقتنا, وتساعد الفلسطينيين علي التحرر الوطني وإقامة دولتهم, لوضع حد للانقسام بين الضفة وغزة. من الذي يكرس هذا الانقسام ويرعاه ؟؟ ألم تهاجم إيران قبل قليل لأنها تساعد حماس وغزة ؟؟ ومن الذي يحاصر الفلسطينيين ؟؟ ثم ، ما هو التحرر الوطني الذي تدعيه ؟؟ أهو سلطة محمود عباس ؟؟ إما قبول حماس بسلطة محمود عباس ، وإما خنق قطاع غزة بمن فيه ؟؟!! قبل قليل كنت تعيب على حزب الله هذا المفهوم .. والآن تدافع عنه لأن مصر تستخدمه مع الفلسطينيين .. قل لي سيد سرايا : كأنه لم يمت كل من اختشى ؟؟ ..
وأن تستخدم نفوذها ولا تستخدمها إيران في تحجيم الدور العربي في منطقتنا, ثم تتباكي عليه.. وكأن الدور العربي حتي يكون موجودا أو مؤثرا يجب أن يتبع في خطواته وسياساته ورغباته الاحتياجات الإيرانية أو يدفع المنطقة للصراعات أو الحروب ضد مصالحها ومستقبلها, نريد من سوريا أن توقف الانقلاب الإيراني علي الطوائف الأخري, خاصة علي المسيحيين وسنة لبنان. سأصفق لك حقا من كل قلبي أيها السيد سرايا .. فقد بقيتْ في جعبتك طلقة واحدة ، رميتها بين أقدام المسيحيين في لبنان ، لتنفجر الأمور بتحريضك المخزي هذا .. أهذا هو دور مصر القومي ؟؟
نريد من سوريا أن تتعاون مع العرب في وقف النفوذ الإيراني . ونريد من مصر أن توقف النفوذ الأمريكي والصهيوني بشؤوننا العربية ، وأن تتوقف عن استقبال القتلة الصهاينة على أراضيها ، بينما تمنع دخول الغذاء والدواء لأشقاء الشعب المصري في غزة .. في فلسطين حتي تتمكن من إعادة لملمة الفلسطينيين معا, اللملمة التي تعنيها ليست اللملمة التي تريدها سوريا .. أنت تريد اللملمة لصالح محمود عباس وبالتالي إسرائيل .. أما سوريا فترى في ذلك تخاذلا وخيانة لأرواح الشهداء جميعا ..
وفي وحدة تحمي مصالحهم, وتحفظ ما تبقي للقضية الفلسطينية من وجود. نريد من سوريا ألا تكون يد إيران ونريد من مصر العربية ألا تكون أداة أمريكا ، وحربة إسرائيل التي تغرسها في قلب الشعب العربي .. في مساعدة الأقليات الشيعية في الخليج للاستئساد علي الاستقرار الخليجي.
وأنت قلتها : الأقليات .. منذ متى تستأسد الأقليات على الأكثريات يا سيد سرايا ؟؟ أية أقليات غبية تفعل ذلك ؟؟ ولماذا لم نسمع شكوى من تلك الأكثريات تشتكي من دعم سورية للأقليات الشيعية ضدها ؟؟
وهذا دليل آخر على أنه لم يمت كل الذين اختشوا يا سيد سرايا ..
إن فعلت سوريا ذلك فقد عادت إلي مكانتها التي عرفناها, وإلي قوتها التي ندخرها لدعم قضايا العرب.. وهذا فقط ما نريده اليوم من سوريا. حين قال الأسد إن سوريا لا تريد شيئا من مصر .. لأن النظام المصري حاليا لا يملك إلا التخاذل والهوان لمناصرته إسرائيل وأمريكا ضدنا .. سوريا تريد كل شيء من الشعب المصري .. لأن كل شيء عند الشعب المصري أصيل وعروبي ومقاوم .. هل نسيت خروج الشعب العربي المصري لمناصرة حزب الله ضد العدوان الصهيوني عام 2006 ؟؟ وهل نسيت اندفاع الشعب العربي المصري نحو كسر الحصار عن غزة ، ودعمها في مواجهة العدوان الصهيوني ؟؟ ذاك هو الشعب العربي الأصيل الذي لا تعرفه ولا تنتمي إليه لا بعملك ولا بقولك : بل يصدق فيك قوله تعالى حين خاطب نوحا ، الذي يرجوه ويستشفعه في ولده : قال تعالى : (( يا نوح ابنك ليس من أهلك )) صدق الله العظيم ..
الجمعة ـ 29/10/2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق