تموت الأحلامُ ، وتنزرعُ الصدورُ آهاتٍ تجلجلُ في الأرجاء ، فتنحني هاماتٌ كانت تصرخ عاليًا في الريح ، والرعد ، والمطر ..
ويتناسى الزمن ألاعيبَ الطفولة ، وشقاوتها ، وهرَجَها ..
وتتناسل الديدانُ في الأمعاء غير مبالية بشيء .. لترتحلَ الأمنياتُ في فضاء الذات ، عابرة محيطات ألم النفس .. وتظل الغيمة في مكانها ترتعد خوفا ، وترتجف بردًا ، ذابلة العينين ، تعلو وجهَها صفرةُ الليمون ، وعلى الشفتين شيءٌ آخرُ غير البسمة ..
تنطلق من العينين سهامٌ كالشواظ ، فتلتقي بسهام معاكسةٍ لا تقلُّ عنها التهابا .. فيقع صِدامٌ قاسٍ ، فتنطفئ النيران ، ويخبو اللمعانُ في عرض السماء ، فتقع الغيمة أرضا ، فتنبت عيدانُ الحشائش الخضر .. أتمدّدُ فوقها .. أستحمُّ بالشمس والندى ، ثم أدور حول نفسي ، أتجوّلُ ، أركضُ ، أحبو ، أزحفُ .. لكن ثمة شيئا يظل يغريني بالبقاء .. فأبقى ..
لا يلبث أن يثورَ التمرُّدُ في داخلي .. وأتردّدُ ، وأتهيّأ مجازفا ، ويطول العشبُ ويزدادُ اتساعا ، وأزدادُ تشبُّثا في البقاء ، وتزدادُ الرغبة المعاكسة ، فتنزل غيمة ثانية تفترش البقعة ذاتها ، فتكتسب خضرةً داكنة ، وتصبح الكثافة مخيفة ، فآخذ طرَفا قصِيًّّا من المكان ، أجلسُ فيه ، فلا يبدو مني غيرُ ما يعلو رقبتي ، وتجوب عيناي المكانَ ، فتريني أشياءَ لم أعهدْها ، وتكثر الأشياءُ ، فيأكلني العَجبُ ، ويمضغني بقسوة ، ويزرع الرّيبة في صدري ، فتتلاحق أنفاسي ، وتجحظ عيناي ، وتتواردُ على مخيلتي صورٌ عدة ، وأسئلة كثيرة تلحُّ في إيجاد مسوِّغ لما تراه عيناي ..
وفجأة ، تنشطرُ البقعة الخضراءُ إلى قسمين ، ويعاودُ القسمان انشطارَهما ، وتتباعدُ الأقسامُ ، فتتشكلُ ممراتٌ متصالبة ، تتساوى أضلاعُها طولا وعرضًا ..
أنهض .. أمشي .. أجِدُّ أكثر ..
كنت أخالُ المسافة قصيرةً .. أركض ، وأركض ، وأركض ..
ثمة خيالٌ لاحَ في الجزء الآخر .. لم أستطع تحديدًا له سوى أنه خيالٌ إنسانيُّ الهيئة ..
سار تجاهي بخطوات وئيدة ، ثم تسارعَ حتى صارَ عَدْوًا .. انتابني خوفٌ ، قاومْتُه في نفسي حتى أخفْتُه .. وانطلقتُ أعدو تجاه الخيال ، فأرى المسافة تزداد بُعدًا كلما شعرتُ أننا نقترب أكثر ..
ويقشعرُّ بدني وأنا أحاول معرفة صاحب الخيال ..
يفتحُ الخيالُ ذراعيْه ، قتتمدّدُ ذراعاي باستجابة تلقائية ، وتتسعُ الخطواتُ تجاهه ، فيتسلط نورٌ ساطعٌ عليه ، يبدو من خلاله هالةً منيرة ، فأتعرّف إليه ، وتعود القِطعُ إلى الالتحام .. ونلتقي على أرض واحدة ..
الأربعاء ـ 21/01/1976
ويتناسى الزمن ألاعيبَ الطفولة ، وشقاوتها ، وهرَجَها ..
وتتناسل الديدانُ في الأمعاء غير مبالية بشيء .. لترتحلَ الأمنياتُ في فضاء الذات ، عابرة محيطات ألم النفس .. وتظل الغيمة في مكانها ترتعد خوفا ، وترتجف بردًا ، ذابلة العينين ، تعلو وجهَها صفرةُ الليمون ، وعلى الشفتين شيءٌ آخرُ غير البسمة ..
تنطلق من العينين سهامٌ كالشواظ ، فتلتقي بسهام معاكسةٍ لا تقلُّ عنها التهابا .. فيقع صِدامٌ قاسٍ ، فتنطفئ النيران ، ويخبو اللمعانُ في عرض السماء ، فتقع الغيمة أرضا ، فتنبت عيدانُ الحشائش الخضر .. أتمدّدُ فوقها .. أستحمُّ بالشمس والندى ، ثم أدور حول نفسي ، أتجوّلُ ، أركضُ ، أحبو ، أزحفُ .. لكن ثمة شيئا يظل يغريني بالبقاء .. فأبقى ..
لا يلبث أن يثورَ التمرُّدُ في داخلي .. وأتردّدُ ، وأتهيّأ مجازفا ، ويطول العشبُ ويزدادُ اتساعا ، وأزدادُ تشبُّثا في البقاء ، وتزدادُ الرغبة المعاكسة ، فتنزل غيمة ثانية تفترش البقعة ذاتها ، فتكتسب خضرةً داكنة ، وتصبح الكثافة مخيفة ، فآخذ طرَفا قصِيًّّا من المكان ، أجلسُ فيه ، فلا يبدو مني غيرُ ما يعلو رقبتي ، وتجوب عيناي المكانَ ، فتريني أشياءَ لم أعهدْها ، وتكثر الأشياءُ ، فيأكلني العَجبُ ، ويمضغني بقسوة ، ويزرع الرّيبة في صدري ، فتتلاحق أنفاسي ، وتجحظ عيناي ، وتتواردُ على مخيلتي صورٌ عدة ، وأسئلة كثيرة تلحُّ في إيجاد مسوِّغ لما تراه عيناي ..
وفجأة ، تنشطرُ البقعة الخضراءُ إلى قسمين ، ويعاودُ القسمان انشطارَهما ، وتتباعدُ الأقسامُ ، فتتشكلُ ممراتٌ متصالبة ، تتساوى أضلاعُها طولا وعرضًا ..
أنهض .. أمشي .. أجِدُّ أكثر ..
كنت أخالُ المسافة قصيرةً .. أركض ، وأركض ، وأركض ..
ثمة خيالٌ لاحَ في الجزء الآخر .. لم أستطع تحديدًا له سوى أنه خيالٌ إنسانيُّ الهيئة ..
سار تجاهي بخطوات وئيدة ، ثم تسارعَ حتى صارَ عَدْوًا .. انتابني خوفٌ ، قاومْتُه في نفسي حتى أخفْتُه .. وانطلقتُ أعدو تجاه الخيال ، فأرى المسافة تزداد بُعدًا كلما شعرتُ أننا نقترب أكثر ..
ويقشعرُّ بدني وأنا أحاول معرفة صاحب الخيال ..
يفتحُ الخيالُ ذراعيْه ، قتتمدّدُ ذراعاي باستجابة تلقائية ، وتتسعُ الخطواتُ تجاهه ، فيتسلط نورٌ ساطعٌ عليه ، يبدو من خلاله هالةً منيرة ، فأتعرّف إليه ، وتعود القِطعُ إلى الالتحام .. ونلتقي على أرض واحدة ..
الأربعاء ـ 21/01/1976
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق