كالمستجير
من الرمضاء بالنار ..
بعض الأشياء تبدو ـ للوهلة الأولى ـ سهلة المنال
، إلا أن الوصول إليها يحتاج جهدا وزمنا ،
لاسيما فيما يتعلق بالمهارات والقدرات الشخصية ، التي يتفاوت الناس فيها ، بين
البراعة والإخفاق ..
من هنا فإن الحصول على رخصة قيادة سيارة
مثلا ـ خلال أقل من شهرين ، يعد " إنجازا كبيرا " حسب الأعراف السائدة
في دبي ، بينما يمكن الحصول عليها " بالمراسلة " في مكان آخر ..
ويرى بعض الظرفاء أن " الليسن
" في دبي ، أهم من أعلى شهادة دراسية ، نظرا لطبيعة الحياة الاجتماعية وظروف
العمل والسكن ، وقسوة الطقس ، إضافة إلى ندرة المواصلات العامة قبل عقدين من الزمن
....
لذا ، كان على الحاصل على هذه الرخصة
أن يُولِمَ لزملائه تقديرا لجلال الحدث وحجم الإنجاز ، وسعادته به ..
ولم يكن تجاوز الاختبارات العملية
عسيرا عليّ إلى الدرجة التي صوروها لي ، كوني حاصلا على إجازة سوق " عامّة
" قبل الثانوية العامة ، وهي تخوّلني قيادة جميع أنواع الآليات في سورية
دونما استثناء ..
أما الجديد ـ بالنسبة لي ـ فهو التدرب
على طريقةِ قيادةٍ تتوافق مع قانون صارم للسير ، لم نألفه قبلا ..
ومع الحصول على الرخصة من دبي ، وتوفر
السيارات في أسواقها ، ومع تفاوت الأسعار حسب الإمكانيات ، باتت السيارة في متناول
اليد ، وشراؤها يمكن أن يكون على الهاتف ، وتحولت النظرة إليها من حلم يراود
كثيرين ، إلى ما يشبه الخبز الساخن على مائدة إنسان مُتخَم ..
في 31/12/1992 صارت الرخصة في جيبي ،
بعدها بأسبوعين سافرت في إجازة منتصف العام ، وعدت لائذا بزميلي اللبناني نبيل ،
طالبا مساعدته في شراء سيارة ، فلم يقصّر ، وكان لكل شيء ثمنه .. فأخذني إلى مكتب
" سلفيت " لبيع السيارات ، واشتريت ما اختارها لي ..
وقبل أن أغادر بها في إجازة الصيف ،
اضطرتني للإنفاق على صيانتها ، بما يعادل قيمة شرائها مع العمولة ، نظرا لاتكالي
على نزاهة وصدق الآخرين ، فتبين أن هذه الصفات موضة قديمة ، وعملة باطلة لا يتعامل
بها تجار السوق ..
الرحلة تقطع مسافة ثلاثة آلاف كم ،
ومثلها في العودة ، وهي عابرة لأربع دول من أقصاها إلى أقصاها ..
الطريق الدولية الشرقية الشمالية في
السعودية كانت ـ وما زالت ـ موازية لخط أنابيب التابلاين ، وهي ضيقة وسيئة ومزدحمة
وغير محمية وفيها مطبات كثيرة جدا ، كأنها مصنّعة للجِمال والشاحنات وليست
للسيارات الصغيرة ، ومنذئذ باشرت الحكومة بتحسينها بواسطة ورشات متعددة ، إلا أن
الأمر ليس سهلا وهي تمتد قرابة ألفي كم من حدود الإمارات إلى حدود الأردن ، ولمّا
تنته ..
وحين وصلتُ حلب ، لم يكن وضع السيارة
أفضل مما كانت عليه ، فحاولت أن أجهزها لتحملني في طريق العودة بلا أعطال .. لكنها
أبت إلا أن تتعطل أثناء عبوري ليلا منطقة " الظليل " الأردنية ، ولم أجد
لها في الصباح " مضخة بترول " بديلة ، فذهبت إلى مدينة الزرقا ،
ليطلبوها من عمّان بضعف ثمنها تماما ..
كانت الأيام التي سبقت رحلة العودة مرهِقة
بطول السهر ومراسم الاستقبال والوداع ، تبعتها ليلة مرهِقة أخرى في " الظليل
" .. وحين دخلت الأراضي السعودية عصرا ، صار الوقت ينفد على بدء الدوام ، وما
زال أمامي ثلاثة أرباع المسافة لدبي .. فكنت أتوقف لأغفوَ أو أستريحَ بين الفينة
والأخرى ، حتى انقضت الليلة الثانية وأنا في مدينة عرعر..
ولأن العطلة الأسبوعية يوم الجمعة فقط
، صار لزاما أن أقطع ما تبقى خلال الأربع والعشرين ساعة القادمة ، إذا أردت الوصول
بلا تأخر .. لكن التعب والإرهاق نالا مني ، حتى لم يعد بإمكاني المتابعة ، فابتعدتُ
عن الطريق العام ، وتوقفتُ في ظل مبنى محطةِ ضخّ نفطِ خط " التابلاين "
الذي يؤنس وحشتنا ويبدد وحدتنا ..
وبعد أن صحوت ، دارت عجلات السيارة في
الرمل ، وانغرزت فيه ، واستحال خروجها بدون تجريفه وتفريغ السيارة ، مع كمية من
هواء العجلات ..
كل شيء في المكان لاهب .. ويومها عرفت
معنى قولهم " كالمستجير من الرمضاء بالنار " ..
ثم ، وفي عز المعمعة ، أسعفتني شاحنة
فارغة توقفتْ بجانبي ، أعطاني السائق ماء باردا ، وقال : ضع أغراضك داخل سيارتك ،
وأعطني كبلا ..
كأنَّ فيلا يجرُّ نملة .. رجوته أن
أكافئه ، فقبل مني سيكارة فقط ..
توقفتُ في محطة للتزود بالوقود قبيل
مدينة حفر الباطن بمئة كيلو متر .. كانت معظم السيارات في قيلولة الظهيرة الحارقة
، أخذتُ زوادتي من الاستراحة وكأس شاي ، وتابعت سيري باحثا في السيارة عن شريط
مسجل لوديع الصافي أهدانيه صديقي أبو حسين ، وحين نظرتُ أمامي باغتتني سيارة براد
شاحنة في مواجهتي تسد الطريق كأنها الطود الشامخ ، وهي تتجاوز سيارة صغيرة ، تنوء
بما تحمل على ظهرها ثقلا ضخم الكتلة ..
الطريق ضيقة ذات اتجاهين ، وسرعتي
حوالي 100 كم ، وكان يجب أن أتخذ قرارا وأنفذه في ثوان ليس إلا ..
في اللحظة الأخيرة ، هربتُ يمينا من مواجهة
الشاحنة ، لأن أي شيء أهون من الانسحاق تحتها ، وكانت كتف الطريق منخفضة عنه بشكل
ملحوظ ، فحصل خللٌ في عجلتي الطرف الأيسر ، وانقلبت السيارة على يسارها منزلقة على
أرض فيها كثير من الأحجار الصغيرة ، ثم استوتْ على عجلاتها ثانية بقدرة قادر أحد ،
وتوقفتْ وسط زوبعة غبارية كثيفة ، وظل المحرك دائرا ..
وما أنجاني الله منه في الذهاب قبل
مدينة " طريف " مشابه في الظروف دون النتائج ، لما وقع الآن بالتمام
والكمال ..
أطفأت المحرك ، ونزلت .. لم أكن أشعر
بأي ألم ، سوى أن خدشا بسيطا في مفصل ذراعي الأيسر نتج عن ملامسته الأرض من
النافذة المفتوحة أثناء الانزلاق ..
وتهشم الطرف الأيسر من السيارة ، وطار
الزجاج الخلفي ولم ينكسر ، وتبعثرت أغراض كثيرة تطايرت من فتحة الزجاج المخلوع ،
ومن صندوق السيارة ، وأحزنني تشوُّهُ لوحةٍ فنيةٍ كنتُ أحملها معي بالأمانة ..
توقفتْ حولي عددٌ من السيارات العابرة
، اطمأن الرجال عن حالي وساعدوني في تجميع الأغراض وتوضيبها داخل السيارة ، وقال
بعضهم : إنهم سيخبرون الشرطة عند وصولهم لأقرب نقطة كي يأتوا لمساعدتي ، وعرض
آخرون أي " خدمة أطلبها " !! ..
" وهل يحتاج الأمر إلى طلب مني
" ؟؟!! ..
شكرتهم على أي حال ، وانتظرت الشرطة ..
فتوقف قبل وصولهم رجل سعودي ، اقترح أن يحملني إلى أقرب مركز شرطة لإعطاء إفادتي
لهم ، لعلهم يقبضون على السائق المتسبب ..
أدليت بإفادتي في المخفر ، ثم جاؤوا
معي إلى موقع الحادث ، فعاينوا وكتبوا تقريرهم وأعطوني نسخة منه لتسهيل خروج
السيارة من حدودهم ، وقالوا : إنهم سيتصلون بسيارة رافعة تنقلنا إلى حفر الباطن
التي تبعد حوالي 75 كم ، لكنهم أضافوا : " لن تستفيد شيئا لأن اليوم جمعة ،
والكراجات في عطلة " ..
صار الوقت عصرًا .. ولا أحد .. بدأ
اليأس يتسلل إلي ، وأنا أدور حول السيارة عاجزا ، حائرا فيما يمكنني فعله ، وكان
فرج الله قريبا .. توقفت سيارة بيك آب بجانبي ، نزل منها شاب ثلاثيني " سوري
" ، اطمأن علي ، وعاين كل شيء ، وقال : معي قطع حديد مشغولة يتوجب علي
إيصالها ، سأوصلها وأعود إليك مع رافعة ..
لا تقلق ، لن أتأخر إن شاء الله ..
كنت حائرا أيضا .. هل أصدِّقه ؟ ولماذا
لا أصدِّقه ؟! فاحتمالات كلا الأمرين متساوية ..
لكن الأول منهما دخل في حيز التطبيق
العملي ..
حملنا السيارة إلى حفر الباطن .. دَق
باب أحد الكراجات ، فـُتح الباب الصغير عن
رجل آسيوي بثياب داخلية ، تفاهم معه ، ففتح الباب الكبير ، دخلت الرافعة ، واستنفر
عدد من العمال ، فأنزلوا السيارة ، واهتموا بها خير اهتمام في يوم عطلتهم ..
أجروا صيانة لإحدى العجلتين واستبدلوا بالاحتياط
الثانية ، وأوقفوا تسريب مياه المبرّد ، ومنعوا احتكاك الجناح الأيسر بالعجلة ،
وتأكدوا من سلامة الفرامل ، لكنهم لم يستطيعوا أن يغلقوا النافذة اليسرى لأن الأمر
يحتاج إلى عمال تصويج ولا أحد منهم موجود الآن .. كما استحال تركيب الزجاج الخلفي
المخلوع ..
كل ذلك ، ولم يأخذوا مني سوى عشرة
ريالات رغم إلحاحي ، فيما يستحقون أكثر من عشرين ضعفا على الأقل " جزاهم الله
خيرا " ، ثم اتصلوا بالشاب السوري ، فجاء على عجل ، استفسر منهم عن أوضاع
السيارة ، وقال : اتبعني ..
ليس بعيدا ، توقف ، ووقفت وراءه أمام
ورشة حدادة .. وبجوارها غرفة متواضعة قادني إليها ، فوجدته قد جهز لي حمّاما وعشاء
وشايا وباردا ، ودعاني للمبيت عنده حتى أرتاح ، وغدا أتابع .. ورفض بإصرار أن يأخذ
مني ما دفعه أجرا للرافعة ، وقال : أمامك طريق طويل ، ومعك سيارة معطلة ، والناس
لبعضها ، وهل كنت ستفعل غير هذا لو كنتَ مكاني ؟؟!!
وإذا كنتَ مصرّا على المسير ،
فبالسلامة ..
حتى هنا لم أكن أعرف اسمه .. تبادلنا
اسمينا وهاتفينا واسم الورشة ، وودعته شاكرا عرفانه ، ومضيت ..
بين قوسين : 1ـ (( وقبل أن أغادر
دبي في الرحلة التالية ، اتصلتُ به ، ذكـّرْته بنفسي ، واطمأننت عليه وأنه
موجود في ورشته ، ورجوته أن ينتظرني في موعد تقريبي قادم ..
كنت في الرحلة أنا وزوجتي والنصف الثاني من أولادي
، أخذتُ له هدية هي أقل بكثير جدا من معروفه ، ونقدته ـ بعد لأي ـ ما اعتقدته أجرا
دفعه للرافعة ، وشربنا شايه ، وغادرنا المكان بجزيل الاحترام )) ..
صحيح أن حال السيارة صعبة ، ولا جدوى
من تشغيل التكييف ، فإن الليل أرحم من هجير النهار ، لكن : ليس معي عجلة احتياطية
، ومتابعة المسير هكذا عَبَطٌ ما بعده عبط ..
تقع القيصومة بعد حفر الباطن بنصف ساعة
، توقفت بعدها أمام محل " بنشر " لشراء عجلة احتياطية ، فنهض إلي شبان
كانوا جالسين يتعاطون " شيشة الجراك " في المقهى المجاور ، قالوا :
سلامات .. سلامات .. ودعوني للجلوس معهم ، وسمعوا ـ بتأثر ـ ظروف الحادث ، فقال أحدهم : أنا أبو رائد
.. وهذه الورشة لي ـ وأومأ إلى ورشة بجانب المقهى أيضا ـ ولن أدعك تواصل مسيرك على
هذه الحال .. أنت مرهق ، والليلة ظلماء ، وسيارتك خربة ، ستضع سيارتك في الورشة ،
وسأستضيفك في بيتي ، وفي الصباح الباكر وبعد أن " نتروّق " نأتي معا ، تأخذ
سيارتك ، وأذهب إلى دوامي ، ومن يدي ليد السلامة ..
لم يناقشني ، ولم ينتظر موافقتي ..
وضعوا العجلة الاحتياطية في السيارة ، وأدخلتها
الورشة ، وركبت معه ، وعاد إلى الوراء نحو بيوت القيصومة ..
في البيت ، اعتذرتُ له عن إصراره بتناول
الطعام ، وارتميتُ منهَكا على الفراش .. وحين أيقظني باكرا ، أحسستُ كأنني لم أنم
إلا دقائق معدودات ..
وضع على الطاولة وعاء فيه عسل ، وعددًا
من رقائق خبز الصاج الساخنة ، تناولنا معًا ما تيسّر ، ومضينا إلى ورشته ، وهو يلح
إن كنت محتاجا لأي مبلغ من المال ، ولم يكفّ إلا بعد أن عرضتُ له ما أحمل من نقود
..
ومرة أخرى ، تبادلنا اسمينا وهاتفينا ،
وودّعني بحرارة عند سيارتي وهو يوصيني بالصبر ، وانطلقنا في اتجاهين متعاكسين ..
قطعتُ مسافة لا بأس بها من الطريق قبل
أن أتوقف لاستبدال العجلة الأمامية اليسرى التي انثقب " شمبريرها " ..
وبينما ظِلـِّي تحت قدميّ ، يلفحني
هواءٌ كالشواظ ، مُحَمَّلٌ بالرمال ، توقفتْ بجانبي سيارة كابريس عائلية ، نزل
منها رجلٌ يغطي رأسَه بمنشفة رطبة ، عرَفته حين اقترب مني ، لكنه لم يعرفني ، ولم
أشأ أن أعرّفه بنفسي كي لا أحرجه بتكلف البقاء معي في هذا اللهيب .. أعطاني عصيرا وماء
، وسأل إن كنت محتاجا لمساعدة ما ، فشكرته وتابعت عملي ..
بين قوسين : 2ـ (( "خالد كعكة " زميلي في المرحلة
الثانوية قبل أكثر من عشرين عاما .. يعرف شغفي بالكتب والمطالعة بعكس اهتماماته ،
فرغب أن يريَني مكتبة أخيه كنجو " الطالب في قسم اللغة العربية في الجامعة
" ، فسألني هذا عن اهتماماتي ومطالعاتي ، وذكرتُ له أسماءَ كتـّابٍ وشعراء
وروائيين ليس بينهم نجيب محفوظ ، فنظر إلى أخيه كأنه يعاتبه على تقصيره ، وأشار
عليّ بلطف ألا أهملَ رواياته " لأنه أفضلُ الروائيين العرب " ، وقد قبلتُ
نصيحته وبدأتْ رحلتي مع نجيب محفوظ بـ " اللص والكلاب " )) ..
هذا هو الأستاذ كنجو كعكة الذي لم أره مذذاك ..
يا ألله !! كم الدنيا صغيرة ؟؟!!
داخل الإمارات ، قضيت ليلة رابعة حتى
صباح الأحد ، كنت أترنح أنا والسيارة يمينا ويسارا من شدة الإعياء ، وفشلتْ
منبِّهاتُ السيارات من ورائي في إيقاظي قبل أن تصطدم مقدمة سيارتي بالحاجز الحديدي
على يمين الطريق .. فزادها الطنبوري نغما ..
هذه هي رحلتي الأولى ، التي لم أحسب
حساباتها بالصحة الكافية ، ولم أنصتْ لنصائح من أشار بضرورة السير في قافلة للتغلب
على المخاطر المحتملة ..
ولأني أغادر قبل الآخرين بيومين أو
ثلاثة ، فلم أجد رفيقَ طريق يشاركني رحلتي حسب مواعيدي ذهابا وإيابا ..
فأنا أوَّلُ مَنْ يغادر ، وآآآآآآآآآخرُ
مَنْ يعود ..
وبهذا انطبعتْ كل مواعيد رحلاتي
القادمة إلا ما شذ منها ، مراعاة لصديق يرغب برفقتي ، لكني اشترطت بعدها : أن من
يريد مرافقتي عليه أن يتقيد بمواعيدي ..
وما طلبتُ يوما رفقة أحد لاختلاف
المواعيد ..
وقد تضافرت أسبابٌ ونتائجُ وعواملُ
كثيرة لتجعلَ من هذه الرحلة أطول وأتعس وأشق ما مرَّ بي على مدار أكثر من أربعين
رحلة برية بعدها ، رغم كل ما تهيأ لي فيها من خدمات غير مرتقبة ..
فخلالها كان كل شيءٍ جديدًا عليَّ :
الطرقات الطويلة جدا وأحوالها المتردية
، ويافطات الدلالة المحيّرة النادرة ، وتنوع قوانين السير في الدول المعبورة ، وقلة
الورشات الميكانيكية ومحطات الوقود وتوزعها ، وأعراف الاستراحات والمطاعم وما لا
يُشبَّهُ " لا بالفنادق ولا بالشقق المفروشة " ..
ثم المعابر الحدودية ، وإجراءات السفر
وتأشيراته وأوراقه الرسمية ورسومه وتأميناته وتجهيزاته اللوجستية الخاصة بالسيارة
وركابها ، والمسموحات والممنوعات والمحظورات ، والجمارك والتفتيش وتفريغ الأمتعة
على الحدود وتحميلها ..
ثم أختام الخروج أو الدخول وطوابير
الاصطفاف ، والانتظار الذي لا يحده حد ، ولا يمكن أن تسأل عن سببه أو تحتج أو
تعترض ، لأن ذلك قد يكلفك تمزيق الجواز أو التوقيف ...... أو المنع من الخروج أو
الدخول في أحسن الحالات ..
ثم الاستعداد للظروف والأنواء الجوية
الصحراوية بقيظها وعواصفها الرملية و " الطوز " الذي يبطل مفعول الشمس ،
فتسود الكآبة بما يعمي البصر والبصيرة ، كما تخرّش الرمال وجه السيارة وزجاجها
وأنوارها ، بسبب قوة الاصطدام والاحتكاك بها ..
ثم آداب القيادة في طرق تسودها وتتحكم
بأمانها السياراتُ الشاحنة ، وما أدراك ما السيارات الشاحنة !! ..
حيث يمارس سائقوها " حريتهم
" على الطرقات آمنين مطمئنين من " شر السيارات الصغيرة " وغير
مكترثين ولا عابئين بها ولا بمن فيها ، ولا يرونها أكبر من حجم ذبابة على قفا كلبة
جرباء ..
وكثيرا ما سمعنا عن حوادثِ اصطدام أو تدهور
مقصودٍ يفتعله سائق شاحنةٍ ما ، لانزعاجه من سائق سيارة صغيرة ، فتكون الضحية أسرة
كاملة أحيانا ، لاسيما في ظل تخلف شديد في وسائل الاتصال ومراقبة الطرق وحمايتها
أمنيا ، ومن الحيوانات الهائمة ، عدا عن المواصفات الفنية والتعبوية التعيسة لهذه
الطرقات :
الطويلة ، العابرة في ليالي الصحراوات
العربية المدلهمة ، الشديدة الظلماء والظلمات والظلمة والظلام ..
والسلالالالام ختاااااااااام ..
الإثنين ـ 12/09/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق