يحلو لبعض الأشخاص (( الحقيقيين أو الاعتباريين أو الوهميين ، أو الذين يشتركون في صفتين من تلك أو أكثر ..)) أن يوهموا الناسَ بعسلٍ صافٍ كثير موجود في متناول أيديهم ، وأن التهامهم له آتٍ ، " قاب قوسين أو أدنى " ..
""" لكن ماذا يفعل هؤلاء الأشخاص الغيارى ، للواهمين البسطاء إذا ارتكبوا أخطاء قاتلة بحق أنفسهم ، تضيِّعُ منهم تلك " الفرصة التاريخية الذهبية الفريدة النادرة التي لن يكررها التاريخ لهم """ ؟؟!!
""" فلقد أضاعوها بحمقهم أو بغبائهم أو بتباطؤهم في اقتناصها أو بتأخرهم في فهم معناها ومحتواها " الحضاري الإنساني " الذي يستهدف راحتهم ، وحريتهم ، واستقلالهم ، ومستقبل أولادهم ، وعيشهم الرغيد """ ..
لكن الواقع ، يا سادتي ، أنه نوم أقرب للموت ، " على زبد الوعود والأحلام " ..
لأنها وعود مخملية عفنة ، تدسُّ السم بالعسل .. وتعطي من طرف اللسان حلاوة ..
فإن شككتَ بأقوالهم " المنزلة " يسارعون للحملة والهجوم ، بأنك لم تتخلص من عقدة " المؤامرة " التي ما تزال تتمسك بها ، بعد أن عفا عليها زمنك " المجعلك المبهدل " ..
وكأن مجرد التخلي عن الاعتقاد بوجود نظرية المؤامرة ، يلغي وجودها من الواقع العام أولا ، ومن دمائهم وعروقهم ووجدانهم ثانيا ..
وصاروا يؤاخذون الناس على أحلامهم وأوهامهم وتصوراتهم ، التي ما تزال في طور النطفة ..
فصار لزاما عليك أن تتأكد من نقاء توجهات وأفكار نطفتك ، لئلا تخرِّشَ وجدانهم " الطهور " قبل أن تقذف بها في رحم مدينتك وفضائك الذي تعشق ..
وإلا ، فإنهم لم يعدموا الوسيلة التي يؤدّبونك بها ، ويسلخونك حيا ، ويرمون بك في إحدى مقابرهم الجماعية المتناثرة على مساحة جرائمهم واغتيالاتهم ، وعدواناتهم التي لا تتوقف ..
إنهم يكذبون .. ويكذبون .. ويكذبون .. ويفسرون الكلام بما يحلو لهم ، ويقتطعون ما يناسبهم ، ويقوِّلونك ما لم تقله ، ويحاولون أن يمدوا لك البساط الأحمر ، وهم يستجذبونك إلى مستنقعهم الكريه ، الموبوء بكل موبقات العصر ، من غزو فييتنام حتى تهديم البيوت بالجرافات فوق رؤوس أصحابها وأطفالهم ، في الأراضي المحتلة ..
إنهم يكذبون ويدجلون ، والمطلوب منك : أن تصدقهم ..
إنهم يطبِّلون ويزمرون ويتهجَّمون عليك ، ويصفونك فورا : " بالإرهاب " إذا دهستَ نملة خطأ ..
وإذا قتلوا مئات الآلاف ، وشردوا الملايين ، ونهبوا كل شيء ، حتى تاريخك ، وتراثك ، وحاضرك ، وماضيك ، وصادروا عليك حقك في حلم مستقبلي متواضع ، بأن يكون لك بيت ، في وطن ، فوق أرض آبائك وأجدادك ، فيجب أن تأخذ لهم " تعظيم سلام " لأنهم تفضلوا وتكرموا عليك ، فشرَدوك وقاتلوك وقتلوك ومثـَّلوا بك ، وأحرقوا حتى الحجر في أرضك ، ونبشوا رفاة أسلافك من لحودهم ، ليثأروا منهم ، تفريغا لحقدهم المكنون الدفين عليك وعلى شعبك وقضيتك ..
إنهم ما زالوا يعاملوننا بزيفهم ، لأن كثيرا من قياداتنا استسلموا لغشهم وغدرهم وكذبهم ونفاقهم وإجرامهم ..
إن تجَرُّؤهم علينا ، نابع من التنازلات القيادية العربية التي تلتها تنازلات وتنازلات ، ومفاوضات خدّاعة تلتها مفاوضات مجانية نصّابة ، ولـّدتْ ذلا وهوانا وخِسّة ، نتجرّعها مع كل صباح ، لأن بعضًا من أصحاب القضية ، استسلموا لأوهام العسل ، وانساقوا ـ بمحض إرادة استسلامهم وخنوعهم ـ خلف الذئاب إلى أوكارها وأوجارها ، وباتوا فيها عزلا مقيَّدين مصفدين ، لا حول لهم ولا قوة ولا كرامة .. يطلبون الماء ، فيُعطون الصديد .. ويطلبون الطعام ، فترمى لهم " أعجاز نخل خاوية " ..
وَسّعُوا أحلامَهم ، فظنوا الدولة المنشودة ، دولة ..
إذا هي سجن أضيق من زنزانة منفردة ، في أضيق معتقل ..
ناوروا ، وتجرّعوا ذل السؤال ومهانته طويلا ، راغبين بلملمة بعض الأوصال ، وراغبين بالحفاظ على ما تبقى من ماء وجوههم المصفرة العجفاء ..
لكنهم تجاهلوا حقائق التاريخ والأمة وصراعها الطويل ، فتناسَوْا أن العدو عدو .. وليس جمعية خيرية لهم ولأمثالهم ..
كيف توهّموا ، فصدّقوا أن العدو يصير حبيبا أو صديقا ؟؟!!
أي غبي يصدق ذلك ؟؟!!
لكنهم لم يكونوا أغبياء حين صدقوهم .. بل كانوا خونة وعملاء ، مستزلمين مرهونين ، أجراء ومأجورين ، أذلاء النفس والمكانة ، فما استحقوا من عدونا " وليس عدوهم " أكثر مما استحقه خونة أمتهم وشعوبهم ، مثلهم في ذلك مثل كل من سبقهم في الخيانة الملعونة دينيا ووطنيا وأخلاقيا وإنسانيا ، فيجب أن يلقوْا نفس مصير الخونة أولئك ..
ألم يتعظوا من مصير كل العملاء الذين سبقوهم ؟؟!!
ألم يروا مصير " لحد وعملائه " بعد تحرير جنوب لبنان ، نموذجا قريب العهد بذاكرتهم الممسوحة المعطلة ؟؟!!
هل تحرر الجنوب اللبناني إلا بالدم والمقاومة ؟؟!!
أم صدقوا أكذوبتهم بتنفيذ القرار الأممي الأخرق الذي كان مضى على صدوره أعوام وأعوام ، ولم يعترفوا به أصلا كي ينفذوه طوعا ..
كيف يرمون السلاح ويستسلمون ويصدقون عدو الله ، وينتظرون خداعه وأراجيفه لهم " بدولة تملك مقومات الحياة " ؟؟
هل عدونا أحمق ومجنون ، كي يفعل ذلك مثلهم ؟؟!!
هل ألقى العدو سلاحه ؟؟!!
كيف تتجرأ أيها الأبله ، على التخلي عن سلاحك ، وأنت مهدد بترسانات سلاح عدوك ؟؟!!
أي حماقة هذه ؟؟!!
أي مهانة وصلتم لها ؟؟
وأي خزي لكم ولأمريكا التي تخلت عن مطالبة الصهاينة بوقف استيطانهم ، مجرد وقف الاستيطان ، عجزت أمريكا أن تناله من صهاينتكم ..
فماذا ستنالون بسلامكم المزعوم ؟؟!!
هل يفهم العدو بغير القوة ، وميزان البطولة ، وبذل الدم الرخيص ، وصدق التوجه نحو التحرر الحقيقي ؟؟!!
كنتم أول المقاومين ، فصرتم أول المستسلمين ..
ماذا ستنفعكم لجنة المبادرة العربية في الجامعة العربية ، إذا كنتم أنتم من سوّقها في الجامعة على أنها حلٌّ لمشكلاتكم مع أسيادكم الصهاينة ؟؟!!
ماذا ستحصد " السّلطة الوهمية " بعد ظهورها بمظهر المتمسك بمطالبها في توقف الاستيطان لأجل قريب جدا ، وليس وقفه النهائي ؟؟!!
فأمريكا " بجلالة قدرها " عاجزة أن تفرض على الصهاينة " خيالَ حلٍّ " للقضية التي تصدى لها بعنفوان وثقة " أبو حسين " الرئيس الأمريكي " المسكين " ..
أيها الواهمون ، عودوا إلى رشدكم وصوابكم .. فإنكم لن تجنوا العسل من النمس ..
أيها المفاوضون عبثا ، كفاكم ذل السؤال ، ومهانة الاستجداء ..
أيها المتخاذلون ، انظروا أين أوصلتم قضية الشعب النازح والمقيم .. وكيف تحاصرونه بالحديد والنار ، وتمنعون الهواء والطير والنمل من حمل حبات من القمح لهم ، يسد الأطفال المحاصَرون بها جوعهم ، ليبقوا على قيد حياةٍ وهبَها اللهُ لهم ، ولترتفع أكفهم بالدعاء عليكم ، دعاءً كنت أسمعه من جدتي رحمها الله ، تقول : يُبليكم ربُّكم بالحليل ، والليل الطويل ..
ألا تعرفون ماذا نريد ؟؟!!
إننا نريد سلام القوة ، لا استسلام الذل والخنوع ..
هل عرفتم ماذا نريد ؟؟؟؟؟
الجمعة ـ 10/12/2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق