الأربعاء، 8 ديسمبر 2010

الحرية والمسؤولية وجهان لعملة واحدة

هل يحق لي أن أنشر ما أشاء من الغث أو السمين ؟؟

هل يمكنني أن أنشر هواجسي وكوابيسي ومكنوناتي وهلوساتي ؟؟

هل يمكن أن أكتب كل ما أفكر به مهما كان متواضعَ المضمون ؟؟

ثم : إذا كان باب النشر مفتوحا عبر هذه المدونات ، فهل يحق لي استغلالها إلى أو الإساءة إليها ؟؟

ألا تقع عليَّ مسؤولية ما ، في ممارسة النشر لمجرد النشر ؟؟ والكتابة لمجرد الكتابة ؟؟

ألا يجب أن نتحلى بالموضوعية والمسؤولية التي يحتمها علينا قلمنا ؟؟ وتتطلبها منا الحرية المعطاة لنا ؟؟

أليست الحرية مسؤولية مشتركة ، على المادة المنشورة والجهة الناشرة معا ؟؟

هل الحرية المعطاة لنا هنا ، مطلقة ؟؟ أم مقيدة ؟؟

أم هي مطلقة ومقيدة في آن معا ؟؟ ..

أنا أرى أنها مطلقة ، حين أمارس حقي وحريتي بالشكل الذي لا يؤثر سلبا على حقوق الآخرين وحريتهم .. وبالتالي : تفكيرهم ومعتقدهم .. مع الحق في الدفاع عن النفس دوما في وجه من يهاجمني ، أو يمارس ضدي ، التضليل والكذب والغش والخداع للنيل من قضاياي وقضايا شعبي وأمتي ..

وهي مقيدة : بقيود السلوك والقيم الاجتماعية ، والمعايير القيمية الأخرى ، على اختلاف مستوياتها وتنوعها في بلداننا الناطقة بلغتنا العربية التي نكتب بها ..

أما ما وراء ذلك ، فتغدو الحرية صورية لا معنى لها ، ولا يستقيم رفع شعارها مع استخدام المقص مجاملة لأحد على حساب أحد ، أو لقاء ثمن أكبر من طاقتها ..

أنا لا أتوقف هنا عند التقييد السياسي ، وإن كنت لا أقبل أن أعطى الحرية المطلقة ، ثم يقيدون قلمي بقيود مبهمة الأسباب ، مجهولة المصدر ، غائمة المعالم والحدود ..

أنا الذي يجب أن أقيد قلمي .. لا بأس ..

لكن ، على الناشر ـ إن شاء التقييد ـ أن يحدّدَ سقفَ النشر في صفحاته ، وأن يضع له حدودًا ومعاييرَ ، وأن يطلبَ الالتزام بها ..

فمن شاء الالتزام ، يكون قد مارس حريته بما يقبل به ، ومن أبى ، فله حريته وشأنه ..

وإلا ، يجب من الأساس ألا تـُعطى هذه الحرية ، ثم تـُسلب سِفاحا ..

إن ذلك أمَرَُّ وأدهى وقعًا من أن لا تكون حرًّا بالأساس ..

ثم .. أما يزال للكلمة ذاك التأثير الكبير الذي يدفع لمنعها أو حجبها ؟؟؟

هذا التساؤل المشروع ، يأتي عقب انتشار كل المحرمات الأخرى انتشارا فظيعا ليس له حدود .. فهل بقي الأمر على مجرد كلمات ؟؟

يعني : أن يقوم الآخرون بنشر كل ما يدمر مجتمعاتنا وأخلاقيات أبنائنا وبناتنا ، ويسهّلون أمر انتشارها ، ويدفعون المليارات لتوصيلها إلى مجتمعاتنا .. مجانا .. ليهدموا قيمنا وسلوكياتنا والتزاماتنا الوطنية والقومية ..

لماذا لا نطالبهم بحجب أفكارهم المسمومة عن آذان وعقول أجيالنا ؟؟

هل حجَبَ أعداؤنا سطرًا أو كلمة مما يُكتب عنا وعن شعبنا وعن نعوتهم لنا بأبشع النعوت ، وليس الإرهابُ آخرَها ؟؟!!

لماذا يصرون أن يقتحموا علينا كل الستر والحُجُب حتى يصلوا إلى دفائن نفوسنا وعقائدنا ومعتقداتنا ، ليعملوا على تخريبها وتسفيهها واستئصالها من تلافيف دماغنا ؟؟

من أعطاهم الحق في ذلك ؟؟

ومن له الحق أن يسلبنا حقنا في الدفاع عن أنفسنا ؟؟

إنه :

مَن يَهُنْ ، يسهلِ الهوانُ عليه .... ما لجُرح ٍبمَيِّتٍ إيلامُ ..

ونحن لم نهن ، ولن نهون .. لكننا مقصوصو الجناح ..

ونحن ، لا يسهل الهوان علينا .. لكن الهوان مفروض علينا من سيوف مسلطة على أقلامنا وعقولنا ..

ونحن لسنا الموتى الذين لا يؤلمنا الجرح .. إنما هم الموتى الذين يخافون ويرتعدون من كلمة نقولها هنا أو هناك ..

إنها الكلمة .. وهم يعترفون .. بأنها أقوى من كل أسلحتهم التي احتلوا بها أرضنا .. وقتلوا بها شعبنا .. وسلبوا بها حريتنا .. ودمروا بها مستقبل أمتنا ..

ولو لم تكن الكلمة أقوى من كل قوتهم ، لما هتكوا عرضها في ليل ..

ولو لم تكن الكلمة أقوى منهم ومن كل أسلحتهم الفتاكة ، لواجهوها علنا ، وجهارا ..

إنهم ، بذلك يعترفون بانتصار الكلمة عليهم .. بانتصار العين على المخرز .. بانتصار الضحية على الجلاد القاتل المجرم ..

إنهم يعترفون بهزيمتهم أمام انتصار الكلمة ..

ويعترفون بجبنهم ، وخيبتهم وعارهم ، أمام فروسية الكلمة ونبلها ..

الأربعاء ـ 08/12/2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق