الاثنين، 6 ديسمبر 2010

لم يجد القضاء لها حلا ..

هي ، فعلا ، قصة حقيقية واقعية ، جرت أحداثها منذ فترة قريبة ، وانشغل القضاء بوقائعها طويلا ، دون أن يستطيع إيجاد حل لها ..

فيا أيها السادة القراء المحترمون ، هل يتخيل أحدكم المعضلة التي وقع فيها الجميع ؟؟

وما الحل برأيكم ؟؟

القصة :

يوصف وليد بأنه رجل بكل معنى الكلمة .. وله مكانته وكلمته في عالم التجارة والصناعة ..

ناجح في كل أعماله ، دؤوب ومثابر ، وحقق قفزة هامة في مشاريعه خلال زمن قياسي ..

لكن ذلك شيء ، والقانون الذي أوقعته زوجته تحت رحمته ، شيء آخر .. فلم يكن يحسب ، لهذه المصيبة القاهرة ، أي حساب .. ولم ينفع معها كلُّ أسلحته وأدواته ، التي أثبتت فعاليتها ، في كثير من الخلافات والدعاوى القانونية الأخرى حيثما واجهته عبر مسيرته العملية ..

ولم يكن ليتصوّر ، ولا ليتوقع أن يتعرض لمشكلة لا يكون لها حل ، أو لا يكون قادرا على حلها ..

وها هو الآن ، أمام قانون وضعي ، مستند إلى قواعد شرعية صارمة ، جافة كالخشب ، صلبة كالصخر ، قوية كالحديد .. لا تقبل التجاوز ، ولا النفاذ عبرها ، ولا المناورة حولها ..

والأهم ، أن أحدا لا يستطيع أن يقدم له يد العون ، فليس ثمة مَنْ يملك القدرة على مساعدته ..

سُدَّت الطرق ، وأقفِلـَتْ ، وأسقِطَ في يد القضاة ، واستسلم المحامون .. فلا سبيل آخر إلى توصيفها وتكييفها أو تطبيقها أو تفسيرها بغير ما هي عليه .. وهي سابقة لا نظير لها ..

وهو الذي بنى نفسه وأعماله حجرا حجرا ، منذ البداية المبكرة ، وخاض تجاربَ ، وعَبَرَ مآزقَ كثيرة زجّه والدُه فيها ، وعَجَمَه جيدا ، فصار شابا يُعتمد عليه في إدارة الأموال والمحلات والمعمل ، وصارت يده الأقوى والأبرز مع يد والده في تنميتها وتطويرها ، واستثمارها وتحقيق سمعتها وشهرتها وقدرتها التنافسية ..

فانتقلت الورشة الصغيرة لتصنيع الدهانات ، من أعمال شبه بدائية ، لأعمال لها مكانتها الحقيقية في السوق التجارية على مستوى البلد كله ، وغدت نوعية البضاعة المنتجَة ماركة مسجلة أصلية مرغوبة رائجة ، وتشهد إقبالا ممتازا عليها ، حتى بدأ يفكر في تصديرها للدول المجاورة ..

وكرَّس جُلَّ وقته وهمّه لأعماله وإدارتها ، بينما فشل أخواه الآخران فيما نجح هو فيه ، لكنه ـ واستجابة لرغبة والدته ـ ضمَّهما تحت جانحَيْه ، وخصّهُما براتبٍ مقبول ، واعتمد على الأول في الإشراف على العاملين في معمله ، وكلف الثاني بتنفيذ عمليات البيع والتوزيع الداخلي للمنتج الشهير ..

كما حافظ على بيت العائلة القديم الكبير ، الذي دخل ضمن أملاكه ، وتركه مسكنا لأمه وأخويْه وعائلتيْهما ..

وحين تزوَّج ، اشترى بيتا فخمًا في حيٍّ راق من حلب الجديدة ..

ولكثرة مشاغله وأسفاره ، لم يكن لديه وقت فائض يمارس فيه حياة اجتماعية تتمناها زوجته الوديعة الرقيقة ، التي تحب أن تأخذ نصيبها من الحياة ورونقها ، وهم القادرون على ذلك ، خاصة أنها كانت يتيمة الأب ، ولم تنشأ في بيت ميسور ولا منفتح على أجواء المدينة والأهل والمعارف ..

فقد خطبها وليد وهي في بداية المرحلة الثانوية ، وتزوجها قبل أن تكمل الثامنة عشرة ودراستها ..

وأسكنَها بعيدًا عن أهلها وأهله ، في حي ، كل بيوته مغلقة على نفسها ، وكل سكانه قادمون إليه من أحياء المدينة القديمة ، لا تربطهم ببعضهم الوشائج التي يرتبط بها سكان أحيائهم الأصلية ..

فهم ما زالوا متعلقين بأسرهم وأهليهم وأصدقائهم ، الذين لم يسعفهم حظهم من الدنيا ، بمغادرة تلك البيوت وأزقتها وزواريبها ..

إنهم يعيشون هنا عُزّلا من علاقات الطفولة والجيرة الحميمية التي نشأوا فيها .. وباتوا سجناءَ بيوتٍِ فخمةٍ ، تحجبها عن الشوارع الهادئة الفسيحة ، أسيجة ٌوأسوارٌ جميلة ، تتسلقها أزهار الياسمين والعسلية والجوري والدفلى ، وورودٌ أخرى محاطة بعناية خاصة ، وأشجارٌ فتية تتوزع داخل تلك الأسوار ، تشتكي عدمَ وجود أطفال يتسلقونها ، أو يقطفون ثمارها اليانعة التي يتركها أصحابها على الأغصان ، لتكتمل بها الصورة التزيينية للحدائق وأسيجتها الجميلة ..

أنجبتْ سارة هناء ورجاء خلال ثلاث سنوات من زواجها .. وتفرغت لهما بأناة ورعاية أنيقة ، لا ينقصهما شيءٌ من مظاهر الترف ووسائله التي يؤمنها أبوهما ، راضيا بمداعبتهما ضمن الوقت " الضائع " الفائض عن شغله ..

فإذا رغبتْ سارة بزيارة أهلها أو أهله ، يوصلها صباحا في طريقه إلى عمله .. وعند الغداء ، إذا سمحت له ظروفه ، يأخذ معه طعاما جاهزا ليتناولوه مع الأهل .. وإلا ، يرسله لهم ، فإذا انتهى من عمله ليلا ، يعود ليصطحبهم إلى البيت النائي ..

تآلفت سارة مع هذا النظام ، واستكانت ، معتبرة أن ما تيسّر لها ليس قليلا ، وقد نالت ما لم تنله كثيرات ..

وماذا تريد أكثر من زوج مخلص ، يسعى لإسعادها وتعويضها عن غيابه الطويل عنها ، حتى كاد يغرقها بهدايا الذهب والمجوهرات ، والألبسة الثمينة التي يحرص على شرائها كلما غادر القطر ..

كما يعتني بها ، ويُشعرها بلهفته عليها ، إذا غابت عنه ساعات ، ويغمرها بحنان وحبٍّ تنتشي لهما أنوثتها الناعمة ، ولا يقصّر في تأمين كل أسباب الراحة لابنتيهما .. ولأمها وإخوتها ..

تقادَمَ ديكور البيت ، برأيه ، فسألها إن كانت ترغب بتغيير ألوانه ومفروشاته ، وديكور بعض الغرف .. وافقت على الفكرة ، وفرحت لها ، وأثارت لديها شعورا بالانفراج من ألوان ، باتت تضغط على صدرها ..

استأجر بيتا مفروشا ، انتقلوا إليه مع أمتعتهم الشخصية ، وبدأ يتابع مراحل الإنجاز ، راغبا أن يحوِّل البيت إلى تحفة فنية وجمالية .. يحكي لزوجته أولا بأول عن المراحل التي قطعها العمل ، وكانت ترافقه أحيانا بعد انصراف العمال ، لتبدي رأيها النهائي في الديكور والألوان التي يقوم بتنفيذها ورشة متخصصة ، يديرها شاب نشيط ، ذو خبرة فنية ، يعلل آراءه بطريقة واضحة ، ويدافع عن فكرته إذا لزم الأمر ، لكنه ، بالنتيجة ملتزم بتنفيذ رغبتهما ..

كان البيت في مرحلة تشطيباته الأخيرة .....

الإثنين ـ 06/12/2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق