السبت، 20 نوفمبر 2010

سورية .. يريدونها بين السندان والمطرقة ..

جريدة الوطن الكويتية ، وفي عددها الصادر يوم الخميس 18/11/2010 ، ص 36 ، نشرت مقالا عرّبه : نبيل زلف عن جريدة " جيروزاليم بوست " الصهيونية ، لكاتبه : آلون بن مائير .. بعنوان :

هل تستطيع سورية أن تناور كحليف لإيران دون فقدان دورها المركزي بالعالم العربي ؟

يرى الكاتب أن سورية باتت تحت ضغط جديد بعد زيارة نجاد " الفارغة " ـ حسب تعبيره ـ إلى المنطقة .. لأنها لم تزعج إسرائيل والغرب فقط ، وإنما زادت حالة الاستقطاب في المنطقة ، الأمر الذي يهدد دور سورية المركزي في " العالم العربي " بعد أن ظهرت بوادر تشير إلى أهمية هذا الدور ..

ثم يتباكى الكاتب على المأزق الذي وضعت سوريا نفسَها فيه ، بتحالفها مع إيران ، من جهة ، وبمعارضتها للعالم العربي في تقليص النفوذ الفارسي المتوسع ، من جهة ثانية ..

ويحاول الكاتب بخبث ومكر ، أن يدق إسفينا في العلاقة بين سوريا وإيران ، من خلال زعمه : أن إيران بدأت تتجاوز النفوذ السوري في لبنان ، وذلك يعني ـ برأيه ـ أن سوريا لم تعد قادرة على الاستمرار في لعبة التوازن بين تعزيز علاقاتها بالغرب والعالم العربي ، وتقديمها ـ في الوقت نفسه ـ الإمداد لحزب الله ( الذي بلغت قذائفه 40000 قذيفة ) ، وتقوية نفوذ إيران في لبنان ..

ثم يصل الكاتب إلى أن السؤال المطروح حاليا هو :

متى تنشب الحرب بين حزب الله و" إسرائيل " ؟؟

وليس السؤال القديم الذي يقول : هل ستقوم حرب بين حزب الله و" إسرائيل " أم لا ؟؟

ثم يهدد ويتوعد سوريا إذا تدخلت في هكذا حرب لنصرة حزب الله .. بل عليها أن تديرَ ظهرَها لحزب الله ولإيران كي تحافظ على سلامة أراضيها من ضربة صهيونية مدمرة ..

ولم يكتفِ بذلك ، بل هدَّد بضرب أهدافٍ داخل سوريا ، بزعم أن لها علاقة بتزويد حزب الله بالسلاح ..

ويطلب من سورية أن تختار وبسرعة ودون أي تأخير موقفها ، بين حزب الله ، ومصلحتها الحيوية في لبنان ..

لكن الكاتب سرعان ما يعبر عن قلقه الأكبر من ردة فعل إيران إذا ما (( تجدّد العنف )) ـ حسب تعبيره ـ على حليفيها : حزب الله وحماس .. وكيف ستضغط إيران على سوريا لتحذو حذوها في الدفاع عن حليفيْها ..

وثانية يهدِّد سوريا من جديد ، وبصريح العبارة ، في حال استمرار دعمها لحزب الله ، بضرب أهداف سورية ، وتعريض دورها في المنطقة ولبنان لضرر شديد ..

وفي نهاية مقاله ، يرى أنه لم يعد بوسع سوريا الجلوس على السياج ، أي في وسط المتنافسين ، وإذا لم تصحح مسارَها ، فستواجه سقوطا مدويا تنهار معه كل احتمالات السلام والاستقرار في المنطقة ، وهذا ما تريد إيران حدوثه ، على الرغم من أنه لا يخدم المصالح السورية الإستراتيجية ..

وبعد ..

فأن تنشر جريدة صهيونية مقالا لأحد كتابها الصهاينة ، ذلك شأنهم الخاص ..

لكن أن يُجشمَ السيد المعرِّب " نبيل أبو الزلف " نفسه ، ليترجم هكذا مقال ، من هكذا صحيفة صهيونية ، محتويا هكذا تهديدات صريحة ، لينشره في صحيفة كويتية ، فذلك أمر يدعو للتوقف عنده طويلا ..

فإذا آمنا وصدقتا بأن ناقل الكفر ليس بكافر .. لكن على أن يكون ناقل الكفر مجرد ناقل فحسب ، وأن لا يكون له أغراض دنيئة ، أو مآرب خسيسة ..

عدا ألا يكون ناقل الكفر هنا ، مؤمنا بذلك " الكفر " سواء الذي يترجمه ، أو الذي ينشره ..

ثم ، لماذا يحرّمون على سورية ، ما يحللونه على غيرها ؟؟!!

لماذا يكون تحالف الشقيقة الكبرى " مصر العربية " حلالا مع الصهاينة وأسيادهم ، (( وقد فعلوا ما فعلوه بشعبنا وأهلنا وأرضنا وعِرضنا ، وبكل قيمنا وأخلاقنا )) ، بينما يكون تحالف سوريا مع إيران حراما ؟؟!!

وإذا كنا لا نلوم الصهاينة على ما يرون فيه خطرا من هذا التحالف ، ـ وهم أعداؤنا ـ ، فكيف نقبل نفس المنطق من أشقاء لنا ، أو مَنْ يُفترض أن يكونوا أشقاء ، يؤلمهم ما يؤلمنا ، ويصيبهم ما يصيبنا ؟؟!!

وإذا كانت الصحافة الصهيونية ، وعلى لسان كتابها الذين يهددون سوريا صباح مساء ، ويمارسون ضدها أبشع أنواع الدعاية المغرضة ، والتشويش السياسي والإعلامي ، لمحاولة التأثير على مواقفها من قضاياها الوطنية والقومية ، التي هي بالنتيجة ، يفترض أن تكون قضايا العرب جميعا ، فكيف نقبل من صحافة تكتب بالعربية أن تتمثل هذا التهديد والوعيد ، فتتبرع مشكورة ، بتعريبه ، ونشره في صفحة دولياتها ، على أنه جدير بالتناول واستخلاص العِبَر منه ؟؟!!

لماذا هذا التسويق المجاني لتهديدات العدو ، وفي هذا الوقت ؟؟

ما الذي يدعونا لنقل كفرهم بنا وبمصالحنا وبأوجاع شعبنا وآلامه ، وكأننا نحن مَنْ نعتدي عليهم ونحتل أرضهم ، وليس العكس ؟؟!!

لماذا بلغت الاستهانة بنا وبمصالحنا وحقوقنا ، هذه الدرجة عند الأشقاء قبل الأعداء ؟؟!!

لماذا يلومنا الأشقاء على التحالف مع من يدعم قضايانا ، ولا يلومون أنفسهم على التحالف مع أعدائنا ؟؟!!

هل سورية أو إيران ، تحتل فلسطين كلها من البحر إلى النهر ، إضافة إلى الجولان ومناطق من الجنوب اللبناني ؟؟!!

هل سورية أو إيران ، هي من احتلَّ العراق ودمَّر شعبه ، وأحرق أرضه وألهبه بكل أنواع الأسلحة المحرمة والمحللة ؟؟!!

هل سورية أو إيران ساعدتا الغزاة الأمريكيين في تلك الجريمة النكراء ؟؟!!

لو كانت سوريا أو إيران ساعدتا الغزو الأمريكي على العراق ، لكانت سورية وإيران في مكانة يحسدهما عليها كل جيرانهما العرب وغير العرب ..

والحمد لله أن سورية والعراق لم تفعلا ذلك ، ولن تفعلاه ، ولن يهنأ أعداؤنا بخيانة عظمى كهذه ..

وتلك المكانة المذمومة ـ في نظرنا ـ لا تقبلها سوريا لنفسها ، إذا كانت ستأتيها من أعدائها الذين دمروا العراق وقتلوا شعبه واحتلوا أرضه وداسوا مقدساته .. وما زالوا يعيثون فيه تمزيقا وفسادا ..

إن العَمالة للأعداء ثمنها رخيصٌ ودنيءٌ وقذرٌ ، لأن العميلَ نفسَه ، خسيسٌ ودنيءٌ ورخيصٌ ، ويقدّم نفسَه ومصالح شعبه وأمته مجانا لأعدائها ..

فهل يستوون ؟؟

السبت ـ 20/11/2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق