لعله سيمر وقت طويل على أريافنا قبل أن تأخذ كلمة " مدينة " أبعادها الحقيقية في توصيف تلك الأرياف ..
لأن مجرد إطلاق اسم " مدينة " على بلدة أو قريةٍ ما ، لا يحولـُّها ـ بكل تأكيد ـ إلى مدينةٍ ، يكون لها ما لها من حقوق إدارية وتنظيمية ، وعليها ما عليها من واجبات تقدمها لسكانها ..
فمعظم القرى والبلدات التي لحِقَ أسماءَها شيءٌ من التغيير ، وأطلقت عليها تسمياتٌ إدارية جديدة ترفع من شأنها التنظيمي ، كان حظها يسيرا جدا من التوابع التطويرية الفعلية التي تترتب لها ، جرَّاء التسمية الجديدة ..
فلا هي صارت مدينة ولو بالحد المعقول ، ولا هي حافظت على زيِّها وطابعها الريفي الذي كانت عليه ..
بين يدي صفحات عدة كتبها الأخ الصديق عباس كاظم شربو ، في محاولة موفقةٍ منه ، لتوثيق الاحتفاليات الخاصة ، المتعلقة بالزواج ، وما يسبقه من إعدادات له ، وما يرافقه من ظروف وإجراءات ، تتصف بالبساطة ، ويمارسها أناس توارثوها جيلا بعد جيل ، ووصلت إليهم عبر الأعراف والقيم الريفية ، التي كانت سائدة ، قبل أن تتزيَّا الأرياف بالزي المدني ، الذي أفقدَها كثيرا من مميزاتها ، وخصائصها ، دون أن تستفيد ـ كثيرا ـ من الزي المدني الذي اكتست به ..
وقد تركتُ الأوراق " بدمها " كما يقولون ..
فلم أغيّر شيئا يُذكر في سياقاتها الفنية ، ولا في تسلسل أحداثها ، لأهميته واعتباره التاريخي والزمني ..
ولم أغير شيئا في مضمونها ، لأنها مبنية على نفس الأساس التاريخي والزمني ..
وحافظت ـ ما استطعت ـ على روحية الكتابة وأسلوبيتها في تخير الألفاظ والتراكيب التي وجدتها متناسبة جدا مع المضمون الذي تستوعبه ..
ولئن تغيرت أشياء كثيرة من المعطيات التي ذكرت هنا ، فلأن مسيرة الحياة تغيرت كثيرا ..
فالتقدم الحاصل على كافة الصعد ، ونظرة الناس للحياة والمستقبل ، وأحلامهم ، وآمالهم ، وطريقة عيشهم ، وأدوات معيشتهم ، كل ذلك ، أصابه ما أصاب الحياة ـ عامة ـ من تغيُّر وتبدُّل ، ليس ههنا مجال الحكم عليه ، أو توصيفه ..
كتب عباس كاظم شربو :
نبدأ بتسجيل أحداث الخطوبة ، كما كانت تحدث سابقا في قريتنا ..
رغم أن الحياة كانت بسيطة ، والناس يعملون بالزراعة وتجارة الفحم في أيام الشتاء عندما يتوقف عمل الزراعة ، والذين ليس عندهم أرض ، كانوا يعملون بالعَطارة ..
ومع ذلك كان هناك ترتيبات للزواج ، جميلة ومدروسة ، ولها معنى ..
فعندما يرغب الأب بتزويج أحد أولاده ، يعرض عليه الزواج مرة وأخرى حتى يأخذ الموافقة .. وقليلون جدا أولئك الذين يطلبون من أبيهم الزواج ( وأنا من هؤلاء ) " هذه العبارة وردت في الأصل هكذا " ..
وعندما يأخذ الأب الموافقة ، يتشاور مع زوجته عن البنت التي تصلح أن تكون زوجة لابنهما .. فيختاران عدة بنات ، ويطلبان منه أن يختار بنتا منهن ..
وحين يتم الاتفاق ، يحاول الأب ـ وبشكل غير مباشر ـ أن يُخبر والد الفتاة أو وليَّ أمرها برغبتهم ، ويرد له الجواب ، بعد يوم أو أكثر حسب المشورة التي يعملونها بين الأقارب ..
وفي حال الموافقة تبدأ الترتيبات التالية :
ـ يُحَدَّدُ يوم قراءة الفاتحة :
وفي هذا اليوم يذهب أهل العريس مع قليل من المقرَّبين ، ويكون أهل العروس قد أحضروا بعض الأقارب المقربين .. وفي هذه الجلسة ، يتم :
قراءة فاتحة الشاب فلان ، على الآنسة فلانة .. باليُمن والبركة ، وعلى نية التوفيق ..
ويتم فيها تحديد بعض الأمور والطلبات ، مثل :
ـ مهر العروس وجهازها ..
وإن كان هناك طلبات أخرى تذكر .. كما يُحَدَّدُ موعد :
ـ الخطوبة :
تتم دعوة أهل الحارة والأصدقاء والأقارب لحضور الخطوبة ، والتي كانت تحصل عادة عصر يوم خميس أو جمعة ، أو أي يوم آخر .. ويذهب أهل العريس والمدعوون :
ـ بعَراضة رنانة من الرقص والغناء والتصفيق ودق الطبل أو الدربكة ( الإيقاع أو الطبلة ) ، وتحمل النساءُ الصواني على رؤوسهن ، وتكون مملوءة بالحلوى ، ومزيّنة بالورود .. ويتراوح عدد الصواني بين 3 و 20 صينية تقريبا ..
ويُسمّى المليك : جَرّ الصواني ..
وحين تصل العراضة إلى بيت أهل العروس ، يكون فيه بعض الأقارب ، بانتظار القادمين بالعَراضة .. فيستقبلونهم ويرحبون بهم ، وتتم إجراءات ( قراءة الفاتحة ) مرة أخرى ، وتـُوَزعُ الحَلوى ..
الحَلوى : كانت الحلوى التي توزع في مثل هذه المناسبات ، هي الزبيب ..
بعدها ، صارت : غرَيْبة .. ثم : جوز الهند ..
وبعض الميسورين ، يوزعون أكياسًا تحتوي على :
قطعة غرَيْبَة اسطنبولية ، وقطعة راحة بالفستق الحلبي ، وشوكولاته ، وعدة قطع ملبَّس ..
وبعد ذلك ، يدخل العريس عند عروسه ، ويتبادلان لبْسَ المحابس ( خاتم الخطبة ) ..
( ويا له من موقف صعب : لأنه يمكن للعروس في هذه اللحظة أن تمزح مع خطيبها بوخزة في الدبوس أو بقرصة ناعمة ) ..
بعدها يبارك الحاضرون للعريس وأهله ، ويأخذون شـَفـَّة من القهوة المرَّة ، وينصرفون ..
ـ الشـَّملة :
بعد يوم أو يومين ، يأخذ العريس صرَّة مليئة بالفواكه والحلويات والبزورات ، ويذهب معه أهله ، أو بعضهم ، إلى بيت العروس ، ويكون ذلك بالليل حصرًا .. وتسمى هذه الصرة : بالشملة : لأنه يجب أن تصَرّ هذه المأكولات بإيشارب جديد وثمين ، ويسهر العريس وأهله مع العروس وأهلها ، ويكون هذا هو اللقاء الأول المباشر بين العروسين ، حتى يتم التعارف والتحدث بينهما ، ويتم من خلال ذلك ، تواصل الأسرتين عن قرب أكثر ..
ـ العزيمة :
بعد أيام أخرى من مراسم الشملة ، يقوم أهل العريس بدعوة العروس وأهلها إلى دارهم ، فتقام لهم وليمة ، يدعى لها الأقارب والأصحاب والأحباب ، بهدف المزيد من التعارف والتآلف بين الجانبين ..
وقبل دخول العروس بيت عريسها ، يجب أن يُقدَّم لها مبلغ من المال كهدية رمزية من أهل العريس ، كونها أول زيارة لبيت عمها وتسمى هذه الهدية : ( فوتة الدار ) ..
وحين يُقدَّمُ الطعام للضيوف ، قد يجلس العروسان على مائدة منفردة ..
وبعد فترة أشهر ، وحسب الظروف ، يتم الاتفاق على موعد العرس ، بعد أن يقوم أهل العريس بترتيب وتجهيز كل المستلزمات ، من حيث مكان سكن العروسين ومفروشاته ..
وكانت بعض الأسر المستورة ، تستعيرُ بعضَ الأشياء والأدوات : ( كالناموسية أو التخت ) ويسمى : السرير ..
وقد يستعيرُ العريسُ بدلة العرس من أحد أصدقائه ..
ـ وفي التحضيرات :
يُؤمِّنُ أهلُ العريس للعروس الخيوط والخرَزَ ، لتقومَ العروسُ بتزيين مفروشات السرير يدويًا ..
ـ يوم الجـِهاز :
يتجمَّع أهلُ العروسين ، ويصطحبونهما إلى حلب ..
يشترون ما تبقى من الحاجيات ، وبعضَ الألبسة الخاصة بالعروس ، وتذهب النسوة إلى حمَّام النساء ، وهي فرصة لأهل العريس لرؤية عروس ابنهم وتفحُّصها ..
كما يذهب العريس وبقية الرجال إلى حمَّام الرجال ..
وفي كلا الحمّاميْن ، تكون هناك طقوسٌ من الفرح والبهجة ، ويتناول الجميع طعامًا خاصًا بالمناسبة ، يُؤتى به إلى الحمّام ..
وقد لا ينتهي التجهيز في يوم واحد ، فيبقى الجميع لليوم التالي ..
وعند الانتهاء ، يركب الجميع في ( البوسطة ) ، ويعودون إلى القرية ، ليصلوها في موعدٍ ينتظرهم فيه المستقبلون من الأهل والأقارب والأصدقاء ، على قرع الطبل ، وموسيقا الزمر ..
ـ والجهاز عبارة عن :
مرآة كبيرة ذات إطار خشبي مزخرف تعلق على الجدار ، وصندوق خشبي ، وبعض الصرر التي تحتوي على الأشياء الخاصة بالعروس .. مثل :
ـ القرامل :
وهي مجموعة من الخيوط السود المجدولة ، تربط وتعلق في أسفل ظهر المرأة ، ويمكن تزيينها بالخرز والشرّابات الملونة .. وكانت القرامل تربط بحبال رفيعة وتـُجْدَلُ مع الشعر ، أو تـُعَلـَّقُ في الرقبة ..
ـ الجزمة :
وتكون من الجلد ، لونها أحمر أو أصفر ، نصف ساق ، ولها شرَّابة كبيرة تزيِّن سطحَها ، وفي أسفلها قطعة حديدية على شكل كعب ..
ـ القزّيّة : أو الأزّيّة :
قماش من الحرير الطبيعي ، بطول أربعة أمتار تقريبا ( اسمها منسوب لدودة القز ) ، وتوضع على الرأس من منتصفها ، وتـُلف على الطربوش ، ويتدلى الباقي منها على الظهر ..
ـ حَطاطة حرير :
وهي منديل حريري ، يكون ـ عادة ـ أصفرَ اللون ، كبيرَ الحجم .. أطرافه مزينه بشرَّابات بيض ..
ـ مَحزم :
ويكون من الحرير ، ملونا بألوان جميلة ومتناسقة ، طوله حوالي 250 سم ، ويتألف من قطعتين أو ثلاث قطع ، طولية الشكل ، عرض الواحدة 15 سم ، يُلـَفُّ على وسط الجسم ، وفي طرفيْه شرَّاباتٌ ملونة تتدلى على الخصر ..
ـ كـَبُّوت :
ما يلبس فوق كل الثياب ، ويكون طويلا ..
أمباز : أنباز :
أنشطية :
أما جهاز العروس الذهبي والفضي ، فيتألف كل منهما مما يلي :
ـ صفّ من الذهب : تسمى قِطـَعُهِ بمسمَّياتٍ مختلفة :
غازي : 40 قطعة تقريبا ..
نصف جهادي : 10 قطع ..
جهادي : 6 قطع ..
ـ كمر (نطاق ، أو حِزام ) من الفضة :
وهو عبارة عن قطع من الفضة ، متصلة ببعضها بحلقات ، قياس القطعة : 3x4 سم ، وعددها 15 قطعة ، ولها قفل يوضع على الخصر ..
ـ شوكات :
هي ثلاث قطع ذهبية متصلة ببعضها على شكل مثلث ، وفي إحداها شوكة .. وتتألف القطع من : الغوازي أو نصف الجهادي ، أو ربعه ..
وتضع العروس الشوكتين على جانبي الرأس ..
ـ شنون :
كردان :
ـ قطع فضية أخرى ، مثل :
جنبية ، مصففة ، غبرة صدر ، كسروان ـ كف ريش ..
ـ كف الريش :
هو قطعة خشبية ، يثبت فيها ريش نعام ، ويوضع على رأس العروس ..
ـ مراسم ومراحل عرس النساء :
ـ اليوم الأول :
يبدأ بصباحية العروس ، حيث تجتمع الفتيات عندها ، لمساعدتها في ترتيب أغراضها وزينتها ، حتى المساء ، حيث يقيمون لها ( تعليلة ) تتخلـّلها ( الحنة ) ..
فتطلي معظمُ النساءِ أيديَهُنَّ بالحناء ، وتـُطلى كفـَّا العروس ، وأحيانا ، قدماها ..
ـ اليوم الثاني :
تجتمع فتيات الحارة ونساؤها في بيت العروس صباح اليوم التالي ، لفك الحنة ، وقد جلبن معهن الصواني المليئة بالطعام ، ليتناول الجميع الفطور ..
بعد ذلك ، تجمع النسوة أغراض العروس المعروضة منذ اليوم الأول ، وتـُصَرُّ ، لتنقلَ معها إلى بيت الزوجية في الغد ..
ـ اليوم الثالث :
يتجمَّع الناسُ عصرًا ، لمرافقة العروس من بيت أهلها إلى دار العريس .. وقد تطلب ـ قبل خروجها ـ حضور والدها أو عمها أو خالها أو أخيها ، لتستأذنه في الخروج من البيت إلى بيت زوجها ..
وكان بعض الإخوة أو الأعمام يقفون للعروس بالباب ، فلا يسمحون لها بالخروج إلا بمبلغ من المال ..
فإذا خرجت العروس من بيت أهلها ، تكون مغطاة بقطعة قماش كبيرة ومزركشة ، فتركب حصانا مزيَّنا ، ويسيرون بها إلى دار العريس ، وهي :
ـ تدريجة العروس :
تصحبها الصيحات الخاصة والأغاني الفلكلورية .. ولدى الوصول ، تقف العروس بالباب ، وترشُّ أمُّ العريس حفناتٍ من الرز، تفاؤلا بأن يكون قدوم العروس فاتحة خير على البيت وأهله .. كما تكسر كعكة ( طريرة ) ، وتعني ( كسر الشر ) .. وتحاول العروس لصق قطعة عجين على باب الدار ، فإن قذفتها ، والتصقت ، فذلك فأل خير لها ..
بعدها تجلس العروس على كرسي جانب الباب ، ويقوم الحاضرون بتجميع ( النقوط ) أو ( الشاباش ) على محرمة توضع في حِجْر العروس ، مع الأغاني والتهليلات والتبريكات ..
ثم تدخل العروس إلى غرفتها الخاصة ، وفيها ( المرتبة ) أي السرير ..
ـ ترتيبات عرس العريس :
تبدأ المراسم قبل ثلاثة أيام من يوم الدخلة ، وتتم على الشكل التالي :
ـ اليوم الأول :
يتفق والد العريس على إحضار الفرقة الفنية المؤلفة من طبل وزمر ، أو اثنين أو ثلاثة ، أكثر حسب الحال .. وكل طبل ، يرافقه زمّار ..
وتدق الطبول في دار والد العريس إيذانا ببدء موسم الفرح .. ثم يخرج الطبال برفقة من سيقوم بدعوة وعزيمة الناس لحضور العرس ، فيتجولون على البيوت التي سيدعون أهلها ، ترافقهم الصِّبْيَة ، من هنا وهناك .. ويُعْلِمون المدعوين عن مكان السهرة ، وغالبا ما تكون في غير دار والد العريس ، حيث يشارك الناسُ بعضَهم في توزيع الأدوار ، ويكون أحد الأقارب أو الأصدقاء ، قد طلب مسبقا من أهل العريس ، أن يستضيف مسرح العرس في بيته .. وبعد يومين أو ثلاثة من دق الطبل والعزيمة ، يختبئ العريس في بيت أحد أصدقائه ، فيخرج الطبّال مرافقا عددا من الشباب ليفتشوا عن مكان :
( تخباية العريس ) ، أو اختبائه ..
وحين يجدونه ، يحضرونه معهم إلى مكان راعي الحفل .. وهناك يقومون بما يلي :
ـ الحنـَّة :
يجلس العريس ، ليتنافس المغنون على أي من المجموعتين ستحني العريس ، وتفوز المجموعة التي ستغني عددا أكبر من المواويل للعريس أثناء التحناية . فإذا بدأت المجموعة الفائزة عملها ، يغنون المواويل والعتابات مع مباشرتهم في الحنة ..
يبقى الجميع حتى وقت متأخر من الليل ..
ـ اليوم الثاني :
يتجمع الناس في نفس المكان ( لفك الحنة ) .. ويكون صاحب البيت قد أعدَّ إفطارا مميزا ، فيأكلون ، ويتابعون أفراحهم بالغناء والرقص على دق الطبل وموسيقا الزمر ، حتى المساء، حيث يتوارد الضيوف والمدعوون إلى المكان الذي يسمونه ( مرسح العرس ) .. ويكون في باحة دار كبيرة ، أو على البيدر ، حيث تنار الساحة بعدد كبير من ( اللوكسات ) ، ويشتد فرح الناس ، مع انسجامهم بالدبكات والديلانة والرقص ( ع التقيل ) ويسمى ( رقص كران ) ، وبعض الراقصين ، يدق لهم الطبال دقا خاصا ليرقصوا ( رقصة الحربة ) ، وتكون على شكل مبارزة ودية بين راقصين ، يتخللها مشهد اشتباك تمثيلي ، يتدخل راقص آخر ليفك الاشتباك بسلام بينهما .. وتتكرر العملية عدة مرات أحيانا .. ويحمل الراقصون خيزرانة ومحرمة للرقص بهما .. وبعد انتهاء لعبة الحربة ، يسرّع الطبّال دقات طبله ، وتتحول الرقصة البطيئة الثقيلة ( الكران ) إلى رقص خفيف ، بحركات سريعة ، وقد يتوقف كل ذلك ريثما ينهي أحد الحضور موّاله الذي يغنيه إكراما للراقصين ، وتمجيدا بالعرس وأهله ، وتليه العتابا والميجانا .. وقد يرد آخر عليه ، في استعراض غنائي يلون الفرح ، ويزركشه ..
( وكلما دفع الراقص مبلغا أكبر من المال ( شاباش ) للطبال ، ازداد اهتمام الطبّال به ، وتبعَهُ وراقصَهُ حتى ينتشي الراقص تماما .. لأن دق الطبل إذا لم يكن موزونا وعلى رغبة الراقص ، يفشل في إبراز جماليات رقصه ، ولا يشعر بالمتعة التي يُشبع بها حبَّه للرقص ..
ويستعر المرسح حتى وقت متأخر من الليل ..
ـ اليوم الثالث :
يعاود الطبل والزمر عملهما ، حتى الظهيرة ، موعد ذهاب العريس " للتغسيلة " في بيت من أحد أصدقائه الذي يكون قد دعاه مسبقا ، وتم الاتفاق على ذلك .. لكن ، قبل " التغسيلة " ، يأتي الحلاق ، فيحلق للعريس وسط دق الطبل والزمر والمواويل والرقص .. وأثناء " التغسيلة " يحاول بعض الحاضرين ترك أثر على جسد العريس ، بالقرص أو الوخز .. بعدها يرتدي العريس ثيابه الجديدة ، ويستمر العرس حتى العصر ، فيأتي جمعٌ من الرجال والنساء ، ليخرج العريس معهم في " دورة العريس " فيسير الرجال يصطحبونه في المقدمة ، تتبعهم النسوة .. ويتوقف الموكب بعد كل مسافة ، ليغني أحدهم موالا وأغنية يرقص لها بعضهم ، ثم يواصلون دورتهم بالعريس .. لينتهي بهم المطاف في أحد البيوت التي حُضِّرَ فيها وليمة الغداء .. يتناولونه ، ويتابعون مشوارهم إلى بيت الزوجية ، فيما يسمى :
ـ تدريجة العريس :
وتكون قبيل غروب الشمس ، حيث يجلس العريس على كرسي جانب باب مخدعه ، ويفرشون له في حضنه منديلا ، ليضع الحاضرون فيه مبلغ " الشابوش " أو " النقوط " ..
وهو عرْفٌ قديم ، بقصد تقديم معونة للعريس الذي تكلف بمبالغ طائلة ، وسيأتي يوم ، يرد فيها هذا الدين لمن " ينقطه " الآن .. فهي نوع من التكافل ، يُدفع للعريس ، كردٍّ لنقوطٍ سابق ، أو يكون دَيْنا ، لنقوط لاحق ..
وحين الانتهاء ، يكون قد حل الظلام .. فيدخل العريس مخدعه الذي تنتظره فيه عروسه ..
وهذه هي " ليلة الدخلة " ..
وفي اليوم التالي :
يأتي الأقارب والخاصة ، ، يباركون له زواجه الميمون ، ويرقص العروسان ، فيما يتبادل العريس إشارات يفهمها المعنيون بها ، تفيد بأن العروس عذراء ، وأن العريس أدى واجبه على أكمل وجه ، ثم يهمهم الحاضرون بالخبر فيما بينهم ، ليطمئن الجميع ويبتهجوا ، بأن كل شيء مرّ على ما يرام ..
وفي الأيام القليلة التالية :
يستقبل العروسان الأهل والأقارب والأصدقاء الذين يأتون مباركين ، وحاملين بعض الهدايا ، وغالبا ما تكون أنواعا شهية من الطعام ، يحملونها في أوعيتها على صينية ، ويُؤتى بها إلى بيت العروسين ، وتسمى :
ـ الحملة ..
لكن مظاهرها تغيرت كثيرا فيما بعد ، واستبدل الطعام بالأدوات المنزلية ، أو الأقمشة والألبسة ... وهذا أيضا تغير من الزمن ، حيث بات المباركون لا يزورون العروسين قبل انقضاء الأيام الثلاثة الأولى ، فيقام احتفال خاص للعروس في اليوم الثالث ، وله عاداته وتقاليده الخاصة ..
الأربعاء ـ 24/10/2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق