السبت، 25 يونيو 2011

لا تجامل

لا تجامل

قد يضطر أحدنا للمجاملة أحيانا ، أو للمسايرة أو للتطنيش ، إزاء مواقف تصدر تجاهنا من الآخرين الذين تربطنا بهم وشائج وعلاقات متنوعة ، من قبيل إعطاء الفرصة لخط الرجعة ، وعدم قطع الأواصر التي يمكن أن يكون لها آثار سلبية تنعكس على أشخاص آخرين ..

وليس ذلك عيبًا أو نقصًا ، حين لا تكون المجاملة أو المسايرة تملقا أو استغلالا لموقفٍ ما ..

كما لا يمكن أن تكون المجاملة بعيدة عما يُسمى " دبلوماسية " في بعض الأحيان ..

وقد تكون المجاملة بين أفراد العائلة أو الأصدقاء أو الأحبة أو زملاء العمل واجبًا تستلزمه طبيعة الحياة المشتركة ، والظروف الجامعة ، وذلك تجنبا للوصول إلى طريق مسدود ، وبالتالي ، قد يصعِّد التراكمات التي تودي إلى ما لا تحمد عقباه ..

لكن ، لا تكون المجاملة حميدة العواقب ، ولا مقبولة في حال ارتكاب الأخطاء ، ولا في انتهاك الحقوق ، ولا في تجاوز الأعراف والقوانين ، ولا في السلوكيات المؤذية للمشاعر أو المخلة بالآداب العامة ، ولا في التطاول على القيم المجتمعية ، حيث لكل مجتمع ـ صغير أو كبير ـ خصوصياته التي تآلف أبناؤه حولها ..

كما لا تكون المجاملة " قسرية " أبدا ..

" وإن كانت مطلوبة ومرغوبة وتصل إلى حد الوجوب ـ ربما ـ في العلاقات العائلية وما شابهها " ..

فالمجاملة ، سلوك خاص بكل فرد ، وهو شخصي الطابع ، ولا ينم عن ضعف في القِوى ، أو تهاون في المبادئ ، أو انكسار وهزيمة ، ويجب ألا يُفهم كذلك ..

ولا يكون ذاك السلوك على حقيقته إذا مورس بالإيحاء ، أو بناء على طلب ، لأنه يجب أن يكون سلوكا طبيعيا ، نابعا من أعماق الشخص وفكره وإيمانه بضرورة المجاملة ، في موقفٍ ما ، من شخص ما ، في لحظةٍ ما ، لسببٍ ما ..

ويجب أن يكون لها حدودها ومساحتها وعناوينها التي يمكن التساهل فيها " مجاملة " ، دون المساس بحقوق الغير ومكتسباتهم ..

لكن المجاملة ـ في نفس الوقت ـ دميمة وذميمة وغير أخلاقية ، حين تتوسع تلك الحدود والمساحات لتتحول إلى شكل من أشكال التملق والمداهنة و " تمسيح الجوخ " ، كما في حال سوء استخدامها كوسيلة للإساءة أو التطاول على حقوق الآخرين أو مشاعرهم ..

وقد اختلف الناس ـ عموما ـ في مفهوم المجاملة ، بين مؤيد بشدة ومعارض بأشد ، شأن ذلك كشأن الاختلاف في كل شيء والحمد لله الذي لا يُحمَد على مكروه سواه ..

وتفاصيل ذلك الاختلاف كثيرة جدا ، ومتنوعة ، بين الصفر والمئة وثمانين درجة ..

السبت ـ 25/06/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق