الثلاثاء، 28 يونيو 2011

مبادرة وطنية هامة !!

مبادرة وطنية هامة !!

" سورية للجميع في ظل دولة ديمقراطية مدنية " ، تحت هذا الشعار التأمت شخصيات سورية مستقلة ومعارضة في لقاء لها عقد في دمشق في 27/06/2011 ..

وهي مبادرة وطنية وهامة ، تأتي في ظل ظروف استثنائية ، وتحمل كثيرا من القلق المشروع عن مستقبل الحياة السياسية في سورية ..

وقد أعلن عقب نهاية اللقاء عن بيان تضمن عددا من النقاط ، رآه المجتمعون مناسبا للخروج من الأزمة السورية الحالية ..

ونحن لن ندخل في الحديث عن تلك الشخصيات وتاريخها ودورها وحجم تمثيلها وثقلها في الشارع السوري ، ولن نتطرق إلى موقف " المعارضة الخارجية " منها ، ولن نتسرع في الحكم على النوايا ، لكننا نسوق بعض الملاحظات التي تلفت الأنظار بشكل مباشر ، لتعطي دلائل ونتائج مختلفة ومتعددة :

ـ دأبت المعارضة " الوطنية " طيلة السنوات الماضية على مهاجمة الإعلام الوطني ونعته بشتى النعوت والسلبيات التي أتفق معهم في كثير جدا منها .. وشاهد الملايين على شاشة الإخبارية السورية في نقل حي ومباشر ، كيف أعرَضَ " وجهاء القوم " عن ميكرفونات الشاشات الوطنية ، وساوى بعضهم بين القنوات الوطنية والإعلام الآخر ، واختار بعضهم الميل للشاشات الأجنبية ..

لا بأس ..

ـ تأخروا أكثر من ثلاث ساعات عن موعد الافتتاح .. ولهم العذر في قلة الخبرة ، وتنطعهم بذلك لأول مرة ..

وأيضا لا بأس ..

ـ منعوا من المشاركة مَن لا يحمل بطاقة دعوة .. معهم حق في هذه ..

ـ قلة نادرة منهم " تكلـّفَ " عناء ترديد النشيد الوطني العربي السوري مع الموسيقا ، فيما تشاغل آخرون ، وبدا وقوف البعض مجعلكا وبلا قابلية ، على أساس أن " هذه المظاهر غير ضرورية في أوقات الشدة " ..

لا بأس أيضا ..

ـ بدت ـ أثناء الافتتاح ـ كاميرات التلفزة كـ " الأيتام على موائد اللئام " وسط التمنع والاختباء عنها ، وفي ظل انتشار عشرات كاميرات المشاركين " المبتهجين بحضور العرس " ..

أيضا لا بأس ..

ـ هم مجموعة غير متجانسين ، ولا يعبرون إلا عن أنفسهم ، " حسب تصريحاتهم وبيانهم النهائي " .. وهذا شأنهم ..

ـ ليلا ، قالت المذيعة رائدة وقاف على الشاشة السورية :

إن التلفزيون العربي السوري كان بصدد نقل وقائع الاجتماع على الهواء مباشرة ، إلا أن المنظمين " الوطنيين " رفضوا ذلك ، ومنعوا وجود أي وسيلة إعلامية داخل القاعة ..

ويبدو أن هذا جاء تمشيا مع ما ورد في بيانهم الختامي ، بأنهم يرفضون " التجييش الإعلامي " ..

كمااااان لا بأس ..

لكن :

1 ـ أليس في امتناع المعارضين عن التحدث للإعلام المحلي ، تضامن غير معلن مع قنوات أخرى تمارس " التجييش الإعلامي " مثلا ، وهي غائبة الآن عن التغطية ؟؟!!

2 ـ وإذا كان التعتيم الإعلامي الذي مارسته السلطة في سورية هو الداء الذي طالما اشتكت منه المعارضة " الوطنية " وغيرها ، " ومعها حق في ذلك " ، فما الذي يفسر موقف هؤلاء من الإعلام ووسائله وكاميراته ، وانهزامهم منه تارة واحتجابهم عنه تارة أخرى وهم " مجتمعون تحت سقف الوطن ، ومن أجل سورية وشعبها " ؟؟!!

3 ـ ألم يقعوا في نفس الحفرة عند أول ممارسة علنية لهم عبر " نضالهم الوطني " قائلين : إن السلطة تعتم ، وغير منفتحة على الشفافية الإعلامية ولا تصارح الجماهير بشكل واضح في كل ما يجري وراء الأبواب المغلقة ؟؟!!

4 ـ في نتائج اجتماعهم ، لم يظهروا طرفا ثالثا في الأزمة ، ولم يظهروا حياديين رغم أن المرحلة لا تحتمل هذا .. وأصروا على مطالب غير واقعية ولا عملية ولا يوافقهم فيها أغلبية الشعب السوري الذي افتقد الأمان واستشعر الفتنة وذاق الثكل واليتم ..

5 ـ وفي بعض مطالبهم ظهروا متخلفين جدا عما جاء في خطاب رئيس الجمهورية الأخير ، ولاسيما فيما يتعلق بتعديل الدستور أو تغييره ..

وإن كانت إشارتهم إلى وجوب استبعاد قيام الدستور الجديد على مبدأ قومي واشتراكي يحمل من الريبة ما يحمل ، ولاسيما التنكر للمبدأ القومي تحديدا ..

6 ـ لم يعيروا اهتماما للدعوة التي وجهتها هيئة الحوار الوطني التي أعلنت أنها ستلتئم في العاشر من الشهر القادم ، وأن الجميع مدعوون للحضور ، بلا أي شرط أو سقف غير الموقف من العدو الصهيوني ..

بمعنى : كل من يعادي الصهاينة هو حكما مدعو للحوار الوطني ..

7 ـ فلـ " تحيا المعارضة " الوطنية السورية "" ..

ولتهنأ أيها الشعب العربي السوري العظيم برجالاتها ..

فقد تمخض الجمل .. وذاب الثلج ..

الثلاثاء ـ 28/06/2011

الاثنين، 27 يونيو 2011

سأصير يومًا ما أريد .. سأصير يومًا شاعرًا

سأصير يومًا ما أريد .. سأصير يومًا شاعرًا

قالها محمود درويش ، وهو الذي أمضى جلّ حياته كلها بين قراءة الشعر وقرضه ..

قالها ، وهو الذي ملأ الدنيا وشغل الناس ، حقا ، في القرن العشرين ، ومطلع تاليه ..

إذا كان محمود درويش ، كل محمود درويش ، يريد أن يكون شاعرا وهو الستينيات من عمره حين قالها ..

وهو من هو :

مكانة ، وشهرة ، وإبداعا ، وتحليقا في سماء الشعر والفكر ..

فهل يحق لمثلي أن يقول ما " يشبه " تلك العبارة ؟!

طبعا ، أنا لا أجرؤ على القول : إني " أريد " أن أكون شاعرا ..

أنا فقط ، أسمح لنفسي أن " أتمنى " ..

وحقا ، إني أتمنى أن أكون شاعرا ..

ولا أشك أن الشعراء عموما ، قد أدركوا أهمية أن يكون الإنسان شاعرا في قومه أولا ، قبل أن يذيع صيته وينتشر شعره ..

ولئن قالها محمود درويش في " جداريته " ، في معرض " رثائه لنفسه " ـ كما أعتقد ـ فلأنه أراد أن يلامس أعصاب كثيرين ممن يصفون أنفسهم بـ " الشعراء " كي يراجعوا أنفسهم وأشعارهم التي يصفعون بها وجوه القراء صباح مساء ، وكي يخرجوا من الشرانق الخانقة التي حشروا أنفسهم فيها ، تحت مسميات وشعارات مختلفة ، ليست الإقليمية أولها ، وليست الدعوة إلى الاستسلام للأعداء آخرها ..

لقد غابت ـ مع الأسف ـ عن المضامين والأفكار والرؤى الشعرية تلك المفاهيم التي سادت عبر تاريخ الشعر العربي ، والتي جعلت منه " ديوان العرب " ، بما حَفِل به من قِيَم وخصال ومروءاتٍ تأبى الهوان والضيم ..

ولعل جزءا كبيرا من ذاك الغياب ، قد حصل نتيجة العمل " المبرمج " الدؤوب لقلب المفاهيم ، وتشويه القيم ، ومحاربة كل ما يمتّ لها بصلةٍ أو سبب ، كي يحلَّ محلها مفاهيم أخرى وقيم أخرى ، تتناسب مع الانهيارات الوطنية والقومية ، وعلى كافة الصعد القيمية والأخلاقية والإنسانية ..

وقد أفلح هؤلاء ـ بمناصرة واعية وحثيثة من أركان البيت العربي ـ في " عملية الوأد " وتحويل المشاعر والقيم .. وتبديل المفاهيم ..

فتحوّلَ الاستغراب إلى التبلد ..

والاستعجاب إلى العادي ..

والاندهاش إلى اللامبالاة ..

والاستنكار إلى المقبول ..

والإدانة إلى الاستحسان ..

والجريمة إلى البطولة ..

والسلام إلى استسلام ذليل ..

والإخوة إلى عداوة وتآمر ..

والصديق إلى عدو ..

والعدو إلى صديق ..

والوحدة إلى تجزئة المجزأ وتقسيم المقسَّم ..

والنجدة إلى تدخل يستوجب الصدّ والعقاب ..

باختصار ..

وصلنا إلى هنا أيها الشاعر الكبير :

لقد تقطـّعَت الأوصال ، وتشرذمت علاقات النسب والدم ، وتفتـّت ما بقي من مُهَج حَرّى ، تتلوع وتتشوى وتتقلى وتحترق ..

الإثنين ـ 27/06/2011

السبت، 25 يونيو 2011

لا تجامل

لا تجامل

قد يضطر أحدنا للمجاملة أحيانا ، أو للمسايرة أو للتطنيش ، إزاء مواقف تصدر تجاهنا من الآخرين الذين تربطنا بهم وشائج وعلاقات متنوعة ، من قبيل إعطاء الفرصة لخط الرجعة ، وعدم قطع الأواصر التي يمكن أن يكون لها آثار سلبية تنعكس على أشخاص آخرين ..

وليس ذلك عيبًا أو نقصًا ، حين لا تكون المجاملة أو المسايرة تملقا أو استغلالا لموقفٍ ما ..

كما لا يمكن أن تكون المجاملة بعيدة عما يُسمى " دبلوماسية " في بعض الأحيان ..

وقد تكون المجاملة بين أفراد العائلة أو الأصدقاء أو الأحبة أو زملاء العمل واجبًا تستلزمه طبيعة الحياة المشتركة ، والظروف الجامعة ، وذلك تجنبا للوصول إلى طريق مسدود ، وبالتالي ، قد يصعِّد التراكمات التي تودي إلى ما لا تحمد عقباه ..

لكن ، لا تكون المجاملة حميدة العواقب ، ولا مقبولة في حال ارتكاب الأخطاء ، ولا في انتهاك الحقوق ، ولا في تجاوز الأعراف والقوانين ، ولا في السلوكيات المؤذية للمشاعر أو المخلة بالآداب العامة ، ولا في التطاول على القيم المجتمعية ، حيث لكل مجتمع ـ صغير أو كبير ـ خصوصياته التي تآلف أبناؤه حولها ..

كما لا تكون المجاملة " قسرية " أبدا ..

" وإن كانت مطلوبة ومرغوبة وتصل إلى حد الوجوب ـ ربما ـ في العلاقات العائلية وما شابهها " ..

فالمجاملة ، سلوك خاص بكل فرد ، وهو شخصي الطابع ، ولا ينم عن ضعف في القِوى ، أو تهاون في المبادئ ، أو انكسار وهزيمة ، ويجب ألا يُفهم كذلك ..

ولا يكون ذاك السلوك على حقيقته إذا مورس بالإيحاء ، أو بناء على طلب ، لأنه يجب أن يكون سلوكا طبيعيا ، نابعا من أعماق الشخص وفكره وإيمانه بضرورة المجاملة ، في موقفٍ ما ، من شخص ما ، في لحظةٍ ما ، لسببٍ ما ..

ويجب أن يكون لها حدودها ومساحتها وعناوينها التي يمكن التساهل فيها " مجاملة " ، دون المساس بحقوق الغير ومكتسباتهم ..

لكن المجاملة ـ في نفس الوقت ـ دميمة وذميمة وغير أخلاقية ، حين تتوسع تلك الحدود والمساحات لتتحول إلى شكل من أشكال التملق والمداهنة و " تمسيح الجوخ " ، كما في حال سوء استخدامها كوسيلة للإساءة أو التطاول على حقوق الآخرين أو مشاعرهم ..

وقد اختلف الناس ـ عموما ـ في مفهوم المجاملة ، بين مؤيد بشدة ومعارض بأشد ، شأن ذلك كشأن الاختلاف في كل شيء والحمد لله الذي لا يُحمَد على مكروه سواه ..

وتفاصيل ذلك الاختلاف كثيرة جدا ، ومتنوعة ، بين الصفر والمئة وثمانين درجة ..

السبت ـ 25/06/2011

الجمعة، 17 يونيو 2011

سراب الخيبة

سراب الخيبة

"" وجدت هذا النص بين كومة أوراق مشابهة ، وهو غير مكتمل ، وغير مؤرخ بالضبط ، لكنه مكتوب قبل بضعة أعوام .. ""

أغلقتْ الباب ، ووقفتْ أمام النافذة .. رسمتْ أيقونة حبٍّ على صدرها .. رصّعتها بحباتٍ من القرنفل الطازج .. واستسلمتْ للمدى المفتوح على كل المجرات ..

وفي الهدأة ، تلقي بنفسها في أحضان الليل ، وتغفو كزيتونة جردتها الريح من ثمارها وأوراقها ..

" صمَتتْ ، لم تسْلمْ ..

" تكلمتْ ، لم تـُصَدّقْ ..

" وحين أنهكتها الظروف التي مازالت تنهش في أوجاعها ، رفعتْ بيديها الاثنتين رايتها البيضاء ، فقالوا : متعجرفة ..

وقالوا : مجنونة .. وقالوا : أنانية .. وقالوا : قوية كثور ..

لكنهم أجمعوا أنها لا يمكن أن تفعل ذلك ..

لم تمَكـِّنْ أحدًا منها ..

لهثوا خلفها طويلا .. قدّموا ما استطاعوا وما لم يستطيعوا .. عرضوا الزواج مع صك مفتوح وعلى بياض ..

ساوموها بالسر والعلن ..

راقبوا كل شيء فيها وحولها ..

بيتها .. خزانة ملابسها وسرير نومها وأدواتها الخاصة .. سيكاراتها .. فناجين قهوتها .. الكومبيوتر وطاولة المكتب .. محفظة يدها ..

ولم يوفروا البحث والتقصي عن كل من يلوذ بها من أقارب وأصدقاء وصديقات ..

وكلما تهيأ لهم أنهم أمسكوا برأس خيط ، ينجلي الأمر عن وَهْمـٍ ، وَوَهْم ..

تحيّروا في أمرها وسر عنادها وقوتها ..

ما الذي يجعلها صامدة أمام جبروتهم ؟

أظهروا لها قوتهم وجرأتهم ، لعلها ترتدع وتخاف وتتراجع .. فلم يحصدوا سوى سراب الخيبة ..

كل أنواع التهديد المباشر وغير المباشر ، مورست عليها وعلى المقربين منها ..

كان ردها حاسما صارما : لو أصاب أيُّ سوءٍ أيَّ أحد منا ، فأنتم المسؤولون ، ولن ينجو أحدكم من العقاب مرتين على الأقل .. قالتها لهم ، فردوا : إنها تتبجح ..

لم يتوقعوا ، ولم يصدقوا صمودها أمام الترغيب والترهيب ..

" ما هذه الأنثى " ؟!

قالت للقاضي : كلهم عصابة واحدة ، وكلهم منتفعون ، وكلهم مرتبطون ببعضهم بمصالح ومنافع يتبادلونها ، ولا يسمحون لأحدٍ اختراقَ صفوفهم ، ولم يتمرد أحدٌ عليهم إلا وكان له مصير محتوم ، كمصير : عبد الرحيم ، وأبي وائل ، ووليد ، وتيماء .....

وفي السجن أضافت : لكن نورا .. ليست كأي من هؤلاء ..

قالوا : هي قوية ، بلا عنف ..

ذكية ، بلا خبث ..

واضحة .. سريعة البديهة ..

لسانها سليط حين اللزوم ..

ويتطاير الشرر من عينيها ، ليحرق مَن أصابها بلؤمه ..

إذا أقدمتْ لا تتراجع .. فهي تحسب خطواتها جيدا ، وتعرف ما لها ، وما عليها ..

تستخدم كل أسلحتها المشروعة ، وتجيد صدَّ قذائفهم ، لتعيدَ توجيهها ، محوِّلة المعركة إلى ساحتهم ..

وحين خرجت من السجن بعد أيام ، ظنوا أنها مدعومة من قوى أكبر من مجموع قواهم ..

لكنهم لم يجدوا دليلا واحدا يؤكد ظنهم ..

إذن ما سر قوتها ؟!

الأحد، 12 يونيو 2011

العثمانية الجديدة ـ تـُرْك فـَسِّيك

العثمانية الجديدة ـ تـُرْك فـَسِّيك

ليس غريبا علينا الموقف الحكومي التركي المتصاعد تجاه الأحداث الجارية في سورية الآن ، لا لأن الموقف العربي عموما أشد وأكثر غرابة وإيلاما ، ولا لأن الموقف العالمي مرهون بمصالحه المرتبطة أساسا بالصهاينة ومشروعهم في المنطقة .. إنما لأننا اعتقدنا ـ في يوم من الأيام ـ أن للمستعمرين قلوبا أخرى غير التي وصفها المرحوم الشاعر أحمد شوقي :

وللمستعمرين وإن ألانوا قلوبٌ كالحجارة لا ترقُّ

ولا يعتقدنّ أحد أنني أنتظر ليونة " استعمارية " تجاهنا ، فلقد اعتدنا النباح الأمريكي ، والعواء الغربي والصهيوني ، والفحيح العربي الأصيل ..

لكني أود أن أشير إلى أن تركيا الرسمية وليس الشعبية ، الحكومة الغيورة ، المتباكية على عصابات القتل والتمثيل والتآمر مع الخارج ، تنسى نفسها ، وتنسى أن بيتها من " زجاج هش " ، وهي التي قامت بملاحقة مسلحي وأعضاء حزب العمال الكردستاني " المحظور " ، حتى اجتاحت عمق الأراضي العراقية قبل الاحتلال الأمريكي للعراق وبعده ، وشنت عليهم عشرات الحملات العسكرية في سنين طويلة مضت ، وما تزال ، وبكل صنوف الأسلحة الجوية والبرية من أجل تدميرهم والقضاء عليهم .. وما يزال رئيس الحزب " عبد الله أوجلان " سجينا في تركيا ، ومحكوما عليه بالإعدام ..

فما هذا الاستشراف التركي الحكومي الآن ؟؟!!

لماذا لا تقبل تركيا مجرد الاعتراف بحزب العمال الكردستاني ، رغم وجود أكثر من 20 مليونا منهم في تركيا ؟؟ هل تقبل تركيا عصيانا مسلحا منهم ؟؟

أ لأن سوريا دعت " فقط " عددا من الأحزاب الكردية للحوار الوطني ، بعد انعقاد مؤتمر " المعارصة السورية " في تركيا ، أصيبت تركيا بالهستيريا ، وفقد " أردوغان " صوابَه ورشدَه ، وصار يلقي التهم والتهديدات ؟؟!! ..

وإلا ما معنى أن تحتضن تركيا ما سُمي " مؤتمر المعارصة السورية " ؟؟!!

ثم يتفاصح أردوغان ويقول : لم يعترض الأسد على ذلك .. وكأنه يلقي اللوم على الأسد بعدم اعتراضه ، وفسرها ضمنا وعلى خبث منه ربما : بموافقة الأسد ..

ثم يعلن صراحة ، بأنه لم يكن ليستجيب لاعتراض الأسد لو اعترض .. يقصد : لن يتراجع عن دعمه للمعارضة السورية سواء اعترض الأسد أم لم يعترض ..

ما هذا الهراء يا أيها الأردوغان ؟؟!!

ما هذه البجاجة يا أردوغان ؟؟!!

إذن ، لماذا تتعلل بأن الأسد لم يعترض ؟؟!!

هل يجب أن تقول لك سورية ما هي حقوقها عليك ؟؟!!

لماذا يحق لتركيا " العظمى " ما لا يحق لسورية ؟؟!!

لماذا غضبتَ من دعوة الأحزاب الكردية للحوار الوطني إذن فأرغيت وأزبدت يا أيها الأردوغان ؟؟!!

لماذا يحق لتركيا أن تدعم الإخوان المسلمين وتحتضن قياداتهم ، وهم يعملون من أراضيها ضد سورية وشعبها ، بينما لا يحق لسوريا أن تدعو الأحزاب الكردية لطاولة الحوار ؟؟!

ألم تؤيد تركيا دعوة الحوار في سورية ؟؟!!

أليست الأحزاب الكردية جزءا من المكوِّن الشعبي الوطني السوري ؟؟!!

إنها أسئلة برسم " الأردوغان " الذي أخرجه الصهاينة من فلسطين ذليلا أيام العدوان الصهيوني على غزة ، ثم قتلوا من أبناء شعبه في " أسطول الحرية " ، لكنه بلع الإهانتين برحابة صدر كما يبدو ، وبدأ يحاضر علينا " بالعفة والشرف والمروءة " التي يفتقدها كلها ..

فيا أيها الـ أردوغان :

لقد صدق الشعب العربي السوري ـ والشعب دوما صادق ـ في تسميته لك : بـ " تـُرْك فسِّيك " ..

وهذه إشارة جلية من وجدان الشعب العربي السوري ، ومن ضميره الحي ، ومن تجربته ومعاناته المريرة معك ، إلى أنه ، ليس لمثلك موقف ثابت أبدا ، وأنك كثير وسريع التقلب ، و " لا يُؤتمن لكَ جانب " ، خاصة أن الشعب قد خبرك وعرفك جيدا ، وذاق على أيدي أسلافك دنيءَ جرائمكم ووحشيتكم عبر أربعة قرون استعمارية بغيضة مضت ..

وإن كنت أقول الآن في تركيا الحكومية ورئيس وزرائها " الأجَلّ " عكس ما قلته في مقالات سابقة ، فلأنه هو من بدأ بإطلاق النار على شعبنا ظلما وبهتانا ، من أجل مصالحه الانتخابية تارة ، ومصالحه في " الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي " تارة أخرى ، وبالتالي من أجل مصالح الأمريكان والصهاينة ، لإعطائه دورًا ما ، كشرطي جديد ، بعد زوال : شاه إيران ، والرئيس المصري السابق ..

وليس " أردوغان " الرجل الأول الذي " يكوّع " ضد سورية ، فقد سبقه " جنبلاط " قبل تكويعته الأخيرة .. وكذلك " الحريري " ، ومع ذلك ، صفحت سورية عن هذين ، وفتحت لهما صدرها ..

وبعد ....

إنها " الفوضى الكريهة الخلاقة " بعينها التي أرادها المحافظون الجدد الأمريكيون ، والصهاينة ، والعثمانيون الجدد الأردوغانيون ، والمستعربون الجدد ..

ومع إيماني المطلق بضرورة الإصلاح الشامل ، بما يتوافق مع الإرادة الشعبية ، فإنه يجب أن يكون سلميا وحضاريا ، ولا يخرب ممتلكات الشعب ، ولاسيما بعد أن دارت عجلة الإصلاح في طريقها الصحيح ، وأقرت " الغندورة المتصابية " وزيرة الخارجية الأمريكية به ، لكن إقرارها ذهب أدراج الرياح سريعا ، مثلما ذهب كلام رئيسها قبلها أمام النتنياهو " الغضنفر " ..

ومع كل ذلك ، فهو بالنسبة لشعبنا : لا عَـ الطيط ، ولا عَـ الزمارة ..

عاشت الأمة العربية ..

عشتم ، وعاشت سورية عربية حرة أبية ..

الأحد ـ 12/06/2011

الجمعة، 10 يونيو 2011

أيهما تختار مُكرَهًا ؟

أيهما تختار مُكرَهًا ؟

أين نكذب أكثر ؟ في العواطف أم في السياسة أم في التجارة ؟

لماذا تكون الأحلام مخادعة حينا ، وكاذبة أحيانا ؟

أين نكون صادقين أكثر : مع الآخرين ؟ أم مع أنفسنا ؟ أم مع الله سبحانه وتعالى ؟؟

متى يكون للصدق ألوان شتى ؟

ومتى لا يكون للكذب ألوان شتى ؟

أيهما أفضل : الصادق رهبة ، أم الصادق رغبة ؟

أيهما أجبن : القاتل ظلما ، أم المقتول قهرا ؟

أيهما الأشنع : غش الطبيب ، أم غش الحبيب ؟

أيهما الأنكى : لؤم القريب ، أم لؤم البعيد ؟

أيهما الأقسى : هجر الحبيب ، أم استبدال الحبيب ؟

أيهما أبشع : جاحد ، أم بخيل ؟

أيهما أصدق : دموع المرأة ، أم دموع التماسيح ؟

أيهما الأنجح : الكذب الوسيلة ، أم الكذب الغاية ؟؟

أيهما الأحلى : كذب الحبيبة ، أم كذب الحبيب ؟

أيهما الأصوب : كذب الزوجة ، أم كذب الزوج ؟

أيهما الأسهل : صعود القمة ، أم الاحتفاظ بها ؟

أيهما أقسى : ليل بارد ، أم حب بارد ؟

أيهما أقذر : نمّام ، أم دسّاس ؟

أيهما الأقذر : محرّض ، أم غدّار ؟

أيهما أرقّ : قلبٌ عاشق ، أم قلبٌ خاشع ؟

أيهما أمْوَت(1) : عطش للحب ، أم ظمأ للماء ؟

أيها الأبيض(1) : الثلج ، أم بياض العين ، أم بياض البيض ؟

أيهما الأسود(1) : ليل الهارب ، أم ليل رجل عِنين ؟

أيهما الأصعب : غضب الأم ، أم غضب الأب ؟

أيها الأعلى : جبين عال ، أم أنْفٌ أنِفٌ ، أم أنفٌ مُشْمَخِرٌّ ؟

أيهما أسمى : أن تكون صقرا ، أم نسرا ؟

أيهما الأخبث : الخيانة ، أم التجسس ؟

أيهما أمتن : سلاسل الفولاذ ، أم رباط الإخوة ؟

أيهما أجرأ : منتقِم ، أم صاحب ثأر ؟

أيهما ألعن : أحلام اليقظة ، أم أحلام النوم ؟

أيهما الأسخف : المتطفل ، أم الدّعيّ ؟

أيهما أقوى : صاحب حق ، أم صاحب مال ؟

أيهما الأقوى : صاحب جاه ، أم تاجر رقيق أبيض ؟

أيهما تختار مُكرَهًا : التضحية بالابن ، أم بالحفيد ؟

أيهما أكرم : بذل المال ، أم الإسراف فيه ؟

أيهم أظلم لنفسه : كافر بالنعمة ، أم قوّاد ، أم محترفٌ ذلَّ السؤال ؟

الجمعة ـ 10/06/2011

(1) ـ قاصدا ، استخدمت بعض أسماء التفضيل " لضرورة النثر " ، خلافا للقاعدة النحوية ، ولقاعدة : الضرورة الشعرية .. " اقتضى التنويه ..

الاثنين، 6 يونيو 2011

تأهّبْ .. تأهّبوا

تأهّبْ .. تأهّبوا

" استرحْ ، تأهَّبْ ، إلى الأمااام سِرْ .. شمال ، يمين ، شمال ، يمين ، شمال شمال شمال يمين ..

انتبهوا يا حراس انتبهوا منيح .. الحرامية بيمشوا بخيال الريح " .. ( مسرحية ميس الريم للرحابنة وفيروز ) .

.........

يتأهب القارئ ، يختار كتابه ، وينتحي إلى مكان هادئ ، ثم تتحرك عيناه فوق السطور ، بعد أن ينفض الغبار من ذاكرته ..

يتأهب الكاتب ، تكون الفكرة على نار هادئة أو حامية في رأسه ، يمسك بالقلم ، تتكأكأ الكلمات ، يضع يده فوق الورقة ، ينز القلم ، تتساقط ، وترتمي فوق السطور عارية ..

يتأهب الجندي ، يحمل السلاح والجعبة ، يتخذ الوضعية المناسبة ، يلعن الحظ والواسطة ، ويستعد لكل الاحتمالات ..

يتأهب شرطي السير ، يعتلي دراجته ، ويتجول بها كالطاووس ..

يتأهب عامل النظافة ، يشحذ مكنسته ، يعلق سطليْهِ فوق العربة ، ويقصد وجه ربه ..

يتأهب السارق ، يحمل مشرطه .. يعقد ما بين حاجبيه متأثرا بدخان سيكارته الملغومة ، ويمضي إلى أماكن " العَجْقة " ..

يتأهب المغني ، يتأنق ، يبتسم ، يهتز ، يهوبر ليحرك المهوبرين ، ينقل " المايك " من تحت إبطه ليحشوه في فمه ..

يتأهب الحدّاد ، يشعل النار ، ويجمّر الحديد ، يمسك المطرقة والملقط ، وفوق السندان ينهال بلا رحمة ، فهي ضارة هنا ..

يتأهب الحلاق ، مشط ومقص ، ولسان حاذق أكثر من حد الموس ، وعينان كالرادار ، وضحكة فاقعة يصفع بها الزبائن والمارة ..

تتأهب الموظفة ، تعيد بناء وترميم كل تفاصيلها ، قبل أن تخرج إلى ساحة الوغى ..

تتأهب الطفلة بمساعدة أمها ، تقفز فرحا ، ترقص جديلتاها وهي تعدو نحو حافلة الحضانة ، تلتقط المشرفة ذراعها الغضة ، وتلقيها إلى الخلف فوق الكتل الأخرى ..

يتأهب الصياد ، وهم كثر .. قراصنة وصيادو البر والبحر والجو .. صيادو الجاه والفرص والنساء .. صيادات الرجال والمال ..

يتأهب سائق الشاحنة ، يتفقد الزيت والماء وهواء العجلات ، يدير المحرك ، يصغي لموسيقاه ، يتأكد من خلوه من النشاز ، ينتظر امتلاء خزانات الهواء ، يحرر الفرامل ويؤنفل " عن عن عن عن " متنقلا بعينيه بين المرايا المحدبة والمقعرة ..

تتأهب البصّارة ، تكوي وجهها الأجعد ، تضع بخورا نتنا على نار تحت الرماد ، وتسحب المتراس من خلف باب " العيادة " ، محافِظة على نسيج العتمة والدخان ..

تتأهب الزوجة .. لا أعرف كيف !!!

يتأهب العاشق ، ليس من شجرة لم تهزها الريح .. تتعدد أنواع العشق .........

فلو سمحتم ، صِفوا لنا تجربتكم يا رعاكم الله ..

الإثنين ـ 06/06/2011

الأحد، 5 يونيو 2011

فضاء ملبّد في بيت الخـُلد

فضاء ملبّد في بيت الخـُلد

" الخـُلد " بضم الخاء وليس بكسرها كما هو شائع خطأ ..

والخـُلد : يُجمَع على : خـُلدان ، وهو حيوان جاسٌّ ، وحيد الجنس والنوع ، عديد الضروب ، من فصيلة " الخُـلديات " ، رأسه غليظ ، وعيناه مخفيتان تحت الجلد ، يُقال له أيضا : " الفأرة العمياء " ، ويضرَبُ به المَثل في شدة السمع ..

(( معجم المنجد في اللغة العربية المعاصرة ـ ط 2 ـ دار المشرق ـ بيروت )) ..

وقد نسخت تلك المعلومة إزالة للبس الذي كان يلازمني ويلازم الكثيرين ـ ربما ـ عن الكلمة ، وأعتذر للإطالة ..

وبيت الخـُلد : رواية الأستاذ وليد إخلاصي ، صدرت له في دمشق عن اتحاد الكتاب العرب ، عام 1982 ، ومذيلة بتاريخ 1978 ـ 1980 .

هي رواية أخرى ، نحاول ـ من خلالها ـ الطيران في فضائها ، وإن كان الجو العام فيها " ملبدا بالغيوم الدّكن " ، مما جعل الملامح غير واضحة هنا ، على عكس رواياته : باب الجمر ، والحنظل الأليف ، وزهرة الصندل ، والتي سبق لنا أن عبرنا فضاءاتها " الحلبية " المميزة ، فبدا من الصعب أن تنضم " بيت الخلد " إلى فضاء شقيقاتها السابقات ، لعدة أسباب ، سنأتي على إدراج بعضها لاحقا ..

ومنذ البداية ، وضع الكاتب البلاد كلها تحت رحمة " الظلام " .. حين هاجر سكان القرى إلى المدن ، هربا من " ظلام التخلف " ، وعاشوا في الأحياء القديمة من المدينة في " ظلام التقدم " ..

ولأن حلب ، المدينة العتيقة القديمة ، " متعِبة " ، فإن قاطنيها يحلمون بـ " جديد له نكهة التاريخ " ، يربط الماضي بالحاضر ، وتستعيد الحياة رونق الألق الذي مرت به المدينة عبر أمجاد تليدة دَرَسَت ، وبقي منها " طاسة تقدِّم لك ماءَ الظلم والمحبة ، فترويك في الحالين " ..

" فالبطل ، صحفي ، مقهور ، مضطهَد ، فقير ، متزوج من امرأة لا تنجب ، ثم أحبَّ امرأة أخرى ، " مدرِّسة فلسفة " ، لكنه غاب فجأة ، ومات قبل أن يبوح لها بحبه ، ولرقـَّته ، لم " يخلـِّفْ ظلا على إسفلت المدينة المتوهج " ..

" أكثم الحلبي : بطل الرواية ، له معاناته الوظيفية والاجتماعية ، وقد وُجدَتْ " سراب " في الرواية كي تستجلي لنا شخصية أكثم ، وتوضح وتفسر تصرفاته وأقواله على طريقة : " الراوية " لدى الشعراء ..

" وهو ريفي هادئ ، عادي البنية ، متماسك الخطوات ، ليس فيه خشونة أهل الريف .. أسمر ، ذو نظارات طبية ، عمِل فلاحا ، ثم راعيا ، فإسكافيا ، فصحافيا !!!

" وخرج من القرية شبه أمي ، يحفظ بعض القرآن الكريم ، ثم تعلم في خان أثري من خانات حلب .. ماتت أمه أثناء ولادته ، ومات جده عندما كان صغيرا ..

ويعيد الكاتب الاعتبار لبطله ، فيواسيه : " كان فلاحا سحَرَته المدينة ، ثم ما لبث إن صار إحدى ضحاياها " ، وهذا الفلاح " لم يُخلق ليعيش زمن المدن الحديثة ، لأن النقاء الذي بداخله ، لم تلوثه قذارات المدينة " ، ولذلك ، فقد انتهى البطل من " المدينة " ، بنفس الدهشة التي دخل إليها ..

ولو أن هذه الشخصية غنية ومتعددة الوجوه بتطوراتها ، إلا أننا لن نقف عندها ، وسنكتفي برصد ملامحها الدرامية ، لاستكشاف البيئة العامة زمنيا ومكانيا ، خاصة بعد موته المأساوي في حريق بيته ..

وإذا انتقلنا إلى المهم هنا ، فهذه أول رواية لوليد إخلاصي يتطرق فيها إلى " ذِكر " القرية ، ويستحضر منها " بطلا لروايته " ينتمي إلى فقرائها ، لكنه أسماه " أكثم الحلبي " ..

أما الشخصيات الأخرى ، فهي :

قمر : زوجة أكثم ..

سراب : " الحلم والواقع " ، نرجسية العلاقة مع أكثم .

نمر الكلسي : رجل مخابرات ، فسجّان ، فسمسار ..

أحمد المرعي : وجيه في القرية

المحقق .

☼☼☼

حلب في الرواية ، لم أعرفها، ولا يمكن أن يعرفها أحد آخر ، كأنها ليست حلب الكاتب ، ولا حلبي ، ولا حلب التاريخ ، ولا الجغرافية ، ولا الماضي ، ولا الحاضر ..

حلب التي نعرفها ، تحتضن أبناءها ـ ونحن أبناؤها ـ بمحبة وود وألفة .. أما هذه ، فإنها تختبئ وتحتجب وتتستر منا وكأننا غرباء عنها ، محرّمون عليها ..

إنها كالماء الصالح للشرب : بلا نكهة ولا لون ولا طعم ولا رائحة ..

فلو استبدلنا باسمها أي اسم آخر ، لما تغير شيء في الفضاء ، كون الملامح الموصوفة تنطبق على أكثر من مكان ، ولا يختص شيء منها بـ " حلب " ..

ولم تبرز حلب ، تلك " المعشوقة الجميلة " التي يتغنى بها عاشقوها ، ويتبارون في كسب ودّها ولثم أظافر قدميها حبا بها واعترافا بجميلها ، ولم أشعر أن حلب هي مسرح الأحداث في الرواية ..

كما لم يستطع الكاتب أن يجعلنا نتأثر ، سلبا أو إيجابا " بالفضاء " الريفي الجديد " ، رغم سعيه لدمجه في الحياة اليومية عبر البطل والشخصيات الأخرى ..

فلا استمتعنا بحلب ، ولا تعاطفنا مع الريف ..

وقد بدا الصراع فيها هشا ، مسكونا بلغة هي أقرب إلى " المنشور السياسي المتأدب منه إلى " العمل الروائي " ، رغم أن هذه الرواية تقع ـ زمنيا ـ بعد عدد كبير من الأعمال الروائية والقصصية والدراسات التي أصدرها الكاتب .. بمعنى : لم تكن هذه الرواية باكورة إنتاجه ، كي نتسامح معه في مجرياتها ومقاصدها وحبكتها وأحداثها وطروحاتها الفكرية ..

وفوق ذلك ، فالرواية " ساذجة " بسذاجةِ ووهن الأسباب التي أدت إلى ارتكاب جريمتها ـ الحدث " الواضحة " الخالية من التعقيد المثير ، المثقلة بالدوافع الباردة الباهتة الهزيلة ، فكانت أضعف من أن تدفع أيا كان لارتكاب جريمة ما ..

وجاء " سرّ " ارتكابها واضحا جدا ، ولا يحيرك طريقُ الوصول إليه أبدا ..

☼☼☼

ربما يكون بعض تلك الملاحظات قاسيا في الحكم على عمل روائي كهذا ، بعد اثني عشر عاما على صدوره .. (( صدرت الرواية عام 1982 ، وكتب المقال عام 1994 )) ..

لكن ، يسقط هذا الرأي إذا عرفنا أن هذه الرواية تحمل الرقم (22) في تسلسل الأعمال المنشورة للكاتب حتى حينه ، كما أن الفاصل الزمني بين صدورها ودراستها ، لا يمثل عبئا على الرواية ، وثمة كثير جدا من الأعمال التي تدرَس بعد مئات السنين دون أن ينتقص ذلك من قيمتها ومكنوناتها .. وربما العكس هو الغالب أحيانا ..

فالخـُلد الأعمى ، ترك انطباعا واضحا على تسلسل الأحداث و " صراعاتها " ، وكأنها تجري بين مجموعة من " الخـُلدان " ..

وإن كانت رجاء طايع ترى أن رواية بيت الخلد : " بنية ديناميكية تستمد شرعيتها الوجودية من نجاح الكاتب في السيطرة على البعد السردي والإيقاعي " .

(( جريدة تشرين ، دمشق العدد 2537 تاريخ 02/05/1983 )) .

لكني أخالفها الرأي ، وحتى إن كانت هذه ميزة ، فهي في أحسن حالاتها : سلاح ذو حدين ..

1994

الأحد ـ 05/06/2011

" مرة أخرى ، تتزامن مساوئ الصُّدف في ذكرى يوم كهذا " ..