السبت، 24 أبريل 2010

لبنان كله في السفارة السورية


لبنان كله في السفارة السورية


جاء في الأخبار أن " السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي ، وجه الدعوات باسم السفارة إلى جميع المرجعيات السياسية والروحية والوزراء والنواب الحاليين والسابقين وقيادات الأحزاب الوطنية والإسلامية وبعض الفعاليات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية " ، لحضور حفل استقبال بمناسبة الذكرى الرابعة والستين لجلاء القوات الفرنسية عن سوريا (عيد الجلاء) وذلك يوم الاثنين 19 نيسان 2010 الساعة السابعة مساء في بيال ..

هذا الحدث البارز، تميّز من خلال نوعية الحضور الذي غصّت به القاعة، وتنوع انتماءاته السياسية ، حيث حضرت جميع الكتل النيابية بدءا من رئيس مجلس النواب نبيه بري على رأس وفد من كتلته ، مرورًا بممثل رئيس الجمهورية ، وممثل رئيس الحكومة ، وصولا إلى كتلة الوفاء للمقاومة برئاسة النائب محمد رعد ، وكتلة المستقبل النيابية التي ضم وفدها النواب : أحمد فتفت ، عمار حوري ، محمد الحجار، محمد قباني ، عاصم عراجي وبدر ونّوس ، ووفد كتلة حزب الكتائب الذي ضمّ النائبين : سامر سعادة وفادي الهبر ، ونائب رئيس الحزب شاكر عون ، ووفد حزب القوات اللبنانية ممثلا بكل من : النائب جورج عدوان ووزير العدل إبراهيم نجار.

إلا أن الدلالة اللافتة والعلامة الفارقة في هذا الحفل كانت بكثافة مشاركة ما تبقى من قوى 14 آذار في هذا المهرجان السياسي ، حيث بدا " الحجُّ " جليًا وواضحًا تجاه سوريا ، ما يبشّر بأن طريق الشام ستشهد زحمة وفود باتجاه العاصمة السورية دمشق ، خصوصا في ظل مشاركة لافتة لوفود حزب الكتائب وحزب القوات اللبنانية ..
ونـُقل عن أحد نواب التيار الوطني الحر قوله تعليقا على مشاركة نواب من 14 آذار : عم يعملوا " روداج " قبل الصعود إلى دمشق...!.

***

سأكتفي من الاحتفال بما تناقلته جميع النشرات الإخبارية اللبنانية والعربية والعالمية ، وجميع الصحف ووكالات الأنباء ، والمواقع الإليكترونية أيضا ..

لأقول :

ـ أتمنى أن يكون بعض اللبنانيين قد أدركوا أنّ علاقتهم بأمريكا ، ليست ـ في المنظار الأمريكي ـ سوى علاقة العميل بسيده ، وأن انخراط بعضهم في المشروع الصهيو ـ أمريكي لا يخدم سوى أعدائنا ..

ـ أتمنى أن يكون بعض اللبنانيين قد وعوا أنهم ـ بالنسبة لأمريكا ـ لا يمكن أن يكونوا أهم من الصهاينة ، وبالتالي هم ليسوا أكثر من حطب ، تشعله وتحرقه أمريكا في الوقت الذي تتطلبه المصالح الصهيونية ..

ـ أتمنى أن يكون بعض اللبنانيين قد فهموا أن سوريا لا يمكن أن تنظر إليهم إلا كأشقاء ، بمقدار ما يكونون سائرين معها في الاتجاه الصحيح نحو عدو واحد ومشترك ..

ـ أتمنى أن يكون بعض اللبنانيين قد عرفوا الفرق بين علاقتهم بالشقيقة سوريا ، وعلاقتهم بالخصوم والأعداء ..

***

ـ فسوريا ، تعيش بدونهم عزيزة كريمة ، ولا يستطيعون العيش بدونها ، وهم يعرفون ذلك جيدا ..
ـ وسوريا ، قدمت على أرضهم ، ومن أجلهم ، عشرات آلاف الشهداء ، فيما كانوا يفعلون بأنفسهم ـ مع الأسف ـ ما لا يفعله العدو بعدوه ..
ـ وسوريا قدّمتهم وفضّلتهم على مواطنيها في مائها وخبزها .. في كهربائها ومحروقاتها ، فيما كانوا يوقظون بعضهم بصواريخ الآر بي جي ..
ـ وسوريا احتضنت مئات ألوفهم على أراضيها وفي مدنها وقراها ومزارعها ، ومدارسها ومعاهدها وجامعاتها ومستشفياتها ، حين ضاقت لبنان بهم بفعل اقتتالهم وتناحرهم ..
ـ وسوريا تحمّلتْ قسوة الحصار والعداوة والصدّ من القريب قبل الغريب ، من أجلهم ، حين استنجدوا بقواتها لوقف حربهم الطاحنة ..
ـ وسوريا حافظتْ لهم على كيانهم وهويتهم وعروبتهم ووحدتهم ووحدة أراضيهم ، بدماء شهدائها التي روّت لبنان ، كلَّ لبنان ..
ـ وسوريا تعالت فوق جراحاتها حين كانت قذائف بعض اللبنانيين تستهدف قواتِها العاملة فوق أراضيهم ومن أجلهم أيضا ، ووقفت على مسافة واحدة من جميع طوائفهم وأحزابهم ومناطقهم ـ ما مكنوها من ذلك ـ بينما كان هذا متعذرا بين طوائفهم وأحزابهم واتجاهاتهم وانتماءاتهم وارتباطاتهم ومصالحهم ..
ـ وسوريا قدمت لهم كل شيء في دعم مقاومتهم وصمودهم لإسقاط اتفاق الإذعان ( اتفاقية 17/أيار/1983) الذي قال فيه القائد الخالد حافظ الأسد ( هذا الاتفاق وُلِدَ ميْتًا ) .. وحتى تحررت بيروتهم عام 1983 من غزوة وعدوان شارون الذي احتلها عام 1982 ..

واستمرت في ذلك الدعم حتى تحرر معظم الجنوب اللبناني واندحر الصهاينة منه في أيار/ 2000 ..

***

صحيح أن سوريا تفعل ذلك كجزء من واجبها القومي تجاه أشقائها في الدم والحرية والمصير ، لكن يتوجب على الأخ أيضا أن يقدر لأخيه هذا الصنيع ، وألا يجحده حقه ، وألا يكون حربة في ظهره ، أو مقرًا أو ممرًا لاستهدافه من العدو ، أو العدوان عليه أو التآمر ضده .. وإلا .. يفقد الصنيعُ والواجبُ القومي مقومات القيام به ، ويصير فعلا عبثيا ، كالحرث في البحر ..

هذه سوريا .. تجمع ولا تفرّق .. جمعت اللبنانيين جميعهم تحت سقف السفارة ، وتحت العلم السوري ..

هذه سوريا .. لم تفرق بين حليف وخصم في لبنان الشقيق .. فهي مع الحليف حتى النصر أو النصر ، وهي مع الخصم لمساعدته على النهوض من تعثره ، فإذا مدّ يده طالبا العون ، وجد مكانه الطبيعي في أحضانها ، شريطة وضوح الرؤيا ، وسلامة القصد والمَقصد ..

ففي السياسة ـ بشكل عام ـ لا توجد خصومة أبدية ، ولا تحالف أبدي .. فكيف إذا تعلق الأمر بفسيفساء لبنان ؟؟!!

وشكراااااا

lovenubbol@yahoo.com
lovenubbol@hotmail.com


الجمعة – 24/نيسان/2010

يوسف رشيد

الأربعاء، 21 أبريل 2010

صفحات مفقودة من مذكرات صديقتي ميادة . م

صفحات مفقودة من مذكرات صديقتي ميادة . م
1 ـ
لصديقتي أحلامها المتواضعة الرائعة .. يطيب لها أن تسهر لتجسِّدَ شيئًا منها حروفًا لينة .. تخطها ، تزينها برسوم تعبيرية صغيرة .. تقرأها عليّ ، وتناقشني بحماس واندفاع .. وحين تخلو في غرفتها ، تخفيها تحت الوسادة ، وفي عينيها بريق متفائل ..
قرأتْ عليّ ، أنها تودُّ لو نبتعد في طيّات صحراء مترامية ..
تؤنسنا أشواك الصبار ، تظللنا خيمة صغيرة ، نقضي فيها دامسَ الليل ، ونخرج حفاة تحت الشمس إلى الصيد .. نتراكض خلف طيور كاسرة حينا ، وخلف السراب أحيانا ، كطفلين يتيمين يبحثان عن حنان صدر مفقود ..
نختبئ في ظلِّ كثيبٍ لاهبٍ .. يغمرنا ببعض رماله ، وتسف علينا الرياح قيظا .. وحين نعود إلى الخيمة ، يكون كلٌّ منا صيدَ الآخر ، وينام في أجفاننا الليل ، وهو ذئب جائع يعوي ويئن كمطعون بحربة مسمومة ، فيلتصق الجسدان ، وننصهر خوفًا ، وحبّا ...و ...
أذكر ، كيف كان صوتها يوقِّع الكلماتِ برقة محببة ، وأذكر أني قرأتُه لنفسي أكثر من مرة ..وكان في الصفحة السابعة والسبعين ..
" هل طالتـْها يدُ غدر فمزّقتـْها ؟؟ "..
تساءلتُ عجِبًا ، فأجابتني : إنهم سرقوا منا الخيمة ونصبوها في نقطة الكيلو 101 ..

2 ـ
صديقتي سمراء .. ذات شعر فاحم ، طويل .. ناعمة الملامح ..
كان لباص النقل الداخلي فضلٌ علينا لن ننساه ..
التقينا ، انجذبْنا بابتسامتين متبادلتين .. ثم أخلدتْ إلى جواري ..
ولما نزلنا ، كنا صديقين حميمين ، وغدت لقاءاتنا شبه يومية , نحكي ساعاتٍ طوالا ..
" كم كان حديثها رقيقا وجذابا!! " ..
تسألني بسذاجة عن ثورة إيران ، وأدب ناظم حكمت ، وعمليات الفدائيين في الأراضي المحتلة ..
تشتبك أصابعنا ، ونتزوّد بنظرات خاصة ، نكاد نتعانق كأغصان هبّتْ عليها نسمة ربيعية لطيفة .. توقفني أمام طوابير الأفران والمؤسسات الاستهلاكية ، وناطحات السحاب ، والسيارات الحديثة الفارهة ، فنتأوه ، ونمضي ..
وحين تجمعنا خلوة ، تغمرنا فرحة المنتصرين .. أضمّها إلى صدري بقوة تقترب من القسوة ..
ـ " كانت تسرع إلى ذراعي بشوق فيّاض .. تخلد ..تشهق .. يزداد ضغط ساعديّ عليها .. فتتنهّد ، وتتخلص كسمكة " ..
استدارت عني وقد خبا البريق في عينيها .. تهدّل ساعداي كجناحين منكسرين ..
ـ " أيكون ثمة جديد لا علم لي به ؟؟ " ..
ـ " كدْتُ أدفنُ كلَّ ما بنيْتُ " .. لكني سمعت من بين أسنان راجفة :
ـ " يكفينا عناق القدس .. فقد كان في غاية الانسجام كما رأيناه ..

3 ـ
كانت صديقتي تتلبّس بالكآبة حين لا تنال العلامة التامة على موضوع التعبير الذي تقدّمه لمدرّستها .. فهي تحب كتابة الموضوعات وتجيدها باعتراف الجميع ..
وكانت مدرّستها تحاول أن تتقصّى لها هفوة ، كي تحسم لها شيئا من تمام العلامة .. وتضيف إلى ذلك جملة من الملاحظات التي يلمس فيها قارئها بعضَ الجوْر ..
ولما كنا نعيش في مدينة بعيدة عن البحر ، فإن صديقتي لم تعرفه إلا في أجزاء أحلامها ، وفي الصور والكتب .. ومع ذلك ، فقد حاولتْ أن تقدم لمدرّستها موضوعا عن البحر والشاطئ في أيام الصيف ..
فكتبتْ عن الماء الآسن الذي تجمّع حول " اليخت " الذي يعوم ، وعلى سطحه التقى " متناصفا جائزة نوبل للسلام " فحزن السمك ، وأعلن الحداد الوطني ، والإضراب عن الطعام ، والتنفس .. احتجاجا .. وامتلأ سطح الماء بالسمك المقلوب على قفاه ..
فرحت الحيتان بذلك ، والأسماك الكبيرة ، والكبيرة جدا ، والغواصات وحاملات الطائرات ..
ومن طمي أرض الكنانة ، انتصب سدّان عاليان على " الرشيد ودمياط " ففاضت مياه النيل جنوبا وشرقا وغربا .. وساحت حتى اختلط هدير الماء بهدير الملايين الغضبى ..
وهنا .. ارتعدت الأرض .. واهتزت تحت أقدام سكان أعماق النيل .. فاتحد شماله بجنوبه .. وتكاتفوا أمام السدّين ، تدعمهم الأهرامات والتماثيل والجثث المحنطة ، حتى المقابر الأثرية القديمة .. فهدموهما ..
وتدفقتْ مياه النيل العذبة إلى البحر المر .. فتغيّر لون الماء وطعمها ، وانتعشت الأسماك ، واستردّت حياتها ..
هاج البحر مصفّقا ، وامتلأ سطحه بالنوارس البيض والموشاة ..
ورَوَتْ مصادرُ موثوقة عن شهود عيان ، أن ملامح " خوفو " كانت تشي بكثير من المشاعر .. حتى إنه كان مبتسما طيلة مشوار العودة ..
وأغرق ذلك الطوفان ، كلَّ السفن التي لم تألفْها مياه النيل .. وعاش الناس بهناء منقطع النظير ..

على الهامش ، كتبت المدرّسة بعض الملاحظات :
1 – خروج سافر عن الموضوع ..
2 ـ على الطالبة أن تكتب الحوادث التي ترويها المصادر الرسمية الموثوقة دونما زيادة أو نقصان ..
3 ـ عليكِ أن تتقيدي ـ في المرات القادمة ـ بالنص المطلوب ..

4 ـ
ليس سهلا أن أتحدّث عن كل ما تتحلى به صديقتي ..
فهي متزنة ، هادئة ، تعي الأمورَ كما يجب .. تفكر في كل ما يعترضها ، تقرا كثيرا .. تحبني كثيرا .. تعشق الأرض ..لا يستهويها زِيٌّ .. ولا تبهرها بهرجاتُ قريناتها ..

نصحها الطبيب باستعمال نظارة طبية ، وأن تقللَ ما أمكنَ من القراءة حفاظا على سلامة عينيها .. فأذعنَتْ ، لكنها أكثرت من المطالعة , ولاسيّما في معجمات اللغة ..
استمهلتها رأفة ، فأجابتني :
إنها تبحث عن أفعال بديلة لمثل هذه الكلمات :
( الانفتاح ، الخيمة ، الثغرة ، جائزة نوبل ، البحر ، اليخت ، معسكر داوود ، الرئيس المؤمن ، 19/تشرين الثاني ، 18/أيلول .......... ........ .........الخ .....الخ ...)
وما يزال البحث مستمرااااااااا

1979

نشرت في جريدة "صدى الجامعة" بحلب 1980

يوسف رشيد


lovenubbol@yahoo.com
lovenubbol@hotmail.com

هوامش :
العناق هنا هو : بين السادات وغولدا مائير وإسحاق شامير حين زار القدس ..
الكيلو 101 : هي نقطة عند قناة السويس نصبت فيها خيمة التفاوض بين الوفدين المصري والإسرائيلي بعد حرب تشرين ..
الانفتاح : هو عنوان سياسة السادات بعد الحرب ..
الثغرة : هي مكان الاختراق العسكري الصهيوني للجبهة المصرية أثناء الحرب بقيادة شارون ، ودخلوا غرب قناة السويس ..
جائزة نوبل : أعطيت للسادات ورئيس الوزراء الصهيوني مناصفة بعد توقيع معاهدة "السلام " بينهما ..
اليخت : هو القارب البحري الذي يلتقي فيه السادات مع رئيس الوزراء الصهيوني ..
معسكر داوود هو منتجع كامب ديفيد في أمريكا ، وُقعت فيه الاتفاقيات المشؤومة ..
الرئيس المؤمن : هو لقب للسادات ..
19/تشرين الثاني/1977 : زيارة السادات للقدس ..
18/أيلول/ 1979 : تاريخ توقيع معاهدة " السلام" المصرية الصهيونية ..

الاثنين، 19 أبريل 2010

أم الدنيا .. مصر .. أرملة

أم الدنيا .. أرملة

في 28/أيلول/1970 ، انتقل الرئيس جمال عبد الناصر إلى الرفيق الأعلى ، وفقدت مصر أول رئيس عربي قومي في تاريخها ، " ولا نتمنى أن يكون آخرهم " ، وانتقلت مصر ، أم الدنيا ، من ضفة إلى أخرى ، حسبما روى الصهيوني " هنري كيسنجر " في مذكراته :
" كان أنور السادات يستقبل المعزين بالرئيس الراحل ، حينما طلب الاجتماع ـ على انفراد ـ برئيس الوفد الأمريكي المعزي ، ليبلغه رغبته بإقامة علاقات ودية مع بلاده " ..
وهكذا ، وقبل أن يجف تراب قير الراحل عبد الناصر ، بدأت سياسة "الخطوة خطوة" التي انتهجها كيسنجر بعد حرب " التحريك " مع صديقيه متناصفيْ جائزة نوبل للسلام ، "السادات وبيغن" للوصول إلى اتفاقيات كامب ديفيد ، والتي قادت السادات ، منفردا ، ومضيِّعا إنجازات حرب تشرين ، إلى توقيع معاهدة " سلام " مع الكيان الصهيوني ، ثم قتل السادات في " حادث المنصة " يوم 6/تشرين الأول/1981 ، وتولى نائبه حسني مبارك رئاسة جمهورية مصر العربية ..

فما هي ملامح هذه المرحلة ؟؟

أولا : قد أكمل الرئيس مبارك مسيرة سلفه " بأمانة وإخلاص ونزاهة تامة " ، فحافظ على علاقاته مع الكيان الصهيوني ، وعزز " أمانته وإخلاصه " بكثير من الاتفاقيات ، وأهمها:

1 ـ اتفاقيات لتطوير الزراعة المصرية : وتم بنتيجتها سيطرة الصهاينة على هذا القطاع بذريعة " تطويره " فطوروه ، لتصاب المحاصيل الزراعية المصرية بآفاتٍ قضت على أهم وأجود أنواع القطن المصري ، وما تزال مصر تحت رحمة القمح الأمريكي وغيره ..
2 ـ اتفاقيات نفطية وغازية : فحصلت بموجبها إسرائيل على امتيازات لا تحلم بها أي دولة أخرى سعرًا وكمًّا ، وبأقل من الأسعار العالمية ، وبشروط تفضيلية حتى على المصريين أنفسهم ، مما اضطر المعارضة المصرية أن تطلب من السلطة إلغاء هذه الاتفاقيات أو تعديلها على الأقل بما يحفظ حقوق الشعب المصري في ثروته ، لكن هيهاااات ..

3 ـ اتفاقيات أمنية : أدخلت إسرائيل بذريعتها أطنانا من المخدرات ، أو سهّلت دخولها عبر الحدود البرية والبحرية ، ووظفت عملاء لها يوزعونها مجانًا في المدارس والجامعات والمنازل ، لشل الحياة والحركة في جيل الشباب .. كما أفرجت مصر عن عدد من الجواسيس الصهاينة ، هكذا " لوجه الله تعالى " ..

4 ـ ناهيك عن اتفاقيات كامب ديفيد وملاحقها السرية ، والتي كبلت مصر ، بمحطات الإنذار المبكر الأمريكية في سيناء ، لتضمن بقاء سيناء كلها خالية من أي سلاح أو جيش ، ما عدا رجال الشرطة وسلاحهم الفردي ، كي يحافظوا على أمن الحدود مع الصهاينة !! ..

كل ذلك مقابل ماذا ؟؟!!

(( تمنح أمريكا مصرَ ملياري دولار سنويا ، دعما "للسلام" منذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد ، وبشروطها ))

***

وبما أن مصر ـ الحليف الأساسي للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة ـ فهل يمكن أن يجيبني أحد على هاتين الفرضيتين؟؟؟
* لو فرضنا أن ظروفًا ما ، أجبرت أمريكا على الاستغناء عن إحدى الدولتين : مصر أو إسرائيل , فعن أيهما تستغني ؟؟
* ولو فرضنا أن المحافظة على " المصالح القومية الأمريكية " تقتضي تدمير إحدى الدولتين بالسلاح النووي أو غيره من أسلحة التدمير الشامل ، برأيكم ، أي دولة منهما ستزول عن خارطة الكرة الأرضية ؟؟

بل ما قيمة جميع الدول العربية ( المعتدلة وغير المعتدلة ) في الميزان الأمريكي الذي ليس له سوى كفة واحدة ؟؟
هل يساوي أكثر من صفر على الشمال ؟؟

لكن الواقع يشير إلى أننا لو عكسنا السؤال السابق لاستقام منطقه بشكل أفضل ، ولا سيما مع الحكومة الصهيونية الحالية ، فيصبح :
ما قيمة الولايات المتحدة الأمريكية في الميزان الإسرائيلي ؟؟
***
هل ما يتقاضاه النظام المصري يستر عليه كونه " شرطيًا صغيرًا وعميلا وخائبًا " ؟؟
ثم ، متى كان للعميل شأن عند سيده ؟؟؟
كم ضحّت أمريكا بعملائها من الأشخاص والدول ؟؟!!
أليس شاه إيران قريبا جدا في مرآة السياسة المصرية ؟؟!!

ثانيًا : إن أهم النتائج السلبية لاتفاقيات كامب ديفيد ومعاهدة السلام المصرية الصهيونية ، تتجلى في خروج مصر من ساحة الصراع العربي الصهيوني ، وكسر الكماشة السورية المصرية التي كانت مطبقة على الكيان الصهيوني منذ قيام الوحدة عام 1958 حتى الأيام الأولى لحرب تشرين التحريرية ، عندما أعلن السادات مبادرته لوقف المعارك ، "حيث كان يخطط لذلك مسبقا من وراء ظهر سوريا" ، وقد أراد السادات من الحرب تحريك عملية " السلام " وفقا لنصيحة صديقه كيسنجر، أي أرادها حرب " تحريك" وأرادتها سوريا حرب تحرير ، وشتان بين الإرادتين ..
من هنا كانت بذور الشقاق بين فكي الكماشة ..

ومن أجل استمرار هذا الوضع المطلوب أمريكيا وإسرائيليا ، ولكون مبارك "أمينا" على إنجازات سلفه ، ناصَبَ سوريا العداءَ لأنها لم تسايره في سياساتها الوطنية والقومية ، ولم تجامله على حساب قضاياها الوطنية والقومية المشروعة .. ولأنها لم تتخلَّ عن المقاومة اللبنانية والفلسطينية ، ولم تفك تحالفها مع إيران ، كما يريد الصهاينة وأسيادهم الأمريكيون ، وحلفاؤهم من عرب "الاعتدال " كما سمتهم حبيبتهم "كونديليزا رايس" ..

وغاص النظام المصري حتى أرنبتي أذنيه في التواطؤ ، حين صار ظهيرًا رئيسيا لما سمي "بالتحالف الدولي" الذي احتل العراق وقتل شعبه ودمر أركانه وقوضها لصالح العدو الصهيوني ..
ثم ناصََرََ الصهاينة في عدوانهم على لبنان عام 2006 ، ووجه نظامه انتقادات لاذعة للمقاومة اللبنانية ، واعتبرهم مجرد "مغامرين" ..
وربما كان النظام المصري ، من بين هؤلاء الذين وشى بهم أولمرت ، حين قال : إن كثيرا من العرب طالبوه بتدمير وإنهاء حزب الله ومقاومته ..
" والله تعالى أعلم " ، " لكن البعرة تدل على البعير " ..
وحاصر النظامُ المصري غزة بالحديد والنار كرمى عيون "بوش وكوندي وأولمرت وباراك وتسيبي ليفني" وغيرهم من أحبابه وأصدقائه ، ولم يفك الحصار عنهم ، رغم المطالبات العربية والدولية ، حتى أثناء عدوان الصهاينة على غزة في كانون الأول 2008 ، بل شدد الخناق ، وهدّم الأنفاق التي يُهرّبُ منها الغزاويون بعض ما يسدّ رمق أطفالهم ..
وكانت وزيرة خارجية العدو ، زارت مصر قبيل العدوان على غزة ، وأعلمت الرئيسَ مبارك بنية أولمرت شن الحرب على غزة ، ومن منبر رئاسة جمهورية مصر العربية وجهتْ تهديدًا صريحًا ومباشرًا وعلنيًا وشديد القوة ، لغزة وحماس وتوعّدتْهما بحرب ضروس ، تقتلعهم من جذورهم ، فيما كان يقف جانبها وزير الخارجية المصري ـ بكل براءته وأناقته ـ واجما ساكنا ، وكأن ليفني تهدد بلاد الواق واق ..

وانتجع "الريس" في منتجع شرم الشيخ ، بعيدا عن القاهرة و " دوشتها " ، وقريبا من المظلة النووية الصهيونية ..

ثالثا : هل هذه هي مصر الشقيقة الكبرى للأخوات العربيات ؟؟!!
هل هذا هو الدور التاريخي للقيادة المصرية ؟؟!!
هل هذه هي مصر التي تأكل من غير ما تزرع ؟؟!!
هل تجوع مصر لرغيف الخبز وفيها ثمانون مليونا ومعهم النيل ؟؟!!
هل يقبل الشعب العربي المصري على نفسه أن يكون حكامه شرطيا لأمريكا والصهاينة ؟؟!!
هل يقتصر دور مصر التاريخي على حراسة أمن حدود الصهاينة والاستظلال بمظلتهم النووية ؟؟!!
هل المظلة النووية الصهيونية مسخرة لإرادة النظام المصري ، أم هي قوة تهديد وردع له ، بينما هو أعزل حتى من ورقة التوت ؟؟!!
هل يمكن أن يتهدد الأمن القومي المصري بهؤلاء الذين لفقتْ لهم تهمة ظالمة واعتقلتهم أيام العدوان على غزة ، ولا يتهدد الأمن القومي المصري بكل الترسانة النووية الصهيونية ؟؟!!
هل عظمة مصر تسمح لها بحصار وتجويع وخنق أكثر من مليون ونصف من أشقاء الشعب العربي المصري ؟؟!!
هل يليق بالشعب العربي المصري أن يستقبل رئيسُه أصغر مسؤول صهيوني ، ويجري مباحثات دافئة معه ، بينما ، إخوتهم في غزة يقتلهم الجوع والمرض والحصار والسياج الفولاذي ؟؟!!
هل هذه هي مصر أم الدنيااااااااااااااااا ؟؟!!

*****

رابعا : سأتوقف عن التساؤل ، لأن ما خفي أمرّ وأدهى ، لنرى مصر الأخرى ، التي كانت تربة خصبة ، هيأتْ وأنضجتْ الظروفَ السياسية والفكرية والاجتماعية لقيام الثورة المصرية ..
وحين قامت الثورة ، استمد مجموع الشعب العربي في مصر بشكل خاص ، وفي الوطن العربي كله بشكل عام ، ذلك النبضَ الثوري ، والعنفوان الوطني والقومي ، وتجلت حركة نهوض عظيمة ، شملت جميع مناحي الحياة ، وشمخ كل شيء في مصر عبد الناصر بشموخ ثورته ..
وهذا نتيجة طبيعية وحتمية ، تفرضها نواميس الحياة وقوانين الثورة ، وطموح الثوار وإراداتهم ، لإنجاز المهام التاريخية التي قامت الثورة من اجلها..
وكان أن استمرت إبداعات أجيالها لسنوات عديدة بعد رحيل قائدها ..

*****

لقد عرفنا مصر من خلال عظمائها الذين كان لهم دور كبير في إغناء الحياة العربية ، وتلوينها بأجمل الألوان ..
وسأذكر بعض هؤلاء ، الذين نجلهم ونقدرهم ، لدورهم العظيم في النهضة العربية الحديثة :

1 ـ السياسيون والأدباء والشعراء ورجال الدين :

أحمد عرابي ، سعد زغلول ، مصطفى كامل ، محمد حسين هيكل ، رجاء النقاش ، محمد عبد الحليم عبد الله ، محمود تيمور ، مصطفي لطفي المنفلوطي ، نجيب محفوظ ، يحيى حقي ، يوسف إدريس ، يوسف السباعي ، روز اليوسف ، سعد الدين وهبه ، سهير القلماوي ، شكري غالي ، طه حسين ، عائشة التيمورية ، عائشة عبد الرحمن ، محمود عباس العقاد ، عبد الحميد السحار ، فكرى أباظة ، كمال الملاخ ، لطيفة الزيات ، إبراهيم عبد القادر المازني ، إحسان عبد القدوس ، أحمد حسن الزيات ، شوقي ضيف ، أنيس منصور ، توفيق الحكيم ، ثروت أباظة ، ثروت عكاشة ، عبد الله النديم ، لويس عوض ، مصطفى صادق الرافعي ، عبد الحليم محمود ، متولي الشعراوي ، محمود خليل الحصري ، محمود شلتوت ، عبد الباسط عبد الصمد ، عبد الرحمن الشرقاوي ، عزيز أباظة ، علي محمود طه ، فاروق شوشة ، بيرم التونسي ، حافظ إبراهيم ، صالح جودت ، صلاح جاهين ، صلاح عبد الصبور ، عبد الرحمن الأبنودي ، إبراهيم ناجى ، أحمد شوقي ، أحمد رامي ، أحمد عبد المعطى حجازي ، أحمد محرم ، أمل دنقل ..


2 ـ الموسيقا والمسرح والسينما والفنون :

صالح عبد الحي ، عبده الحامولي ، سيد درويش ، زكريا أحمد، سلامة حجازي ، محمد القصبجي ، محمد عبد الوهاب ، رياض السنباطي ، محمد الموجي ، أم كلثوم ، بليغ حمدي ، محمد فوزي ، سيد مكاوي ، عبد الحليم حافظ ، كارم محمود ، كمال الطويل ، صلاح جاهين ، عزيز أبأظة ، نجيب الريحاني ، نعمان عاشور ، يوسف وهبي ، زكى طليمات ، سعد أردش ، سعد الدين وهبة ، سلامة حجازي ، سميحة أيوب ، ألفريد فرج ، توفيق الحكيم ، فريد شوقي ، كرم مطاوع ، كمال الشناوي ، كمال الشيخ ، محسن سرحان ، محفوظ عبد الرحمن ، محمد رضا ، محمود المليجي ، محمود مرسى ، هدى سلطان ، يحيى شاهين ، يوسف شاهين ، يوسف شعبان ، زكي رستم ، سناء جميل ، شادي عبد السلام ، شكري سرحان ، عاطف سالم ، عبد الله غيث ، عبد المنعم إبراهيم ، عبد المنعم مدبولي ، عماد حمدي ، عمر الشريف ، فؤاد المهندس ، فاتن حمامة ، أحمد مظهر ، إسماعيل ياسين ، أمينة رزق ، أنور وجدي ، حسن الإمام ، حسين كمال ‏، حمدي غيث ، رشدي أباظة ...
3 ـ في الفكر :

زكي نجيب محمود ، رفاعة الطهطاوي ، زكي بدوي ، عائشة عبد الرحمن ، عبد الرحمن الرافعي ، عبد الرحمن الجبرتي ، عبد الرزاق السنهوري ، علي مبارك ، قاسم أمين ، محمد عبده ، أحمد أمين ،أحمد لطفي السيد ، أمينة السعيد ، سلامة موسى ، هدى شعراوي ، مصطفى محمود ...
لقد لمع هؤلاء جميعا، وبرزوا ، وأثروْا حياتنا وأثّروُا فيها تأثيرا كبيرا من خلال أدبهم وفنهم وفكرهم ومبادئهم التي عاشوا من أجلها وماتوا من أجلها ..
وكانت الظروف الإعلامية في القرن الماضي أكثر من بدائية ، كانت المطابع في مراحلها الأولى ، وكانت الصحف كورق أكياس الإسمنت ، وكان كل شيء متخلفا إلا العزيمة والإرادة ، ولم تبدأ القفزات التكنولوجية إلا من وقت قريب جدا ، ومع ذلك استطاع كل هؤلاء وغيرهم من أبناء الشعب العربي في مصر ، أن يصلوا إلينا وإلى كافة أقطار الوطن العربي والعالم ، بعلمهم وأدبهم وشعرهم وفنهم ومسرحهم .. وحين فقدنا هؤلاء ، بقيت أماكنهم فارغة ، باستثناء بعض الحالات ..

فما هي القوة التي نشرت ضياءهم ، في مثل ذلك الظلام الحالك ؟؟

***

خامسًا : إن السلطة السياسية في أي مكان ، وحينما تعبّر عن إرادة شعبها ، وتستلهم منه عناوين قيادتها ، وتسخّر له نفسَها وعمَلها وجهدًها ، وتدأبُ على تحقيق أمانيه ، لابد أن يستلهم الشعبُ أيضا من قيادته قدرة وقوة وتصميمًا على الإبداع والعطاء ، فتصبح القيادة والشعب متجهيْن نحو هدف واحد ، وبعزم مشترك ، لتحقيق ما يصبو إليه الجميع ..
وهكذا كانت حال مصر عبد الناصر .. وهذا هو التفسير المنطقي ، للحالة الإبداعية التي برزت في مصر عبد الناصر ، على عكس ما نراه الآن ـ مع الأسف ـ في مصر الحالية ..
لقد كانت أمجاد الأدب والفكر والفن والعلوم انعكاسا حقيقيا وإيجابيا ومكملا لأمجاد القيادة التاريخية للرئيس عبد الناصر ..

وإن لنا في التاريخ العربي القديم والحديث شواهد كثيرة على ذلك ، ولعل حال الدولة العربية في الأندلس مثال حي على انعكاس قوة السلطة وقيادتها على الإبداع بمختلف أشكاله وصوره ومناحيه ، ثم إذ تراخت هذه السلطة وتفسخت ، آلت أمور الدولة إلى الزوال ، فزال معها الكثير ..
وكذلك كان عصر الانحطاط العربي القديم ..
فحين ضعفت السلطة في البلاد وتضاءلت ، ضعف فيها كل شيء ، وتجرأ الجميع عليها ، حتى تشرذمت ، وسرت شريعة الغاب في أمصارها ، وأصيب الأدب والشعر والفكر والفن بلوثتها.. وذلك ليس خافيا على أحد .. وليس عبثا تطابق الاسم على المسمَّى ..

فأين مصر الآن مما كان فيها ، ولها قبل نصف قرن تقريبا ؟؟

إننا على ثقة تامة بأن الشعب العربي في مصر ، ما يزال موفور الصحة ، والعافية ، وخصب العطاء ، ونأمل أن تكون المرحلة الحالية سحابة صيف عابرة ، لتعود مصر العربية إلى استعادة دورها التاريخي ومكانتها الطليعية والرائدة بين شقيقاتها العربيات ، وفي قلوب العرب وعقولهم ..

وشكراااا

lovenubbol@yahoo.com
lovenubbol@hotmail.com


الاثنين ـ 19/نيسان/2010

يوسف رشيد

الأربعاء، 14 أبريل 2010

محمد حسنين هيكل ـ تجربة حياة ولا أغنى



محمد حسنين هيكل
تجربة حياة ولا أغنى

هو أشهر من أنْ يُعَرِّفَه مثلي ..
لأنه شخصية عالمية بحق ، وأحد أهم إعلاميي العالم وصحافييه ومثقفيه .. وهو سِجلُّ التاريخ العربي الحديث بنهاراته المشرقة ولياليه السود ..
وهو أبرز الصحفيين المصريين والعرب ، قاطبة ، في القرن العشرين ..
وهو مؤسسة صحفية كاملة ومتكاملة ، وكبرى أيضًا ..
وهو في موقعه الحالي من قلوب الملايين التي تتابعه وتحبه ، وتثق في رؤياه وعقيدته ، أكبر وأهم من كل المناصب التي عمل بها .." وأظنه لا يخالفني هو أو أي أحد في ذلك " ..

***

هناك منْ يكبُر كرسيُّ المنصب بهم ، ويصبحون تاجًا له ، يُعرَفُ المنصبُ باسمهم ، ويستمد المنصبُ أهميته من الجالس فوقه ، فإذا زال الكرسيًّ من تحتهم ، ظلوا كبارًا كبارًا .. ومنهم ـ وعن جدارة واستحقاق ـ الأستاذ محمد حسنين هيكل ..

وهناك منْ هم بعيدون عنك ، وترغبً أن يكونوا لصيقين بكَ ، أو قريبين منك على الأقل .. ومنهم ـ وعن جدارة واستحقاق أيضًا ـ الأستاذ محمد حسنين هيكل ..

وهناك منْ يكبُرون بكرسي المنصب ، فيكونون عبئًا عليه ويكون المنصبُ تاجًا مؤقتا لهم ، ويُعرَفون هم بالمنصب ، فإذا زال المنصبُ عنهم ، عادوا إلى وضعهم الطبيعي " الصغير " ..

وهناك منْ هم قريبون منك ، أو لصيقون بك ، وترغب لو أن القدرَ يبعدهم عنك مسافة سنين ضوئية .. وهم كثر ..

***

كم أشعر أن لهذا الرجل ديْنًا حقيقيا في عنقي ، وإني لفي حيرة شديدة ، وأنا أبحث عن طريقة أسدّد بها هذا الديْن ، كي تبرأ ذمتي منه ..

وحكايتي معه قديمة ـ جديدة ..

قديمة : بدأتْ منذ أن عرفتُ ( أبوعيدو ) أواخر ستينيات القرن الماضي ..
وأبو عيدو هذا رجل خمسيني ، شديد النحافة ، مقوّس ، يكاد ظهره يلتصق ببطنه ، ورأسه كله عبارة عن صلعة تحتها عينان حمراوان جاحظتان متوهجتان براقتان دوما ، وتحتهما أنف دقيق ، وشفتان سوداوان ، وأسنان متآكلة ..
ترافقه في يومه الطويل كأسه البيضاء ، وحبات من فستق العبيد ، وكان يبيع الصحف والمجلات ، في محل صغير لا يتسع إلا لجسده النحيل الضئيل ، ولصحفه ومجلاته ، يقع في شارع القوتلي بحلب ، على الزاوية المقابلة لشارع المنشية وصيدلية الحكيم .. (قبل إزالة تلك الجزيرة في مشروع تطوير باب الفرج ، حيث حلّ الآن محلها ساحة تجميلية صغيرة ) ..
كان أبو عيدو يقبع على كرسي عال داخل زاويته ، لأنه يحب أن يرى أرجل الناس وهي تخطو مسرعة عابرة أمامه ، ( فوجوه الناس جامدة وخالية من التعبير) " حسب قوله " ويخبئ وجهه خلف الصحف المتدلية المعروضة على الواجهة ، وكان يخصني بمعاملة متميزة ( كوني زبونا شابًا ، ودفيعًا ، وأقبل النصيحة ) كما قال .. وكان يؤمِّن لي كل متطلباتي من الصحف أو المجلات .. حتى الأعداد التي تختفي من السوق فور نزولها كمجلة " العربي " ، أو الصفحات التي تخفيها الرقابة من بعض المجلات " كالطليعة ، المصرية ، أو الآداب ، أو الصياد ، اللبنانيتين" .. وبالمقابل ، كان ينال مني الثمن الذي يطلبه ، وبلا نقاش ، ولم أكن أتردد في أخذ النسخ التي يحفظها لي مهما تأخرْتُ عنه ..
وكنت من قراء جريدة الأخبار المصرية لأنها تصل حلب بعد صدورها بأقل من 48 ساعة ، فيما لم تكن جريدة الأهرام تصلنا إلا متأخرة عن الأخبار .. ولما تأخرتْ جريدة الأخبار أكثر من المعتاد ، عرض عليّ أبو عيدو أن أقرأ جريدة الأهرام ، ثم سألني : هل تأخذ جريدة الأهرام من مكتبة أخرى ؟؟
قلت له : لا .. فقال بشيء من الاندهاش والعتب : (يعني ما بتقرا مقالات محمد حسنين هيكل) ؟؟!!

أذكر ، وكأنه اعتراني الخجل من نفسي على تقصيري في قراءة مقالاته ، وكنت أشاهد ملخصاتٍ لها في أماكن أخرى ، مكتوبة بالألوان ، ومعروضة فوق الجريدة ، وذلك كنوع من التشويق والتسويق الذي يتفنن فيه باعة الصحف والمجلات .. لكن (أبو عيدو) ليس منهم بالتأكيد ، لأنها " زوزقة بلا طعمة " برأيه ..
كما كان باعة الصحف الجوالون في مركز المدينة ، يحملون صحفهم منادين : بصراحة .. محمد حسنين هيكل .. الأهرام .. الأهرام ..
وبالفعل كانت جريدة الأهرام ذات صدى خاص ، ولاسيما بوجود مقالته " بصراحة " ..

ومن هنا بدأتْ علاقتي بالأستاذ محمد حسنين هيكل ، من خلال الأهرام عموما ، ومقالته الأسبوعية ( بصراحة ) بشكل خاص .. وواظب أبو عيدو على تأمين المقالة لي حتى لو اضطر أن يطلبها ـ تهريبا ـ من لبنان ، بواسطة سائقي سيارات الركاب العامة ، العاملة بين لبنان وحلب ، فيما لو حُجبَ العدد رسميا .. وهذا كان يكلفني أعباء زائدة ، أدفعها برحابة صدر ، و( أنا أضحك بعبي ) ..

لكني لم ألتق الأستاذ محمد حسنين هيكل في حياتي ، ولا حتى يوم شاهدت الرئيس جمال عبد الناصر في حلب ، أيام الوحدة السورية المصرية ، وكنت طفلا ، ألححْتُ على أخي الأكبر المرحوم فتح الله بأن أرافقه ، لنرحب (بالرئيس البطل ) في ساحة " الكلاسة " بحلب ، مع الجموع الهادرة من كل حدب وصوب .. ولا أعرف إن كان الأستاذ هيكل موجودا آنذاك مع الرئيس عبد الناصر أم لا .. لكني لو رأيته يومها لما عرفته ، إذ بوجود الرئيس ، لا يمكنك أن تنظر إلا إليه وحده ، ولا يمكنك أن تميز منْ حوله غالبا ..
على أي حال ، أعتبر نفسي غير محظوظ في هذا الشأن ، وإن كنت أتمنى أن ألتقي الأستاذ هيكل وألقاه وألقاه وألقاه ، لأن له في ذاكرتي مكانة مرموقة جدا ، من خلال ما كنت أقرأ له ، ثم سَمَتْ مكانته كثيرًا ، حين قرأتُ عددًا من كتبه في الثمانينيات ، مثل : خريف الغضب ، سنوات الغليان ، الانفجار ، الطريق إلى رمضان ..

حتى هنا تكون حكايتي القديمة مع الأستاذ هيكل قد انتهت ..



وبالعودة إلى سنواته الماضية ، نرصد له بعض المحطات ، وأهمها :

* الأستاذ هيكل من مواليد 1923 " أطال الله في عمره " ..
عاصَرَ عهد الملكية في مصر ، ثم عهد الثورة بقيادة جمال عبد الناصر ، ثم عهد أنور السادات وخليفته ..

***


* صداقته مع الرئيس جمال عبد الناصر :

فلم يكن لغيره من الصحفيين ، ما كان له ، من دور مؤثر ومشاركٍ في عجلة السياسة المصرية والعربية ، طيلة حياة الرئيس جمال عبد الناصر ، لارتباطهما بعلاقة صداقة وطيدة وحميمة ونادرة في تاريخ علاقات الرؤساء بالصحافيين ، والتي جمعتْهما في تلك الأوقات من تاريخ ثورة 23/تموز/يوليو ، مما أفسح له المجال ليبني شبكة من العلاقات المتميزة مع كثير من الزعامات العربية والعالمية ، ومع الشخصيات والهيئات الديبلوماسية والصحفية والفكرية ومراكز الدراسات المؤثرة في القرارات والسياسة الدولية ..

وتزامنت تلك الصداقة مع مرحلة ، كانت مصر خلالها قلب العروبة النابض ، ورائدة المد التحرري والدعم العروبي في وجه التحالفات الأمريكية الصهيونية ، من ثورة الجزائر ، إلى اليمن والخليج ، إلى مواجهة حلف بغداد ، إلى تأميم قناة السويس والعدوان الثلاثي ، إلى الوحدة السورية المصرية ، إلى معركة تمويل السد العالي ، إلى كسر احتكار السلاح ، إلى القرارات الاشتراكية والتأميم والإصلاح الزراعي ، إلى مؤتمر دول عدم الانحياز .....الخ ..

***

* هيكل وجريدة الأهرام :

إن المرحلة الهامة من حياته بدأت عام 1957 بقبوله وتوليه رئاسة تحرير ومجلس إدارة جريدة الأهرام ، بعد اعتذار عن قبولها ، واستمرت 17 سنة ، ولم يتركها حتى حين عينه عبد الناصر وزيرا للإرشاد القومي عام 1970 ، لأنه اشترط أن يجمع بين الأهرام والوزارة ..

أنشأ هيكل في الأهرام مجموعة من المراكز المتخصصة التي ما تزال إلى اليوم :
· مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية .
· ومركز توثيق تاريخ مصر.
· ومركز الدراسات الصحفية.

وصارت جريدة الأهرام ، أهم الصحف العربية ، وإحدى أهم عشر صحف في العالم .. وغدت جريدة الأهرام لسان حال قيادة الثورة المصرية ، وصار الأستاذ هيكل لسان حال جمال عبد الناصر ، من خلال مقالته الأسبوعية :

* بصراحة :

يقول هيكل :
( إن مصارحة النفس أقسى درجات الصراحة ) ..

بنى الأستاذ هيكل في الأهرام ومن خلالها ، صرحا مجيدا له ، وكرسته مقالته الأسبوعية في الأهرام : ( بصراحة ) ، الناطق الرسمي باسم الشعب المصري وحكومته .. وكانت المقالة الأشهر والأهم والأغنى على مستوى الصحافة العربية كلها .. وكانت تنشر صباح الجمعة ، وتنتظرها جماهير القراء ، والمحللون السياسيون ورجال السياسة والصحافة والإعلام العرب والأجانب ، ووكالات الأنباء والإذاعات ومحطات التلفزة العربية والدولية ، ذلك ، لأنها تعكس بوضوح رؤية السياسة المصرية ذات الدور الهام والفعال في أهم مناطق النزاعات والصراعات العالمية ..
واستمرت المقالة بالظهور أسبوعيا وبلا انقطاع يذكر بين عامي : 1960 ـ 1974 ..

* هيكل والسادات :

وبعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر ، تولى أنور السادات الرئاسة ، فاشترط على هيكل عدم الجمع بين الوزارة ورئاسة تحرير ومجلس إدارة الأهرام ، فتخلى هيكل عن الوزارة فورا وبلا تردد ، ولم يكتفِ السادات بذلك ، حتى أبعده عن الأهرام بقرار رئاسي بعد اختلافهما إثر حرب تشرين التحريرية ، وعينه مستشارا له ، فاعتذر هيكل عن قبول المنصب ، وتفرغ للكتابة .. إلى أن اعتقله السادات عام 1981 ..

* اعتزال الصحافة والكتابة فيها :

وحين أتمَّ عامه الثمانين في أيلول/2003 ، اعتزل الأستاذ هيكل الكتابة الدورية ، والعمل الصحفي ..

وهنا أسرد لكم حكايتي الجديدة معه :

فقد بدأتْ وما تزال مستمرة ، من خلال شاشة الجزيرة ، مساء كل خميس ، أنصتُ له مشدودًا بالحب لشخصيته وحديثه ، ومأخوذا بالسياق الذي يقدمه ، وبالعرض الثري والموثق والشامل ، الذي يمنحنا إياه كوجبة فكرية شهية ومتنوعة ..

ومن خلال هذه الحلقات ، أراه قامة فكرية وصحفية وثقافية شامخة ، فهو موسوعي المعارف ، دقيق في تعبيراته ومصطلحاته ، متوقد الذهن ، ذاكرته متجلية دوما وحاضرة ، يحفظ الماضي ويستحضره خاتما في خنصره ، ليستفيد منه ويوظفه في رؤياه واستشرافاته ورؤيته للمستقبل ، يعبر عن أفكاره بكلماتٍ وجمل واضحة تدل على غزارة النبع المعرفي عنده ، وفي حديثه كمٌّ من الحكم والأقوال والأشعار التي تقوي حجته وبرهانه ..
وهو أمام محاوره ، سريع البديهة ، فطن ، لبق ، دمث ، متواضع ، ديبلوماسي بلا مجاملة على حساب الحقائق ، يقول ما يجب قوله بلا وجل ولا حساسيات ..
وطني ، عروبي ، يؤمن بالأمة العربية ومقدراتها ، يتألم لما آلت إليه أحوال مصر في تحالفاتها الجديدة المتنصلة من جلدها وعظمها ولحمها ودمها ..
له موقف هام من مسألة الأمن القومي المصري ، ويرى أن السياسيين المصريين فرطوا في أمنهم القومي مجانا ، وهم الآن مكشوفون وفي العراء ، وتحت رحمة السلاح النووي الإسرائيلي ..
وعن الدور التاريخي لمصر في محيطها العربي والإسلامي ، يستغرب ، ويستهجن السياسة المصرية الحالية تجاه إيران تحديدًا .. ويرى فيها تفريطًا مجانيا أيضا ، لصالح العدو الأساسي والأكبر للعرب والمسلمين " الدولة العنصرية الصهيونية " ولا يرى في إيران إلا دولة مسلمة مؤيدة لحقوقنا في أرضنا ومقدراتنا ، وهي تساعدنا على ذلك ..
ويرى أن من حق إيران امتلاك الطاقة النووية ، ولو كانت سلاحًا ، لأنها مستهدفة ، ومن حقها أن تحمي نفسها وتدافع عن وجودها ومصالحها ، وسط منطقة محشوة بالسلاح النووي : الإسرائيلي والهندي والصيني والروسي والباكستاني ، فلماذا لا يكون من حقها امتلاك ذلك ؟؟

بعد كل هذه المواقف ، أليس من حقي أن أعترف بأنني أحب هذا الرجل ؟؟!!
وإن كنت أخاف من رؤيته لمستقبل الأمة العربية غير المشرق بما فيه الكفاية ، على أحسن تقدير ، وحين يوغل في تشاؤمه ، يعتقد أننا بحاجة لكثير من المعجزات ..
أسألكم : بالله ، هل نحن كذلك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

***
أرجو أن أكون قد أبرأت ذمتي تجاهك ، أستاذي العزيز ، والكبير محمد حسنين هيكل ، وهذه بطاقة عرفان ..وأشكرك ..
وأشكر الإخوة القراء على صبرهم علي ..



lovenubbol@yahoo.com
lovenubbol@hotmail.com



الأربعاء ـ 14/نيسان/2010

يوسف رشيد




الثلاثاء، 13 أبريل 2010

من زبدة الكلام – محمد عبد الحليم عبد الله

من زبدة الكلام – محمد عبد الحليم عبد الله
هو أحد أهم وأبرز كتاب الرواية في الأدب العربي الحديث .. ويعد من أكثر الروائيين العرب الذين تحولت رواياتهم لأفلام سينمائية ، نظرًا لما تتمتع به رواياته من غنىً وثراءٍ في البيئة والأحداث والشخصيات .. وعاصر عمالقة الرواية العربية وأدبها :
نجيب محفوظ ، يوسف السباعي ، محمود تيمور ، توفيق الحكيم ، إحسان عبد القدوس ، طه حسين ، إبراهيم المازني ، عباس محمود العقاد ، عبد الرحمن الشرقاوي ...

وقد ميّز في مجمل أعماله بين الحب العفيف النقي البريء ، والحب الماجن بمعانيه المختلفة .. وكان يتسامى ويترفع عن الابتذال والفحش ، ويعبّر بصدق وعفوية وطهارة عن بيئته ومجتمعه ، كونه عمل لسنوات طويلة في مجمع اللغة العربية في القاهرة ، حتى غدا رئيسًا لتحرير مجلة المجمع ..
ولد الروائي الأديب محمد عبد الحليم عبد الله عام 1913 في إحدى قرى محافظة البحيرة في مصر ، وتوفي ودفن فيها عام 1970 ، في عز نضجه وعطائه الغزير ..

ترك للمكتبة العربية أعمالا روائية وقصصية عديدة ، منها :

شجرة اللبلاب ، لقيطة ، للزمن بقية ، سكون العاصفة ، حلم آخر الليل ، حافة الجريمة ، غصن الزيتون ، بعد الغروب ، أسطورة من كتاب الحب ، أشياء للذكرى ، الوشاح الأبيض ، ألوان من السعادة ، النافذة الغربية ، الماضي لا يعود ، الجنة العذراء ، البيت الصامت ، الباحث عن الحقيقة ، غرام حائر ،
قصة لم تتم ، شمس الخريف ، الضفيرة السوداء ... وغيرها

شجرة اللبلاب – رواية :

ــ ليس في أوقات الناس أحلى من اللحظة التي تسبق القبلة ، والساعة التي تسبق الخطبة ، والليلة التي تسبق الزفاف ..
ــ المرأة كالكهرباء ، منها النور ، ومنها الحبور ..
ــ المرأة كالزهرة الحية في بستان الوجود ..
ــ المرأة عيِّنة من الجنة في دنيانا الفانية ..
ــ الكتب عقول الأجيال ، حُفظت في الورق خلف زجاج الخزائن ..
ــ الأيام وعاء يحمل فيه الإنسان أمانيه ..
ــ الحب رِقٌّ وعبودية اختيارية ، وأشدّ العبيد طاعة لمولاه ، أجدرُهم بأن يُسمى حبيبًا ..

من أجل ولدي ـ رواية :

ــ إنه من العبث أن نغرس الورد بطريقة الصبّار ، أو أن نغرس الصبّار بطريقة الورد ..
ــ أحرقَ القمحَ لتطير عنه العصافير ..
ــ نَقَمَ عليه نِقمة اللص على القمر ..
ــ لا يتعلم السباحة منْ يخافون عليه من الغرق .. ويغرق أخيرا من يتعلم السباحة ..
ــ إن الذين نخافهم ، لا يمكن أن نصْدُقهم القول ..
ــ إن الجَمالَ والحاجة ، أسوأ شيئين تقف بينهما المرأة ..
ــ هناك ملذات تقوم على الضحايا ، كما نزرع الأزهار فوق القبور ..

سكون العاصفة ـ رواية :

ــ العواطف هي الأزهار التي تنبت في أرض خيالنا ..
ــ عند فوران العواطف تنبعث من أعماقنا أشياء كنا قد نسيناها ..
ــ إن عناد الرجل يثور إذا أهانت امرأةٌ كرامتَه ..
ــ بعض الكائنات يفرح ، فيرفرف ، فيغني .. وبعضها الآخر ، يفرح ، فيعوي ، فيهوي ليتمرّغ في التراب ..
ــ عن شجرة الحب ليست من الأشجار البرية .. إنها لا تُزرَع إلا في الحدائق ، ومحتاجة إلى الماء والظل والصيانة من الآفات ..
ــ إن الذين شربوا السم من أجل شيء أحبّوه ، كانت وجوههم خالية من تعبير الألم حين ماتوا بالسم ..
ــ إن كثيرا من الذين يخرّبون المزارع ، لا يملكون حقولا ..
ــ أن الذين سمّوا الحب مرضًا ، ربما لحظوا أوجُهَ شبَهٍ أصيل بينه وبين الأمراض .. هو أننا نكون في أشد حالاته ولا نعترف بوجوده ..
ــ إن السخرية لا تصدر إلا في حالة رضا بالغ ، أو حالة يأس قاتل ..
ــ إن أكبر بلية تصيب الإنسان ، هو أن يقعَ في مشكلة ، لا تُحَلُّ إلا بمشكلة ..
ــ إن الحقائق عندما تخرج من ضمائرنا ، تتخذ في العالم الخارجي شكلا آخر ..
ــ إننا ننحاز دائما نحو الفكرة التي نراها في خدمة موقفنا ..
ــ قد نُضطرُّ لاستعمال أردأ الأشياء بعد أن نفقد النفائس بقوة قاهرة ..
ــ إننا نفترض مقدما أن الذين يعترفون بأخطائهم ، يغلفونها بالأعذار ، أو يُخفونها بالأكاذيب ..
ــ إن المشاعر كائنات لا أجنحة لها ..
ــ إنه ليس عبثًا أن نذرف الدموع في سبيل محافظتنا على شيءٍ نقدسه ، والذين لا يجدون ما يبكون من أجله ، لا يجدون ما يقدسونه ..
ــ كثيرًا ما يكون الزمن هو صاحب الاختيار بأحكامه وتطوراته وضروراته ..
ــ إن الرجال جميعا لا يحبون عرائسَ الحلوى إلا غير مكسورة ، وحتى التي يحطمونها بأيديهم يتأففون من تناولها بعد ذلك ..
ــ كثيرًا ما تكون دموع الندم على الصغائر مضلِّلة ، حتى نُحمَلَ على الظن أنها تُذرَفُ من أجل شيءٍ عظيم ..
ــ ليس الإنسان ـ في نظري ـ سوى حيوانٍ ابتكر الفضيلة ، فإن أهمل ابتكاره ، عاد إلى حيوانيته ..
ــ إن الطيور تعرف قيمة أوطانها على قمم الأشجار ..
ــ خير ما يفعله التائهون ، أن يقفوا عند أول نقطة ضلّوا فيها ..
ــ بعض الفضائل يخلقها الكبرياء ، وبعضها يخلقها العجز ، ولكنها فضائل على كل حال ..
ــ إنني أتنفس رائحة الأزهار ولا أمضغها كما تفعل الماشية ..
ــ ليس كلُّ طير يسقط في الشبكة صالحًا لأن يُؤكل ..

الجنة العذراء :

ــ المبارزة بلا سيف ، عملية خرقاء ..
ــ ما دامت الحياة عرضة لأن ينهيَها شيءٌ تافه ، فلماذا لا نقْدِم على الموت في سبيل شيءٍ عزيز ..

حافة الجريمة :

عندما لا يكون هناك إلا طريق واحد يؤدي إلى الغاية ، فإننا عادة نتجاهل أخطاره ..
ــ إن الهزيمة لا تكون فادحة أبدًا ، إلا بشرطٍ واحدٍ ، هو أن يبكيَ المهزوم ..
ــ النصر السهل تناله الفتيات باستمرار ،، يا ماما ..
ــ لو كانت الأرض تلقَحُ بعبراتٍ ، لكانت كل دمعة تسقط من عيون امرأة ، تلد تمساحا ..
ــ يجب أن يكون عندنا مقبرة خاصة ، ندفن فيها أخطاء الأصدقاء ..
وشكرااااااااااا

الثلاثاء – 13/نيسان/2010
يوسف رشيد

الاثنين، 12 أبريل 2010

من مذكرات ملاح قرر العودة إلى الوطن

من مذكرات ملاح قرر العودة إلى الوطن

البحر/ 1/حزيران :
تنام الذكريات في أحضانكِ ، قادمة إليكِ من مسامات بعيدة ، مجهولة الإقامة ، تتقاسم وإياكِ هواء الشهيق ، وفردةَ الحذاء ، وبقايا ثوب يكسو جزءًا من مفاتن الجسد الذي تقبع تحته آلافٌ من الأشياء لا أسماء لها ..
ثمة أمر مفاجئ لم يكنْ في حسبان أحدٍ منا ، فلقد تغيرت الطريق التي تسلكها القوارب عادة حين عودتها ، ولم يستطعْ أحدٌ تفسير هذا الأمر .. إلا أن تخميناتٍ كثيرةً انطلقت بعشوائيةٍ حينًا ، وبلا مبالاةٍ حينًا آخر .. والتناقضُ يَسِمُ هذه التخمينات ..
ورغم كلِّ ذلك ، لم تزَل القواربُ في الطريق الجديدة لها ، والبحارة يتبادلون النظرات ، ويلوِّحون بأيدٍ أضناها تعبُ سفر طويل ، كلٌّ يحاول أن يجرَ إليه عددًا أكبر من القوارب ، فيسيرون ركبًا واحدًا ، يُذهِبون بذلك عن أنفسهم وحشة الطريق ، وسوءَ مسالكها ..

البحر/ 10/حزيران :
وهاهو البحر يصير قطعة من الليل ، تستوي فيه السماء واليابسة وسطحُ البحر .. ومن القوارب ، لا يبدو سوى ذلك البصيص الذي لا يمكن تمييزه عن نجم يعتلي قبة السماء .. ترى ؟ .. ألا تغيب الشمس لتشرق من جديد ؟؟ .. فلماذا تأكل الرهبةُ صدورَنا ؟؟!!

البحر / أواخر أيلول :
تحتشد الرؤى في تلافيف الدماغ ومسطحاته .. يحار في الاختيار بينها ، ثم لا يلبث أن يلقي بها ، ويتمدد أرضا ، يأكل من ترابها ، يأكل بشراهة العلق الماص للدم ، ثم يرفع رأسه ، ويتثاءب كمن سهر دهرًا طويلاً .. غالبَ نفسَه عن النوم ، صمت بعض الوقت ، ثم كانت الغلبة للنوم .. فعاد وارتمى .. " وسيظل متمددا حتى إشعار آخر .. " كما قال بيان الناطق الرسمي باسمه ..

البحر/ 17/تشرين الثاني :
وتوهجت في المخيلة صورةٌ كجنية البحر ، التهب رأسه ، زاغتْ عيناه ، أحقًا ما يرى ؟؟!! استبق الحوادث ، خلع ثيابه ، رماها في البحر وفاءً منه لزوجته التي تنتظره عادة ، كيوم ولدتها أمُّها ..

هوامش : تشرين الأول من العام التالي :
الدّرر الثمينة في الأعماق ، وكذلك انعكاس النجوم ، ولو عرَف الدّخان أن في صعوده موتَه ، لفضّل الموت خنقا دونما فضيحة الموت على مرأى من عيون البشر ..


الجمعة 11/حزيران/1976

يوسف رشيد

حجارة وتراب وشراع

حجارة وتراب وشراع


قصة قصيرة جدا


حملتْ الطفلة حقيبة السفر .. انطلقتْ عبر شوارع المدينة .. التقطتْ من السماء بضعة عصافير .. التهمتْها .. مسحتْ فمها .. أرسل لها القمرُ جدولا عذبًا .. ارتوتْ ، وأفسحتْ للباقي يكمل طريقه ..
ملأتْ حقيبتها ترابًا وحجارة .. الأفق بعيد ، وقد حطَّ الليلُ رِحالَه .. أبتِ المدينةُ النومَ .. احتضنتْها .. غنّتْ لها ..
بكتِ الحجارة في الحقيبة .. وتحوّلَ الترابُ طينًا .. لكن برودة الليل جعلتْ من الطين صخرةً شهية ..
المدينة وأهلها مستيقظون .. رقصوا رقصة الوداع الأخير .. كان الحفلُ رائعًا ، فتسابقت النجوم لحضوره .. وكان لا بد للطفلة من الإبحار .. استقلّتْ مركبًا صغيرًا .. في شراعه زركشة مقيتة ، وثقبٌ يزدادُ اتساعًا مع تسارع المركب ..

الجمعة 04/شباط/1977


يوسف رشيد

خاطرتان

خاطرتان

عندما تتكلم العصافير :


على جدران الصمت وبوابات الفرح ، أخط إليكِ ابتسامات الليل ، وتنهداتٍ تسكن أطرافَ الرأس ، لتنطلق من الشفتين حاملة لهيب الذات .. تنتعش بالرحيق الذي ما لبث أن صار حليبا في فم طفل جائع ، يتطلع إلى صدر يغذيه .. فيناجيها ويبتسم لها ، وتتكلم عيناه أشياء كثيرة : أنا أ.... وإني ....
ولن أ..... فمتى .....؟
وعندما تهتز السنابل الخضر المليئة دفئا ، وتتسارع الأمواج غير مكترثة ، كنتُ أطرق أبوابَ الصدر في تلك الأماسي علّني أجد صدًى .. فهل ....؟
ما زلتُ أذكر تلك الأسراب من العصافير التي مرت في سمائنا ، وفي الوقت ذاته ، ما زلت أذكر هذين العصفورين اللذين انتحيا جانبا ، وتهامسا كلاما لم أسمع سوى كلمة واحدة منه تقول : أ...................

12/شباط/1976


بلا عنوان

هناك .. عندما تغفو أوراق الشجر الخريفية ، وتتلاقى الأجساد العارية في عناق فصلي ، وترفرف أجنحة السنونو ، فتهتز بغضب وكبرياء جفونُ حبيبتي فوق عينيها الخضراوين ، لتحملَ للكون سرًّا لا تعرفه إلا جذورُ الشجر في أرض مخصبة من العالم المجدب ..
وعندما تصبح سنبلة القمح رغيفًا يملأ بطنَ جائع مشرّد ، وتثور الأنهار والجداول على مجاريها ، تغضب ، وتزمجر ، تقول بقوة ورجولة : لماذا لا يسود الحُبُّ ؟؟ ..
لكن ثمة سؤالا أشدَّ حيرة :
أين يعيش الحب ؟؟ .. وكيف ؟؟ ..
هناك ..
في لجّةً مظلمة عميقة ، تتهاوى الجدران ، وتنبعُ الأرضُ حممًا غزيرة ، ويظهر جبار مارد ، ينفث دخانا أبيض ، تشوبه حمرة نيرانية ، يتلفت حوله ، تجحظ آلاف العيون في رأسه ، تنتفخ ، يصبح كله مدخنة واحدة ، ينبعث الدخان منها في كل الاتجاهات ..
وتبقى السماء في زرقة صافية ...



26/أيار/1975


يوسف رشيد

السبت، 10 أبريل 2010

الإعلام المرئي .. بين سقوط بغداد والشاشات الساقطة

الإعلام المرئي .. بين سقوط بغداد والشاشات الساقطة


لطالما تساءلت عن الغزو الدنئ الذي نتعرض له عبر كثير من الشاشات العربية تحديدا ، فوجدت أسبابا عديدة ، لكن أخطرها وأهمها المقولة التالية :
إن الأمم تسمو بكل منْ وما فيها ، حين تكون قادرة على الذود عن نفسها ، وقادرة أن ترد الصاع صاعين لكل من يتجرّأ عليها ، وبالمقابل ، ينهزم كل منْ وما في الأمة ويصغر ويتضاءل ، إذا كانت الأمة منهارة ، مستباحة ، لا حول لها ولا قوة ..

وعليه : فإن الإعلام جزء هام من الأمة ، ومعبر عن حالها خير تعبير ..
فما هي الحالة التي كانت عليها أمتنا العربية ، حين بدأت هذه الشاشات العربية تعرض علينا عهرَها ؟؟؟

بُعيد الغزو الأمريكي الكارثي للعراق والذي كان المقدمة لتكوين شرق أوسط جديد ـ حسب النظرية البوشية ـ وبعد سقوط بغداد الفاجع ، والذي تصادف ذكراه المشؤومة السابعة ، بدأت أمريكا بإنشاء صحف وإذاعات وتلفزة ، موجهة للدول العربية ، في محاولة منها لتلطيف جريمتها الكبرى ولتلميع صورتها القذرة المشوهة ، ولتوجيه الرأي العام العربي نحو عدو لهم غير إسرائيل " المستفيد الأكبر من احتلال العراق " فكان أن وجهت أمريكا " إذاعة سوا " و " قناة الحرة " لبث السموم في فضاء الشعب العربي ، واشتروا لهما كثيرا من إعلاميي التلفزة العربية البارزين ، وسخروا لهما أموالا طائلة في محاولة لتحقيق أهدافها ((كدولة منتصرة ، وصاحبة لمشروع الشرق الأوسط الجديد ))

لكن لم تستطع هذه الدعاية رغم كل ما جندته لها ـ وبحمد الله ـ أن تحقق أيا من الأهداف التي وجدت من أجلها ، واعترفوا بفشلهم ، وهزيمتهم ..

وحين عجزت أمريكا وأذنابها عن توجيه الشراع حسبما تقتضيه مصالحهم ، وحين أفلست أدواتهم الإعلامية ، وانكشف كذبها وزيفها ، ولمسوا فشلها الذريع ، واعترفوا به ، كان لابد من غزو من نوع آخر ، مضمون النتائج ، ولا يكلف كثيرا ، ولا يحتاج لما تحتاج إليه القنوات الإخبارية مثلا ، من معدات هائلة ومتطورة ، واستديوهات متعددة الأغراض ، وإعلاميين ومراسلين ومحررين ومذيعين ومذيعات وما يلحق بذلك من مستلزمات الظهور التلفزيوني الدائم ..

وبدأت سلسلة المحطات الوليدة الهجينة ، تغزونا في عقر بيوتنا هذه المرة ، وبين أطفالنا ونسائنا ، وفي غرف نومنا ، في سابقة خطيرة جدا .. فكما كانت الهجمة الأمريكية على العراق والمنطقة مدعومة بالسيوف العربية وبالمال العربي وبالنفط العربي وبالماء العربي ، برا وبحرا وجوا ، فإن الهجمة الإعلامية هذه نسخة طبق الأصل ، بشكل أو بآخر ..

***

في السياسة نَصِف إعلامًا ما بأنه : إعلام مأجور أو عميل أو معادٍ أو مغرض أو مدسوس أو متواطئ ، أو بكل ذلك ...

فبماذا يوصف الآن إعلام الشاشات الراقصة التي تبث عهرها ـ ويتباهون ـ أربعًا وعشرين ساعة في اليوم ، وسبعة أيام في الأسبوع ؟؟؟

هل ذلك هو الفن ؟؟

من حيث المبدأ ، أنا لست ضد الفن ، بل أنا أحب جميع أنواع الفن ، بكل ما تحمل الكلمة من معنى إيجابي ، وعندما يكون الفن ذا رسالة إنسانية أو أخلاقية أو أدبية أو علمية ... أيًا تكن الرسالة ، المهم أن تكون ذا غاية نبيلة ..
فإذا جُرّدَ الفن من ثوبه ذاك ، فهل يبقى فنا ؟؟

لن أعود إلى فكرة الفن الملتزم ، لكن سأعود إلى إعلام الشاشات الساقطة لأتساءل وأسأل بكل موضوعية :

ألا تخجلون من عائلاتكم وأمهاتكم وزوجاتكم وبناتكم وأخواتكم حينما تشاهدون معًا ما تبثه قنواتكم أيها المحترمون ؟؟؟
ألا تخجلون ـ أيضا ـ أيها المخرجون المحترمون من لقطات كاميراتكم المليئة بكل أنواع العهر الرخيص والبذيء حينما تشاهدونها مع أسركم ؟؟

***
إن العدو لا يلام على ما يفعل بعدوه .. فهل أنتم من أعدائنا ؟؟

***

أيهما أكثر خطورة : التلفزة أم الإنترنت ؟؟
أنا أقول : التلفزة أشد خطورة بكثير جدا ..

فالتلفزة متاحة للجميع ، وفي كل البيوت ، بل في بعض الدول العربية ، في كل غرفة يوجد تلفزيون ، ولكل فرد من أفراد العائلة تلفزيونه الخاص مع ملحقات الاستقبال الفضائي ، وهي أداة رخيصة الاستخدام بل شبه مجانية ، ومتوفرة على مدار الساعة ، ومتعددة الخيارات بوجود آلاف القنوات ..

هل هذه القنوات مشاريع تجارية ؟؟

نعم ، إنها مشاريع تجارية حتما .. ففيها أموال كبيرة موظفة ولا بد من عائد ربحي لها ، وهذه أبسط قواعد التجارة ..

لكنها تجارة استهلاكية ، تستهلكنا وتستهلك كل العاملين فيها ، وكل الذين نراهم على شاشاتهم ، وكل الذين يعملون وراء الكاميرات وأمامها وفي الكواليس

من هم ضحاياها ؟؟

ضحاياها بالملايين .. نحن وأسرنا وأطفالنا وأجيالنا وقضايانا ومستقبلنا وفكرنا وثقافتنا وعقائدنا وتراثنا .. كل هؤلاء ضحايا لهم بشكل مباشر أو غير مباشر ..

وثمة ضحايا أخريات هنَّ الوسيلة وهنَّ أدوات النصب الأساسية التي تقوم عليها استثمارات المستثمرين ، وأعتقد أن أسبابا كثيرة أجبرتهنَّ على أن يكنَّ سلعة رخيصة (ولا أريد الآن الغوص فيها) ، وبالتالي ، هنَّ ضحايا لرأس المال القذر ، الذي لا يكون إلا مستغِلا وفي أسوأ الظروف وأبشعها ..


وأعتقد أن المسؤولية الأخلاقية أولا تقع علينا إذا استجبنا لمغريات هؤلاء وسايرناهم في جريمتهم ، ووقفنا منها موقف المتفرج الأبكم ..

وتقع المسؤولية بكل أشكالها ، أيضا ، على من يملك أو يستثمر تلك القنوات ، فلولا أمواله القذرة أصلا لما عرض لنا ما يُعرض .. يشاركه في هذه المسؤولية : المخططون والمبرمجون والمشاركون والمستفيدون وأصحاب المصلحة والمحرضون والمنفذون ، وكل من له صلة منذ اللحظة الأولى للفكرة البشعة ، وحتى انتشار الوهج الأبشع لقنواتهم ..

وثمة مسؤولية أخرى تقع على الجهة التي تسمح لهم بذلك النوع من الإتجار الموسوم بشبهة التنكر لقيم مجتمعاتنا وعقائده ..

{وبعض هؤلاء المسؤولين عن أقمار البث العربية أدوا دورهم ( بأمانة وإخلاص ) ـ يشكرون عليه كثيرا ـ حين حاولوا وقف بث قناة المنار ، في وقتٍ عجز العالم كله عن إسكاتها ، وكان من أهم أهداف حرب العدو الصهيوني على لبنان عام 2006 إسكات قناة المنار ..
وكذلك حين أوقفوا بث قناة العالم مرات متعددة } ..

من هنا يجب أن ندرك ، كم يلعب الإعلام دورا خطيرا ، حتى يدفع بأعدائنا ليحاربونا وبأسلحتنا ، فيما بعض إعلامنا يشاركهم بتوجيه سهامه إلى نحورنا ..

أليس هذا الدور مشابها لدورهم في احتلال العراق ؟؟؟؟؟


lovenubbol@yahoo.com
lovenubbol@hotmail.com

السبت/10/نيسان/2010
يوسف رشيد