حلب ـ
مطارحات العشاق
كتبتْ لي
صديقة عزيزة ، تصبّحُ عليَّ بصباح ، تعرف أني أتشهّاه :
( صباح الخير ، وصباح جميل من حلب .. كيف حالك ؟
كنت أقرأ للأستاذ وليد إخلاصي ، فوجدت
له كلمات يتحدث فيها عن حلب ، أحببت أن أشاركك إياها .. يقول :
" كلما اقتربت منها اشتقت إليها ،
أفارقها لكنها لا تفارقني ، وإذ أعود إليها أحبها أكثر ..
وكلما عرفتها أكثر وأكثر ، تبين لي ،
أن جهلي بمن أحب يدفعني إلى اكتشافها من جديد ..
والكشف كالفراق .. فيهما ألم ممتع ،
ومتعة ليس لها حدود " ..
أدامكِ الله يا حلب ، أدامك رمزاً
تاريخيا عظيما بأبنائه وبحضارته ..
تحيتي إليكَ من حلب وصباحك سعيد دائما ) ..
كتبت رادًّا :
يا صباحووو ..
في البدء : " كلما " الأستاذ وليد
إخلاصي ، ذكرتني بـ " كلما " الشاعر محمود درويش :
( كلما مرّتْ خطايَ على طريق ،
فرّتِ الطرقُ البعيدة والقريبة
كلما آخَيْتُ عاصمة ،
رَمَتـْنِي بالحقيبة ) ..
وبعد ..
كلما اقتربتُ منها ازددتُ عشقا لها .. نعم ..
أفارقها على كرهٍ مني .. ولم تفارقني أبداااا ..
نعم ..
أحببتها ، وأحبها ، وأحب من يحبها ، ولن يهدأ حبي
، ولن يمل ، ولن يتقاعد .. نعم ..
لكني أخشى ـ بعد طول الفراق ـ أن تتزيا بما لا
يناسب عشقنا ، ولا يحلو به سَهَرُ وسَمَرُ العشاق ..
أخشى أن تغيّر جلدها ولون عينيها ، وتستعير شَعرا
وجدائل ، وتتزين بمساحيق مزيفةٍ ، تشوِّهُ بها خلقتها الربانية البديعة ..
فلا بأس من إعادة الكشف عنها ، لتشخيص آلامها ،
ومعاناتها ..
لكن .. عذرا صديقي أبا خالد الإخلاصي ، فأنا لن
أباريك ، ولن أستطيع أن أجاريك :
شتان بين الكشف / الاكتشاف ، والفراق ..
ففي " الاكتشاف متعة وتعب " ، لكنهما
سرعان ما يزولان أمام الكشف عن أول هبة من التاريخ ، أو أول غنجةٍ وضّاءةٍ لسِفر
الحضارة ..
فيما الفراق كله ألمٌ مُمِضّ ، وتقليب مواجع ..
فـ :
لا يعرف الشوقَ إلا من يكابده .. ولا الصبابة إلا
من يعانيها
هل ارتوى عاشق من معشوق ؟!
هل يرتوي شاربٌ من ماء البحر ؟!
أنا العاشق الشارب ، وأنتِ البحر وماؤه المَوَّار
الفياض ، الذي لا أريد أن أرتوي منه عشقا ..
أنا العاشق ، وأنتِ المعشوقة المستبدة ..
المستبدة / الحانية على المتمرمغين في أحضان عزتكِ
وأنفتكِ ..
أنا العاشق الأوديبي ، وأنتِ العَطوفة على أبنائكِ
وعشاقكِ وطاعنيكِ وغادريكِ وشاتميكِ ولاعنيكِ وبائعات هواكِ ..
أنا العاشق ، وأنتِ النفورة النافرة من الناكرين
الماكرين الجاحدين المتأبلسين ..
وأنتِ الرؤوم لهم رغم اجتثاثهم قلبك ، ورميه
وتعفره وتجرثمه والتهابه بالافتئات عليه ، والاستقواء على شرايينه وأوردته وشغافه
..
غفرانكَ اللهم ..
غفرانكِ أمَّنا .. رحماكِ حبيبتنا ..
لن أرتوي ، ولن يرويني عشقك ..
إنها " حلبي " ..
والسلام ختام ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق