الاثنين، 3 أكتوبر 2011

لا حول ولا قوة إلا بالله


لا حول ولا قوة إلا بالله

 من نِعَم الله تعالى على الناس كافة ، التي لا تعد ولا تحصى : نعمتا : البصر ، والبصيرة .. 
ومن نافلة القول أن نشير إلى أن بعض الناس يوصفون بأنهم : بعيدو النظر ، وبعضهم يوصفون بأنهم : قصيرو النظر ..

وفي الحالتين ، تكمن مشاكل ومتاعب كثيرة ، وإن كان " بعض الشر أهون من بعض " ..

فـ " بعيدو النظر " هم أصحاب البصيرة أيضا ، وهم من ينطبق عليهم قول الشاعر :
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم ..

وأما " قصيرو النظر " ، فهم ممن يقال فيهم : " لا لِسَان حلو ولا .... ناعمة " ..
وهم أولئك الذين لا يرون أبعد من أرنبة أنوفهم ، وبالتالي ، يحكمون على الأشياء الصغيرة بما يناسب رؤيتهم " المُضخَّمَة " لها بسبب قربها اللصيق بأنوفهم ، ولأن بصرهم عليل أصلا ..

وبسبب الظروف المرضية الاستثنائية التي نمر بها ، تخندق كثيرون في خندقين متواجهين ، يُستخدَمان للدفاع وللهجوم في آن ، رغم أن البيئة " الخندقية " لا تحتمل أن يُستخدَم الخندق الواحد في تلك الحالتين ، نظرا لاختلاف الشروط والظروف الدفاعية التكتيكية والاستراتيجية عن شروط وظروف الهجوم واستراتيجياته وتكتيكاته وشروط نجاحه .... إلخ ...

وإذا كانت النظرة " الجغرافية " للخندقين تؤكد امتدادهما أفقيا ، إلا أنه في واقع الأمر ، يمتد هذان الخندقان شاقوليا أيضا ، في جسم المجتمع وبؤر تفكيره ، ومستويات أحلامه وطموحاته ، وأماني العيش الحر الكريم المشترك ..

وفي ظلال ذلك ، نمت وترعرعت كثير من المفردات والجمل والمقاطع والأشعار والزجليات والعتابات والميجانا والمواويل ، بحيث تكاد تضيق الفضاءات السمعية والبصرية عن اللحاق بكل ما يذاع وينشر ، وصار كل شيء طافيا على السطح بطريقة فيها كثير من العشوائية التي لا تختلف عن العشوائيات في أي مكان " عشوائي " ..

ويأتي مَن يختاركَ " من بين الكل " ، ويخيّرك ويحيّرك ، ليطالبك بتأييد موقفه ، وعلى علاته ، ودون أن تعرف من هو الذي يطالبك ؟ ولماذا ؟ وما الدافع ؟ ومن يقف وراء الدعوة ؟ ومن المستفيد ؟ وما النتيجة ؟ ومن الرابح ومن الخاسر ؟ وكم نسبة الربح مقابل الخسارة ؟ و ... و....

وبعضهم يشطح به الخيال ، فيُسوّق لك نفسه على أنه من وزن الفيل ، وهو في واقع الحال ، أخف من وزن الذبابة ، ويريد منك أن تصدق أنه " فيل " وليس " ذبابة " .. تحاول أن تقنعه بواقعية وزنه ، فتصبح ممن " لم يشرب بعد من نهر الجنون " ، وما عليك سوى أن تشرب من ذلك النهر ، حتى تكون " إنسانا " مثلك مثل من سبقك بالشرب .. 

وبعضهم ، يطالبك بتحديد موقعك على الخريطة الجغرافية والسياسية ، من باب : إن لم تكن معنا ، فأنت ضدنا .. و " الحرب بيننا " .. وسـَ .. وسـَ ... وسـَ ... ويا لطيف ألطف ..

وبعضهم يهمس في أذنك ، نافيا عنك أية مروءة أو شجاعة أو حرية أو كرامة أو دم أو حياء أو وطنية .... إلا إذا كنت مؤيدا لآرائه وتوجهاته ومنصاعا لها ..  فلا يقبل منك حوارا ولا مهادنة ، ولا أنصاف حلول يمكن أن تسمح لكما باللقاء في منتصف المسافة ..

وفوق ذلك ، يطلب منك ـ كي يصدقك ـ ما يستحيل عليك تنفيذه ، بحيث يكبّلك ويلقيك في اليم ، ويطلب منك السباحة " براحتك وعلى ذوقك وكيفك " ..

وبعضهم يعيب عليك أن تكون " ممن يفكـّون الحرف " إلا إذا كنت تؤيده .. فإن لم تؤيده ، استكثر عليك كل شيء حتى الهواء الذي تتنفسه ، ويعدُّ نفسَه قد أجرَمَ بحق معتقداته " التخوينية أو التكفيرية أو السفسطائية أو السنسكريتية أو الفذلكاتية أو الغوغائية ....... ، ويحمّلك " ألف منيّة ، ومليون جميلة " ـ حسب رأي أولئك طبعا ـ في أتفه الأشياء قيمة ـ بمعاييرهم أيضا ـ ، من قبيل ما لا يتعدى " إضافة على قائمة " الأعدقاء " في الفيس بوك ، والتي لا تغني ولا تسمن " لكنها تتركك لأحزانك وآلامك متحسرا على قضاء بقية عمرك محروما من تلك " النعمة " الفيسبوكية العظمى " .. 

وبعضهم .... وبعضهم .........

فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ........


29/09/2011


" تريثت في نشر المقال إلى اليوم ، عامدا متعمدا " ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق