الخميس، 31 مايو 2012

ماشي الحال .. حديث الماشية


ماشي الحال .. حديث الماشية


 في بلادنا ، خلق الله تعالى أغنامَنا ، وحشّمَها بإِلْيَةٍ زادتْها بَهْكَنَةً ووقارًا ، وحسّنَتْ طعامَنا نكهةً ..
وخلق الله ماعِزَنا بذَنَبٍ يتراقص كالضَّب فوق مؤخرتها ، فلا هو حشّمَها ، ولا انتفعتْ به ، ولا نحن انتفعْنا منه ..
وإن كان ثمة أنواعٌ أخرى من الأغنام في العالم ، أنعم الله عليها بـ " ذَنَبٍ " يساويها بشقيقاتها " الماعِزات " ، ويضع حدًّا لصراعٍ تاريخي ، نشبَ بينهما في بلادنا ، ويبدو أنه سيبقى مستعِرا إلى ما يشاء الله ..
وما يعنينا الآن ، هو أغنامنا وماعِزنا ..
فكلُّ شعبٍ حرٌّ بـ " غنماته وماعِزاته " ..

وإذ يغلِبُ اللونُ الأسودُ على ماعِزنا " الوطني " ، فهي كذلك ، من الحيوانات النشيطة والقوية والعنيدة إلى حد البجاحة والوقاحة " إن صح التعبير " ..
لكنها صاحبة فضلٍ كبير على السوريين الذين يَستنكِهون الجبنَ المصتّع من حليبها ..
فيُقال : " خود من هالجبن العزيزي وسَيّخْ " ، ذلك ، لأن الجُبنَ الممتازَ هو المُصَنَّعُ من حليب الماعز ، الذي يتميز بنقاء ونصاعة لونه الأبيض ، وبقابليته لتصنيعه شللًا وجدائل مجدولةً ، ترضي الأذواقَ والكروش ..
وَذَكَرُ الماعز هو الـ " تيس " ..
وهو غَنِيٌّ عن التعريف ..
ويكفي أن نشيرَ إليه بمَثَلٍ واحدٍ شائع :
" نقول له : تيس ، يقول : احلبو " ..
وهل يُحْلَبُ تيسٌ ؟!

أما الأغنام .. فهي " المسكينة الوديعة الهادئة المُهادِنة المتفانية الحَييَّة الطيوبة " ..
ولأنها كذلك ، فهي المُتلَعَة للذبح غالبا ، والمرغوبة جدا بكل ما فيها ، لحمًا ودهنًا وحليبًا وخِرافا وصوفًا وقَشَّةً أيضا ، وفي كل الظروف والمناسبات والأفراح والأتراح ...

والغنمة ، مَضرب المَثل ، بقولهم " فلان متل الغنمة " .. وذاك شيء يشبه الشتيمة لمن يُوصَف بها ..
ويتصف الصراع بين الغنم والماعز بأنه : أزلي ، وذو وجهين ..
الوجه الأول : تقمَّصَهُ البشرُ ، فأدلجوه ، وأدرجوه في أحوالهم السياسية وصراعاتهم ...
والوجه الثاني من الصراع ، وبالرغم من أزليته ، إلا أنه سلمي ، ولا يرقى لصراع الوجود والبقاء ، كما هو الحال لدى الحيوانات الأخرى ..
والصراع الأكثر شهرة ، والأبلغ تعبيرا ، يتجلى في حالةٍ من " التمييز والتفاوت " بين الماعز والأغنام ، نابعةٍ من كون الغنمة قد خلقها الله تعالى ، مستورةَ العورة بإِلْيَتِها ، فاعتاد الناس عليها في تلك الصورة والخِلقة ..
مثلما اعتادوا على الماعز ، بانطلاقتها اللامبالية ، وبذنَبِها الذي يزيدها فضيحة ، باهتزازات وتنبيهات ذات دلالات مشبوهة ..
وهي خِلقة ربانية أيضا !!..

وبحكم هذا الاعتياد ، فإذا ما اهتزت إِلْيَةُ الغنمة قليلا ، أو تزحزحت عن مكانها الطبيعي المعتاد ، ثارت ثائرة " الغيارى " خبثا ومكرا ، مستنكِرين مستهجِنين غاضبين ..
بينما ، هم أنفسهم ، لا يأبهون لحالة الماعز ، التي لم تعرفْ في حياتها سوى " السفور العاهر الفاضح " ، حتى صارت مثَلا يُستدَلُّ به على تسيُّبٍ وانفلاشٍ مغضوضِ الطرْفِ عنهما نهائيا ، فقيل :
" طول عمرها العنزة مكشفة ما حدا شافها !! " .
ويُكتَفى ـ عادةً ـ بالمَثَل هكذا ، لأن تتمَّتَهُ معلومة لدى المستمع ، ويُقصَدُ بها :
" أما الغنمة إذا تزحزحتْ إِلْيَتُها ، فيا غِيرةَ الدين !! " .

من هنا جاء هذا التمييز الأبلق ، الذي أَمَضَّ نفوسَ ضحاياه ، فلاقى منهم كثيرا من الانتقاد والهجوم على مؤدلجيه ومستغِلّيه لأغراضهم الدنيئة ..

وإن أبرز الأمثلة التطبيقية البلقاء ، للتمييز الأبلق وأغراضه الدنيئة ، يتجسّد في الكيان الصهيوني وأعوانه وأنصاره ومؤيديه ..
فهو المثال الأوضح ، والنموذج الأصدق للحالة " الماعزية " ..
بينما أعداء الكيان الصهيوني ، هم كـ الأغنام في أنظار أعوانه وأنصاره ومؤيديه ..

الخميس ـ 31/05/2012

الاثنين، 28 مايو 2012

"جظ مظ " تاريخي ..


"جظ مظ " تاريخي .. 


قبل أكثر من أربعين عاما ، وبالتحديد في صيف عام 1969 ، تناولت وجبة من الـ " جظ مظ " ، لم أذق مثل طعمها حتى اليوم .. 
وقبل أن أمضي في الشرح والتوصيف ، سأتساءل : هل ثمة من لا يعرف الـ " جظ مط " ؟؟ 
ببساطة : هي وجبة سريعة التحضير وإسعافية وشعبية وشهيرة وقليلة الكلفة وشهية وخفيفة على المعدة .. 
وهي عبارة عن بندورة مطبوخة ، يضاف عليها البيض المقلي بالزيت ، ولها إضافات " مزاجية " أخرى ، هي بمثابة التفاصيل أمام البندورة والبيض .. 
في ذلك الصيف ، استضافنا أحد أعضاء شلتنا الأخ الصديق أحمد أمين فارس .. وطال بنا المكوث ونحن نلعب الطرنيب ، فوافانا بالغداء .. 
وحين وضع أخوه بكري " الطنجرة " بجانبي ، رآني أنظر إليها بغضب ، فعاجلني قائلا : لا تخف ، ليس فيها بصل .. أمي تعرف رغبتك ، ولم تنسها .. 
حقا كانت وجبة رائعة استحقت الخلود طيلة تلك السنوات ، بلونها القاني ، وبمذاقها الشهي ، وبمهارة التحضير والطبخ ، وبسلاسة التناول ... وبصحبةٍ ولا أبهى .. 
ومذ ذاك ، أكلتها آلاف المرات ربما ، لكن ليست كتلك .. 
أما اليوم ، فقد انتقمت من تلك الآلاف ، بوجبة ، هي تماما كوجبتنا من يدي خالتنا أم أحمد .. رحمها الله ..  



الجمعة، 25 مايو 2012

شطآن الروح


شطآن الروح

كان الاختيار سيد الموقف ..

وبالأريحية المُشتهاة ، تمتعْنا بصفاء الغواية ، وذابت عناوين الرؤيا ..

ليس الصباح بعيدا عن القلب ، فقد استفاق مُشبَعًا ، مُنفرِجَ الأسارير ..

وليس المدى موجوعا ..

لكن الرؤية محدودة بالأمل المُصاحِب ..

كل ما في الأمر ، أنه :

" وكيف أهرب منه ؟!

إنه قـَـدَرِي ..

وهل يملك النهرُ تغييرًا لمَجْرَاهُ ؟! " ..

فـَ " ماذا سأقولُ له " يا شطآن الروح ،

ويا " رخامية الصدى " ؟!

يا درة الزمان .. يا سيدة العَطايا ..

يا مأثرة الخلد .. يا ربانية المحيّا ..

دثرينا بأندائك ، واغفري لنا أشلاءَ الذنوب ..

ولا تقبلي توبتي بعيدا عن أجفان الياسمين ..

إنا ننتظر : " وهزّي إليكِ بجذع النخلة " ..
.
.
السبت ـ 26/05/2012

الخميس، 24 مايو 2012

سألني صاحبي


سألني صاحبي


سألني صاحبي ، قال :
 هل يجب أن تؤدي الخلافات والاختلافات إلى الاستنفار والنفير والتنافر والتناحر والتشاجر والتراشق والتلاسن والتناثر والاستنثار والتباين والتغابن والتباغض والتلاعن والتفرقة والتمزق والتصغير والتكبير والهجاء والتقديح والتذميم والتحقير والتحجيم والقصقصة والهمهمة والغمغمة والنمنمة والشيطنة والسعدنة والملعنة والمسكنة والبسبسة والفأفأة واللملمة والجَمجمة والإلغاء والتحاذف والتقاذف والتحاظر والتحاجب والتحجب والاحتجاب والتحجيب والتعارك والتعريك والعراك والمعركة والصف والوصف والاصطفاف والتوصيف والتواصف والإسفار والتسفير والتهجير والتعويل والتظهير والتحديد والتمرير والتغيير ؟؟!! ..

وأضاف : 
ألا ترى أن كل ذلك ، يتم مباشرة حينا ، وبالمراسلة أحيانا ، على طريقة : الكلام للكنة ، واسمعي يا جارة ؟؟!!...
قلت له : 
يا صاحبي ، منذ يفاعتي ، أبي ـ رحمه الله ـ علمني أن : 
"
كل شيء إذا فسَدَ ، فالملح دواؤه .. 
أما الملح إذا فسَدَ فلالالا دواء له " .. 
وعلى الدنيا السلام ... 

لذااااااااااااا : 

ازرعْ جميلاً ولو في غير موضعــه فلا يضيع جميلٌ أينما زُرعا
إن الجميل وإن طـــــال الزمان بــه فليس يحصده إلا الذي زرعا

الجمعة ـ 02/03/2012

وصيتي على سطح البحر


وصيتي على سطح البحر


كيف سأبحر في سفينتكَ بلا شراع ؟!  
كيف ستغفو عيناي في أحضان الريح ؟! 
كيف سأكتبُ وصيتي على سطح البحر الهائج ؟!  
كيف أناجي طيفكَ على بوابات أباريق الزيت الحبلى ؟! 

يا أيتها العِذاب  ..
يا أيتها المزامير .. 

آنَ أنْ تغترفي من شراييني أنشودَتي ..
ونغني معًا للقمح والغياب  ..

قال لي : 

هو : صديقي حتى الثمالة ، وفوق الأشعة البنفسجية ، ووراءَ الخطوط الحمر ، وأعلى من أعلى تصنيف ، ولا يحدُّه حدّ ، ولا يطاوله مدى .. 

هو النصفان : الأول ، والأول  ..

رسالة إس إم إس :

لكِ أن تخرجي من معطفي ،
وتأخذيه معك ، فلن ينتابني برد .. 

لكن ، تدَثَّرِي به جيدًا كي لا يجرفكِ الطوفان ..


" يجب الذي يجب " :

يجب أن نعتاد ونتعايش مع ثقافة الاختلاف تحت سقف الوطن .. 
يجب أن نمتلك قدرة الحوار الوطني تحت سقف الوطن .. 
يجب أن نؤمن أن الوطن للجميع ، وكلنا في مركب واحد  ..
يجب أن نتمسك بالمواطَنة والهوية والمصير .. 
يجب أن نعمل لغدٍ أفضل لأجيالنا وأهلنا ووطننا .. 

هل يجب الذي يجب ؟؟

هكذا قال محمود درويش :
(يجب الذي يجب .. يدعو لأندلس إن حُوصِرَتْ حلبُ) .. 


أقانيم الطبيعة :

إذ تعود الطيور من هجرتها ، تبدو في الأفق راياتُ الأحبة ، ونسمع أغنياتٍ من حوريات الشجر .. 

أيها الشفق الطالعُ من بيت العنكبوت ، لا تترك السماء والأرض بغير عناق .. 

فلتتضمخِ السنابل بعبير الهوى والياسمين .. 

ويا عبيرَ عينيها ، اغتسلْ بالحناء الدامي .. 

احملْ للكون أناشيدَ من الحلم والبنفسج الوطني الآسر .. 

دَثَّرْني أيها العبير، ولا تنسَ أنَّ الوجعَ يصاحبني كقدري .. 

خذْ رؤايَ وبعضًا من دمي ، واصبغْ بهما وجهَ الشرانق التي تكره لنا الحياة .. 

يا نشيجَ الروح : 

لماذا لا تنسجم أقانيم الطبيعة إلا في فضاءاتٍ لا أجدُها ؟!



دردشات


دردشات

 قالت : تعبتُ من الاستراحة   .. 
قلت : تعبتُ من الملل .. 
قالت : سئمتُ .. 
قلت : لا تنتظري سرابًا .. 
قالت : أحبُّ الحياة .. 
قلت : اذهبي إليها ..
قالت : أريد طاووسًا ..
قلت : كلنا طواويس ..
قالت : .............. .. 
قلت : نعم ، معكِ حق ..
قالت : إنكَ مجنون ..
قلت : " وافَقَ شَنٌّ طبَقَة " ..
...
قالت : صباح الخير ...
هههههههه لم أرد ......    


منفى المنافي :

 الفقر في الوطن غربة ..  " 

والغِنى في الغربة ، غربة .. 

والفقر في الغربة ، منفى .. 

والغربة في الغربة ، منفى المنافي  ..

الخاصرة : 

من خاصرةٍ ملوثةٍ بكل الموبقات .. 

خاصرةٍ بَقَرَتْها الريحُ ، فتَشَظـَّتْ .. 

خاصرةٍ ، فيها النمل ، لا يعتزُّ بثقبِ الأرض " الذي وصّفه مظفر النواب في وترياته الليلية  .." 

هنا الخاصرةُ الثملى والثكلى والمترملة .. 

الموبوءة والموجوعة والملتاعة .. 

المتراقصة والمترنحة ، والعارية من كل الأوراق ..

هنا الخاصرة ، الـ تنزُّ قيحًا وصديدًا وآهاتٍ .. 

الـ تتمطى فوق سريرٍ من العُهْر وبقاياه وآثاره ،

الـ دنّسَهُ كلُّ زناةِ التاريخ وفاتحيه ، وتلفَّعوا بشراشفه وقتَ الظهيرة الدامية ..

هنا الخاصرة ، هنا الخاصرة .. 

الجانية الماجنة .. الباغية الفاجرة .. 

الغدّارة القاتلة .. الملعونة السافرة  ..


لعلَّ ..

لعل شمسنا اليوم أكثر دلعا ولطفا  ..

لعل صباحنا أجمل من مسائنا .. 

لعل قهوتنا أكثر عبقا بـ هالها ومسكتها .. 

لعل بَيْضَ دجاجاتنا أكبر .. 

لعل أمنياتنا اليوم قابلة للحياة .. 

لعل الحميمية تتكاثر بين الخُدَّج من أطفالنا .. 

لعل هدوء العاصفة لا يعقبه زلزال .. 

لعل أفراح العصافير لا يغتالها مُحِبٌّ أحمق .. 

لعل .. لعله .. لعلها .. لعلهم .. لعلنا .. لعلكم .. لعلهن ...



ياااااااااااااا :

ــ لا أعرف كيف انغرسَتْ شوكــةُ حبِّكَ في قلبي ؟

إذا نزعتـُها ، سالَ دمي  ..

وإذا تركتـُها ، زاد ألمِي  ..

فكيف بإمكاني أن أعيش ؟

ياااااااااااااا وطني  !!!


الخضراء ، والشهباء ، والفيحاء :

هذه قصيدة نظمها الشاعر التونسي أحمد الغربي ، ولحنها الفنان سليم سروة لصناجة العرب صباح فخري ، الذي أداها أروع أداء في موال ساحر .. 

وسأستبدلُ بوَصْفِ تونس ( الخضراء )
وَصْفَ دمشقَ ( الفيحاء ) ، وعليه تصبح القصيدة : 

سَلِي فؤادِي عَن ( الفيحاءِ ) يا حَلبُ 

لِلهِ كــمْ حُسْـنُها إلـيْـكِ يَنـْتَسِـبُ 

تَقَسَّمَ القلْـبُ فِي نِصْفَـيْـن بَيْنَكمَا 

عَلى السّوَاءِ ، فلا فَرْقٌ وَلا رُتـَبُ 

كانَ اللـِّقاءُ بها في أرْضِ مَوْطِنِهَا 

في ليْـلةٍ عَـمَّ فِيها الأنْسُ والطـَّرَبُ 

تَـبَارَكَ اللهُ ... كمْ جَلـَّتْ مَحَاسِنُها 

عن الحُــلِيّ ، فلا دُرٌّ ، ولا ذهَــبُ 

رَشِيقةُ القـَدِّ ، طَلـْقُ الوَجْهِ ، ضَامِرَةٌ 

يَزيْـنُها اثنان : حُسْنُ الذوْق والأدَبُ  ...

....

أدْرَكتُ مَعنَى الهَوى مِن وَحْي مُقلتِها 

يا هل تُرى نَشَرَتْ آيَاتِـه الكتـُبُ ؟

إذا تلـَقّتْ فـصِـيْحَ اللـّحْنِ مِن حَلبٍ 

تكـادُ مِن نَفَحَـاتِ الشّوق تَـلتَهِـبُ 

فكُـنْـتُ أُسْمِعُـها مِـمّا يُخَـالِجُـنِي 

شَوْقُ العَوَاطِفِ في الألحَان يَنسَكِبُ 

يا رَبّ لا تَقْطَعِ ( الفيحاءَ ) عَن صِلَتِي 

الحُـبُّ مَفْـخَـرَةٌ غَـنّـتْ بـِهِ العَـرَبُ 
...........
.
عذرا من الشاعر ( هكذا اقتضى الحال  ..